مُنتج برنامج الصدمة: أردنا تشجيع المشاهدين لمقاومة الظلم..وبكينا مرارًا خلال التصوير (حوار)
كتبت-دعاء الفولي:
ابن يدفع أبيه بعنف. شاب يحاول ضرب زوجته في مكان عام. رجل يُعامل طفلًا بشراسة، وآخر يحاول اختطاف فتاة أو التحرش بها؛ مواقف عدة ابتكرها فريق برنامج "الصدمة"، المُذاع خلال رمضان الجاري على فضائية "إم بي سي". وتجارب نفذها ممثلون في خمس دول عربية -مصر والسعودية والعراق ولبنان والإمارات- لتوثيق ردود أفعال الناس حين يعايشون ظُلمًا يحدث لآخرين.
مصراوي حاور أوس الشرقي، منتج البرنامج وصاحب المبادرة في تعريب الفكرة المأخوذة عن برنامج أمريكي. تحدث "الشرقي" عن الرسائل التي أرادوا إيصالها للجمهور العربي من خلال "الصدمة"، والعقبات والمخاطر التي واجهتهم حال التصوير، ورده على انتقادات مطروحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وما الحلقات التي تركت في نفسه أثر دائم دون غيرها.
-ما الرسالة التي أردتم توصيلها من برنامج "الصدمة"؟
رسالتنا إثبات أن المجتمع العربي مازال بخير، فبعضنا حينما يرى شيئًا سيئًا في الشارع قد يتصرف بسلبية أو تجاهل، لذا فكرنا أنه إذا عرضنا النماذج الجيدة فسيرتفع حس الشجاعة لدى المشاهد، كي لا يسكت على الظلم بجميع أشكاله. كان ذلك هدفنا الأساسي، وليس عرض المشاكل كما قيل، فما عرضناه في الحلقات هو وسيلة فقط للتأكيد أن البذرة الطيبة حية فينا رغم التغيرات والظروف.
-لماذا اخترتم هذه الدول الخمس لتصوير الحلقات؟
في البداية كان هدفنا باختيار دول متنوعة أن يكون عنصر التشويق متوفر في البرنامج، كنا نريد معرفة ماذا سيحدث إذا تكرر الموقف بأكثر من بلد وكيف سيكون رد الفعل، وأي الدول سيتعامل أهلها بإيجابية أو عدم اكتراث.
أما لماذا اخترنا تلك الدول فقد اختلفت الأسباب؛ فدولة مثل مصر لم يكن من الممكن تجاهلها "لأنها كما نقول وتقولون أم الدنيا"، وجاء اختيار السعودية لأنها الدولة التي تبث منها قناة "إم بي سي"، أما العراق فلم تتعمق كاميرات الإعلام بداخله منذ فترة طويلة، فكانت تلك فرصة عظيمة لمعرفة الشعب العراقي أكثر، وأخيرًا لبنان والإمارات لاختلاف الثقافات بهما، خاصة الأخيرة، إذ يوجد فيها جنسيات متفاوتة بعضها غير عربية.
ذ-يعتقد البعض أن تنوع البلاد العربية يرجع لرغبتكم في إبراز مدى التنافسية بينهم.. ما رأيك؟
هذا ليس حقيقيًا. فالتنافسية لم تخطر ببالنا، بقدر رغبتنا في عرض ثقافات الشعوب العربية المختلفة وانفتاح كل دولة على الأخرى "لأنه بالنهاية ردود الأفعال تختلف حسب الشخص الخاضع للتجربة.. فالحس الإنساني لا يرتبط بالجنسية أو الدين أو غيره".
-كم من الوقت استغرقتم للانتهاء من البرنامج؟
تحضير الفكرة احتاج لخمس أشهر تقريبًا. أما التنفيذ فقد أخذ تسعة أشهر، غير أننا لازلنا نعمل حتى الآن على الحلقات، بين مونتاج وتعديل إلى آخره.
-وما الصعوبات التي واجهتكم خلال التصوير؟
"ما في يوم أو ساعة خلال التصوير إلا وواجهتنا مشاكل". أول تلك العقبات يرجع للطبيعة العربية المحافظة، فزرع الكاميرات أو التصوير أمر مُثير للريبة والتساؤلات، وغير مقبول لدى الأغلبية. لذا رفض بعض أصحاب المحلات والملكيات الخاصة التعاون معنا. وكان يتعين علينا توصيل ما نفعله وأننا نقدم شيئًا توعويًا إنسانيًا.. أيضًا واجهتنا عقبات خلال التصوير بالعراق بطبيعة الحال، نتيجة نقاط التفتيش العديدة والتنقل من مكان لآخر، ولكن في المقابل كان تعامل رجال الشرطة معنا جيد جدًا.
-وهل تعرض أحد ممثليكم لخطر خلال التصوير؟
حدث ذلك أكثر من مرة.. ففي حلقة إهانة الأب مثلًا، قام شاب بضرب الممثل في العراق، ولولا تدخل المذيع لكان الأمر اختلف، وكذلك بحلقتي تعنيف الخدم والتحرش. وثمة حلقة لم تُذع، تعرض فيها المؤدّي للضرب وكُسر ذراعه،واضطررنا لإلغاء الحلقة بالكامل بسبب قسوة ما حدث.
-بجانب تلك الحلقة.. هل ثمة حلقات أخرى لم تُذع؟
بالتأكيد.. وذلك لأسباب أغلبها متعلق بالتصوير والتنفيذ "بنكتشف إن الحلقة غير جيدة في الكاميرا ولا تشد المشاهد"، وأحيانًا لا يكتمل التصوير كما ذكرنا آنفًا.
ما أبرز المواقف الطريفة التي لا تنساها خلال العمل؟-
أذكر أننا في إحدى المرات، أردنا الحصول على تعليق سيدة كان دورها إيجابيًا للغاية وتدخلت لإنقاذ الضحية، إلا أنها رفضت الحديث للكاميرا، معللةً ذلك بأن زوجها لا يعلم أنها في هذا البلد، ويظنها في دولة أخرى.
وفي حلقة أخرى، امتنع موظف عن الحديث للكاميرا كذلك، لأنه خاف أن يعرف أصحاب العمل أنه بصحة جيدة، فقد قال لهم إنه مريض كي يحصل على إجازة ويسافر.
-وما هي المواقف الإنسانية والحلقات الأقرب لقلبك في برنامج "الصدمة"؟
كنا طوال التصوير نواجه مواقف تُبكينا كفريق عمل، وأعتقد أن ذلك دليل النجاح، لأننا إذا تأثرنا فبالتأكيد سيفعل المشاهدون. وأنا أتذكر مواقف نبيلة كثيرة أثرت عليّ. كالشباب المصريين الذين دافعوا عن طفل كان يتعرض للعنف، والسيدة اللبنانية التي تدخلت بحزم ضد شخص يعتدي على زوجته، إلا أن الأكثر تحريكًا لمشاعري كانت حلقة الطائفية. لأن بلدي العراق يعاني مشكلة طائفية "وكنت حابب نقول إن الناس على فطرتهم لا يحملون هذا الحقد تجاه الآخرين، وأن الطائفية لعبة سياسية زرعها الانتهازيون لينالوا مصالحهم".
-حقق البرنامج نجاحًا كبيرًا.. فهل توقعت ذلك؟
كنت أعلم أن البرنامج سيكون له صدى كبير، لأننا أردنا تقديم شيء مختلف، لكن نسبة النجاح التي توقعتها لا تُعادل 10% ممّا رأيناه من ترحيب وتشجيع في تعليقات متابعينا، ونسب المشاهدة المرتفعة التي صدمتنا جميعًا وقناة "إم بي سي"، بالإضافة لتعليق بعض الشخصيات العامة بإيجابية على ما قدمنا.
-يُقال أن الفكرة التي قام عليها البرنامج، تم تنفيذها من قبل بواسطة شركة محمول مصرية إلا أن الحملة لم تكتمل.. ما رأيك؟
فكرة "الصدمة" ليست حكرًا على أحد، لا علينا ولا على غيرنا، حتى أنها ليست حكرًا على البرنامج الأمريكي المُقتبس عنه برنامجنا. لأن ذلك النوع من الكاميرا الخفية، تم تنفيذه في أوروبا واليابان وأمريكا اللاتينية، وهو ليس جديدًا. الاختلاف فقط يكون في الطرح ومدى اتساع رقعة المتابعين، فحتى الدول العربية نُفذت فيها أفكار شبيهة بما قدمنا، لكنها جاءت على الإنترنت، ولم يطورها أحد كي تصل للتلفاز سوى نحن، وكذلك لم يجمع أحد أكثر من دولة داخل الحلقات.
-على أي أساس اخترتم مُقدمي البرنامج في الدول الخمس؟
أردنا للمُذيع أن يحمل بعض صفات لا غنى عنها. فمثلًا أن يكون وجهه معروفًا لجمهور البلد إلى حد ما، كي يقتنع ضحايا التجربة أنه مُذيع بالفعل ولا يكذب عليهم. أيضًا كانت سرعة البديهة والحضور عاملين أساسيين، لأننا بمجرد الكشف عن الكاميرات، سيسعى مُقدم الحلقة لتهدئة الناس وتوصيل طبيعة العمل قبل تطور الأمور للأسوأ، وأيضًا كانت الألفة والاجتماعية شرطين لمقدمي "الصدمة"، إذ سيتعين عليهم أحيانًا أن يشجعوا ضحايا التجربة للحديث أمام الكاميرا، وهو أمر لا يتقنه الجميع.
-هل تُفكرون في إنتاج جزء آخر من البرنامج؟
لا يمكنني الجزم بذلك، لأنه يعتمد على الموضوعات التي سنناقشها، فإذا استطعنا جمع أفكار "تصدم الجمهور" فبالتأكيد سندرس عمل جزء ثان، لاسيما وأن قناة "إم بي سي" لديها استعداد لتلك الخطوة.
فيديو قد يعجبك: