جاهين ومكاوي والأبنودي.. ثلاثة جمعهم الموت والثورة
كتبت - نسمة فرج:
الحادي والعشرون من شهر أبريل، اليوم الذي يجمع ذكرى وفاة الشاعر صلاح جاهين في منتصف الثمانينيات، والملحن سيد مكاوي في النصف الثاني من التسعينيات، وأخيراً الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي رحل العام الماضي في نفس اليوم.
جمعت الثلاثة علاقة صداقة قوية، وكذلك علاقة فنية أثرت تاريخ الأبداع من كلمات صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي وألحان سيد مكاوي، كما اجتمع الثلاثة على فكرة الثورة.
صلاح جاهين
ارتبط قلمه بالمجال السياسي فكانت ثورة 23 يوليو مصدر إلهام له ولمثله من شعراء، وخلّد جاهين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في الكثير أعماله، أبرزها عندما أهدى لروحه رباعية في ذكرى ميلاده قال فيها: في ذكرى لحظة مولدك.. بنؤيدك، يا أيها المصري العظيم.. وبنوعدك، مهما غبت.. هنوجدك، مصر هترجع مرة تانية.. تولدك
وجاءت نكسة 1967 وأصبحت حجر الأساس لرباعياته التي أعلن دشن خلالها أطروحات سياسية تفسر الواقع السياسي الذي تعيشه مصر ورجالها.
كما لم ينس أحدهم رائعة سيد مكاوي وأغنيته الثورية "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" التي كانت أحد أبرز أعمال الثلاثى الأسطورى صلاح جاهين وإنتاج وغناء السندريلا سعاد حسنى واخراج حسين كمال التى قدمت لأول مرة احتفاء بحرب السادس من أكتوبر 1973.
سيد مكاوي
قدم سيد مكاوي، العديد من الأغاني الوطنية بالتعاون مع رفيق دربه صلاح جاهين، الجميلة، وكان أولها نشيد "حنحارب" الذي كتب كلماته صلاح جاهين، وقدمه مكاوي عام بعد العدوان الثلاثي الغاشم على مصر، وبعد قصف مدرسة "بحر البقر" قدموا "الدرس انتهي لموا الكراريس" بصوت الفنانة شادية.
عبد الرحمن الأبنودي
لم يتوقف الخال، عن النضال والتظاهر ضد الأنظمة الحاكمة لحظة، فقد عاصر جميع رؤساء مصر، بداية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتى الرئيس عبد الفتاح السيسي، متفاعلاً مع كل ما مرت به مصر من أحداث، مؤرخا وموثقا لها جميعا.
فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، تعرض "الخال" للسجن رغم أنه كانت تربطه بالرئيس وقتها محبة كبيرة، كان الأبنودى معارضًا للرئيس السادات، خاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد، فألقى "الخال" فى فبراير 1981 خلال عيد الطلاب قصيدته "المد والجزر" التى تنبأ فيها بمقتل السادات، وفي نفس التوقيت كتب قصيدته "لا شك أنك مجنون".
وعن عهد مبارك، فقد رأى الأبنودي أن هذا النظام ذاهب بالبلاد إلى هاوية لا محالة، فأصدر ديوانه الشعري "المشروع والممنوع" الذى ينتقد فيه مبارك ونظامه، محذرًا من قيام ثورة ضد مبارك ونظامه، فانفجرت بالفعل في 25 يناير، وتفاعل الأبنودي معها ومع الشباب، فانتشرت قصيدته "الميدان"، التى كان الثوار يحفظونها.
وعن موقفه من جماعة الإخوان، فكان من أشد المعارضين لحكم الجماعة، وكثيرا ما انتقد سياساتهم وكتب المربعات التي كانت تنشر في جريدة التحرير.
أما العلاقة الصداقة بين الثلاثة بدأت حكاية صلاح جاهين وسيد مكاوى بلقاء على مقهى "النشاط" بحى المنيرة، ففى يومِ ذهب جاهين ليبحث عن المطرب والملحن الذى تُذاع أغنيته فى الراديو دائمًا: "آخر حلاوة ما فيش كدا، ما تيالا يا مسعدة نروح السيدة" إلى أن وجده على المقهى، ومُنذ ذلك اللقاء استمر تعاون الثُنائى الفني فكان جاهين يكتُب ومكاوى يُترجم الكلمات إلى ألحان.
بعد وفاة جاهين أعاد مكاوي تقديم الرباعيات بصوته ومن دون استخدام موسيقى تلفت الانتباه، حيث اكتفى وقتها بأربع آلات فقط، وكأنه كان يهدف إلى صب الانتباه على كلمات جاهين فقط من دون أي إضافات فنية عليها.
وقبل وفاة مكاوي بعام تقريباً، خرجت للنور لأول مرة أغنية كانت من كلمات جاهين ولحن مكاوي: كان في زمان يا حبيبتي، وقد كتبت ولحنت في السبعينات ولم ترَ النور.
اما علاقة الخال بصلاح جاهين فكان من أوائل من آمن بموهبة الخال وأول من سعى لتقديمه، حيث كتب عنه معرفاً إياه للجمهور في الباب المسؤول عنه آنذاك في مجلة صباح الخير.
كما أن أول ديوان تم نشره للأبنودي: عماليات، صدر من دار ابن عروس للنشر، والتي كان يملكها جاهين، في المقابل كانت عطيات الأبنودي الزوجة الأولى لعبد الرحمن هي من قامت بجمع وتنسيق الأعمال الكاملة لجاهين، حتى يتم توثيقها، والمفارقة الأهم كانت في وجود عبد الرحمن الأبنودي في إنجلترا، من خلال مرافقته لزوجته عطيات أثناء دراستها للسينما في الوقت نفسه الذي توفي فيه جاهين في أحد مستشفيات إنجلترا، ليصبح الأبنودي رفيقاً له في وفاته في الغربة، وكأنه يرد له جميل بدايته على يد جاهين.
على المستوي الفني جمعت عبد الرحمن الأبنودي ومكاوي العديد من الأعمال الفنية وأبرزها في الليل أنا الإنسان، وكان عبد الرحمن الأبنودي أول من تصدي للحملة الشرسة التي تعرض لها مكاوي من مجلة روزاليوسف أثناء الجزء الجديد من المسحراتي بسبب خطأ لا ذنب لمكاوي فيه، ولكن كان هو من هاجمته المجلة، وكان موقف الأبنودي وقتها من أهم ما ساعد على مواجهة ما حدث وقتها.
فيديو قد يعجبك: