في ذكرى تحرير سيناء.. "كل عيد واحنا متخانقين"
كتبت-إشراق أحمد ودعاء الفولي:
على مدار خمسة أعوام مضت، تلازم فيها نبض الشارع بالأحداث السياسية، صار للعيد الوطني شكل آخر، فبينما كان الإعلام يحتفي به قبل الثورة من خلال الأفلام والأغاني الوطنية، تكرر ظهور دعوات احتجاجية في السنوات الأخيرة بالتزامن مع مناسبات مختلفة، كما حدث بـ6 أكتوبر 2013، إذ وقعت اشتباكات دامية، وكذلك بذكرى ثورة 23 يوليو، يوم الشهيد 9 مارس، وأخيرا عيد تحرير سيناء. "خناقة" باتت تتسع بشكل أكبر مع تظاهر البعض ضد التنازل عن جزيرتي "تيران" و"صنافير"، بينما تمسّك آخرون بحقهم في الاحتفال بـ"العيد".
رامي محمد-اسم مستعار بناء على طلبه- أحد الشباب العازمين على المشاركة في تظاهرات اليوم، منذ يناير 2014، عزف الشاب العشريني الذي يؤكد عدم انتماؤه لأي كيان سياسي على المشاركة في أي دعوات، لكن الجمع المشارك في جمعة 15 إبريل الجاري؛ أعطاه الأمل مرة أخرى بإمكانية التعبير عن الرأي دون قيود.
عودة الجزيرتين "تيران وصنافير" ليس هدف "رامي" من النزول، لكن الرغبة الأساسية لقراره هو كسر حاجز الخوف والتخوين الذي يرى أنه يزيد منذ ثلاثة أعوام "أنا نازل عشان اللي عايز ينزل لما يبقى في تجمع معارض ميحسش أنه رايح يعمل عملية استشهادية".
"احنا بننزل عشان نظبط المسار"
يرى "رامي" أن النزول اليوم هو مظهر من مظاهر الوطنية سواء كان للتأييد أو المعارضة لكن الفارق "إن النظام فاتح الميادين للمؤيد وقافلها على المعارضين"، مشيرا إلى وقائع احتجاز للمارة من صحفيين وغيرهم، وأن اختيار المناسبات الوطنية ليس استهانة أو مخطط لإفساد الذكرى التاريخية كما يرى البعض "أحنا مش نازلين نبوظ المناسبة الوطنية أحنا نازلين نظبط مسار الذكرى"، موضحا أن الثورة والتظاهرات يوم 25 يناير في ذكرى الثورة لتوصيل رسالة "يا شرطة مسارك انحرف وبقيتي مهتمة أكتر بالسياسين مش زي زمان لما استبسلتي قدام العدو"، وهذه المرة للتعبير أن الجيش ليس فوق النقد وأن هناك انحراف في المسارات "شايفين أن في تفريط في الأرض".
"محتاجين مزيد من الاستقرار حاليا"، حسبما يرى ماجد شلبي، مدير السلامة الفنية والمهنية بإحدى الشركات. يعتقد "شلبي" أن التظاهرات لن تفضي إلى نتائج جيدة، مما جعله ينضم لفريق مؤيدي الاحتفال باليوم "بس بتفرج من البيت مش هنزل".
تبادل وجهات النظر حول ذكرى تحرير سيناء أو غيرها من الأحداث، صار أمرا مزعجا بالنسبة لـ"شلبي" "مواقع التواصل فتحت علينا فتحة كبيرة.. بقى كل اللي بيفهم وميفهمش يتكلم"، تتجدد المشادات مع كل حدث مختلف، غير أن اختلاف الناس يكون على مسميات "عيد الشرطة مثلا معروف من زمان إنه له سبب تاريخي، ده مش معناه إنه ساعة الثورة مفيش ناس ماتت، المناسبتين مش متعارضين مع بعض".
وعن تعمد اختيار الأعياد الوطنية للاحتجاج يرى "فهمي" أنه ليس مقصودا في كثير من الأحوال قائلا "مش احنا اللي ابرمنا الاتفاقية في إبريل"، وأن الدولة إذا أرادت حل الإشكالية والحفاظ على أرواح المواطنين، لحددت أماكن بعيدة للمواطنين سواء المؤيدين أو المعارضين.
من جانبه لن يشارك بسام الزويدي، باحتفالات اليوم أو التظاهرات، رغم ميله أن اليوم هو مناسبة وطنية ينبغي الاحتفاء بها "لكن في الآخر اللي عايز يتظاهر هو حر برضو"، يعتقد الشاب الثلاثيني أن ترك مساحة للشباب كي يتظاهروا أفضل من إغلاق كل المنافذ أمامهم "لو قفلوها عليهم الاحتقان هيزيد وفي الحالة دي هييجي على دماغ البلد كلها".
"اللي عايز يقرب يجرب"
التعامل الحاد مع المتجاوزين اليوم، هو ما تأمله عزة عبد القادر "زي ما بيقولوا اللي عايز يجرب يقرب"، ورغم مرور تظاهرات جمعة الأرض دون أزمات "بس ده ميمنعش إن الناس دول مش مننا"، ترفض السيدة الخمسينية بشكل قاطع خروج الناس للتظاهرات، وتؤيد الاحتفال بشدة "أحنا مش هنحب الأرض أكتر من السيسي والجيش.. هما أدرى بالمصلحة"، تعتقد أن خروج تظاهرات، ما هو إلا استغلال للظرف السياسي الحالي وأن تكرار دعوات التظاهر سواء في عيد الشرطة أو أكتوبر، ما هو إلا إرادة البعض للتنكيد على الشعب "واحنا ما بنصدق نفرح".
في الفترة الماضية لم يتفق "الزويدي" مع أي مظاهر اعتراض منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو على الأرض، ففي ذكرى ثورة يناير وعيد الشرطة "كان لازم الناس تحتفل لأننا كنا محتاجين نبعد عن النكد"، وكذلك الحال مع ذكرى انتصار 6 أكتوبر، إلا أن اليوم له وضع مختلف، فإذا لم تتعامل أجهزة الدولة مع المواطنين بشفافية ستزداد حدة الغضب "وكمان لازم يتفتح حوار في موضوع الجزيرتين مفيش حاجة هتتحل إلا بالكلام.. طول ما الدولة بتعمل كدة المظاهرات هتفضل".
"هناك رغبة من قبل البعض لمحو الذاكرة الوطنية للمصريين" يقول أحمد بلال، عضو تنسيقية 30 يونيو، معتبرا أن تكرار خروج التظاهرات في المناسبات الوطنية، أصبح ما يشبه الظاهرة، وما يجعله يضع علامة استفهام كما يقول.
لم يتقبل "بلال" فكرة التظاهرات التي حدثت في 6 أكتوبر، ولا 23 يوليو، ولا اعلاء نبرة الاحتجاج في 9 مارس حيث يوم الشهيد، واستشهاد الفريق عبد المنعم رياض والحديث بلهجة أنه يوم "انتهاك الجيش"، فيما يتم التغاضي عما فيه من قيمة تاريخية، لا يرفض الشاب الثلاثيني الاعتراض على مثل هذه الأمور، لكن لا يقبل التوقيت "هنخلي الجيل اللي جاي معندوش أي ذاكرة كل اللي عنده أيام ارتكب فيها الجيش خطأ".
"السلطة سبب الخناقة"
لن يشارك "بلال" في أي من الأحداث اليوم، يرى أن كل المؤشرات تدل على استغلال جماعة الإخوان المسلمين للحدث "أنا لن اصطف مع اسلامي"، في الوقت ذاته يصف حالة الطرفين بـ"محاكم تفتيش" يقيمها الجميع لبعضهم البعض، إذ يرفض الشاب نبرة التخوين "يعني أنا مؤيد للجيش لكن شايف أن الجزيرتين مصرية".
السلطة هي المسؤولة عن "الخناقة" الدائرة في رأي "بلال"، معتبرا أنه كان لابد من بدء الحديث عن بيع الجزيرتين من أول لحظة، بل حتى قبل أن يتم عقد الاتفاق "لكن هم سابوا الناس للبرامج التليفزيونية"، وهو ما جعل المواطن في حالة "مش عارف يعمل إيه" حسب قوله، فضلا عن التعامل الأمني الذي يرى أنه لا يدير الأمور بما يليق بها وهو ما يضاعف المشكلة قائلا "لو متعلمناش من الخمس سنين اللي فاتوا هنحتاج خمسين سنة عشان نتغير".
فيديو قد يعجبك: