إعلان

لماذا أوصى الشيخ مصطفى إسماعيل بأن يُدفن في منزله؟ (صور)

09:29 م الخميس 16 يونيو 2016

حوار مصراوى مع الابن الاكبر للشيخ مصطفى إسماعيل

كتب- أحمد الليثي ودعاء الفولي:

في زيارة لابنه الأكبر -عاطف- في ألمانيا، كانت الصدفة تقود الشيخ مصطفى إسماعيل لمصير ما بعد الحياة؛ حين لبّى الابن دعوة صديق له يقطن قصر كبير أشبه بالقلاع. كانت قدما القارئ الكبير تسير على مهل داخل المكان، تعلق بصره بالتحف المعمارية، الملاعب الشاسعة للتنس والسباحة وركض الخيل، شد انتباهه ذلك الركن المخصص لتربية الحيوانات الشرسة، حتى وقعت عينه على عدد من المقابر الفخمة كانت لعائلة صديق "عاطف"، فهاله ما رأى.. ظلت الفكرة تراوده وقبل رحيله بـ50 يوما، أفضت دردشة عابرة بين الأب وولده إلى تلك السيرة التي اختتمها بأمنيته في حلم التواجد وسط أسرته حتى بعد الرحيل، فكان له ما أراد. 

1

صبيحة الجمعة 23 من ديسمبر لعام 1978، كان المصريون ينصتون لصوت الشيخ مصطفى إسماعيل وهو يتلو بعض من آيات سورة الكهف بصوت متهدج، خلال افتتاح مسجد البحر بدمياط، برفقة الرئيس السادات، قبل أن يشتد الوجع برأسه، غير أنه ظن الأمر مجرد وعكة خفيفة، طالبًا من سائقه الخاص أن ينطلقا للإسكندرية، وبداخل بيته هناك شعر بالتعب يشتد في رأسه، طالبًا من الخادمة أن تساعده، قائلًا "تعالي يبنتي شوفي إيه اللي في دماغي"، وما أن ذهبت إليه، حتى فقد وعيه، فظنت أنه نام، غير عالمة بإصابته بنزيف في المخ. وفي اليوم التالي فطن الخادم زوجها أن ثمة شيء خاطئ، فاتصل بأكثر من جهة وتم نقل الشيخ إلى مستشفى المواساة بالإسكندرية، وضغطه قد تجاوز الـ380.. محاولات عدة من رئيس الجمهورية، "كونسولتو" كامل أرسله ابنه من ألمانيا، خراطيم موصولة بجسده المسجى ولا فائدة؛ نبض القلب سليم لكن المخ فقد قدرته على الاستجابة.

"وقت الغيبوية عمي قاللي هندفن الشيخ فين.. قلتله عندنا في البيت دي وصيته" يسرد "عاطف" لحظات ما قبل الوفاة لمصراوي. كان الأمر في حاجة لتصريح رسمي، جاء رد المحافظة بالرفض، فالموضوع تقرره جهات سيادية "وقتها قررنا نبني المدفن وقلنا أكيد ربنا مش هيخذل الشيخ.. وهنتصرف في التصريح"، بالفعل شرعت الأسرة في بناء الضريح في ركن المنزل، على بعد أمتار من مسجد يحمل اسم الراحل، وبدأت رحلة 24 ساعة من البحث عن موافقة.

2

كان الفريق كمال حسن علي رئيس جهاز المخابرات العامة حينها ووزير الحربية الأسبق صديقا لشقيق زوجة الشيخ "مصطفى"، وأحد رجال القوات المسلحة، تذكر "عاطف" أنه يحمل هاتف خاص بمكتبه، اتصل به فجاءه الرد "مش موجود.. أنا الفريق محمد سعيد الماهي وبعدين مين أداك النمرة وعايز أيه؟"، فطلب الابن الوصول له بخصوص المدفن، فأجابه المسئول على الهاتف بأنه سيوصل الأمر وعليه الاتصال في تمام الثامنة إلا خمس دقائق "قاللي 8 بالدقيقة هسيب المكتب".

3

في تلك الأثناء كان "عبد العزيز" الشقيق الأصغر للشيخ الراحل يمتطي "ركوبة" متجها صوب قرية "ميت أبو الكوم" بالمنوفية حيث يحتفل الرئيس السادات بعيد ميلاده الـ 60 الموافق يوم 25 ديسمبر، وما أن وصل "عبد العزيز" للقرية حتى استدل على منزل العمدة من خلال أحد الخفراء ومنه إلى منزل الرئيس. استقبل "السادات" الخبر بحزن شديد، قبل أن يقول لشقيق الراحل "روح يا ابني له المقبرة زي ما كان حابب.. الله يرحمك يا شيخ مصطفى"، ظل عبد العزيز للحظات لم يتحرك وسأل في وجل "من غير تصريح ولا حاجة"، فرد السادات "إذن أيه.. أنا رئيس الجمهورية بقولك روح نفذ الأمر".

4

بينما أسلمت روح "إسماعيل" الأمر إلى ربها، كان رجال عائلته يعملون بكدٍ متناه. لا يتكاسل أحدٌ عن بناء مدفن والدهم الروحي، كخلية نحل ظلوا ليوم كامل بين نقل للمواد وتشييد، حتى انتهوا من بناءه، قبل أن تخرج قرية "ميت غزال" عن بكرة أبيها لتوديع الشيخ إلى مثواه الأخير، يخفف عنهم أن دار المُستقر الأخيرة للشيخ ستبقى لجوارهم دائمًا.

داخل منزل "مصطفى إسماعيل" بطنطا، وعلى بُعد خطوات من مضيفة اتخذها مُستقرًا له وقتما أراد، يقبع مبنى فاتح اللون، يزين بابه زير، تطل منه نبتة، اختلطت ألوانها، و"صبار" ضخم، أصابته السنين بالعَجَز، تمامًا كالضريح الأخضر، الذي كُتب عليه "المرحوم الشيخ مصطفى محمد المرسي إسماعيل.. المُتوفى في 26 ديسمبر من عام 1978"، حول المكان يتحرك عدد من عاملين بمنزل الشيخ، ينظفون الضريح بين حين وآخر، استعدادًا لزائر وإكرامًا لروحه، فيما يعبر حفيده "مصطفى" على المكان مرارًا ليقرأ له الفاتحة.

5

لم تكن القبة الخضراء المدفون أسفلها الشيخ وحيدة؛ صاحبتها صوره بأرجاء المدفن البالغ طوله ثلاثة أمتار × متر ونصف. مشاهد مختلفة أطلت من حائط المكان، تارة يقرأ فيها "إسماعيل" من مصحفه فيما بدا عليه الكبر، أخرى يبدو بها أصغر سنا ذو ابتسامة بسيطة، بجانبه إعلان عن ليلة يقيمها أحفاده لإحياء ذكراه بساقية الصاوي، ولوحة طولية يملأها الدعاء للمُتوفي، بينما لم يفقد المدفن رونقه إذ يتم طلاءه كل عام.

6

رغم مرور 38 عاما على رحيله لا يزال عدد من محبي القارئ الكبير يأتون خصيصًا من بلاد عدة لزيارة قبره والوقوف على تفاصيل منزله القديم، كي يردوا جزءً من جميل الشيخ عليهم، أو كما يقول الحفيد "بيجيلنا ناس من أندونيسيا وماليزيا وتركيا.. يقروا له الفاتحة وبيقولوا كفاية إن الشيخ مصطفى إسماعيل هو اللي حببنا في القرآن".

 

تابع باقي موضوعات الملف:

1 - الشيخ مصطفى إسماعيل.. "مصوراتي القرآن" (ملف خاص)

QURAN

 

2 - بالصور: مصراوي مع عائلة الشيخ مصطفى إسماعيل.. مقاطع من سيرة رئيس دولة التلاوة

2

3 - سّميعة مصطفى إسماعيل.. ''إن عشقنا فعذرنا أن في وجهنا نظر''

2

4 - ''الشيخ اللي جنن الفنانين''.. عبد الوهاب يراقبه ويُعدل لأم كلثوم لحنًا

______ 4

5 - جامعو تراث الشيخ: صوت مصطفى إسماعيل ''فتحٌ من السماء''

______ 5

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان