إسرائيل "عدو" ولو كره السياسيون..مصراوي يستعرض ردود الفعل على لقاء "شكري" ونتنياهو
كتبت-إشراق أحمد:
ما بين غلبة القبول السياسي لزيارة وزير الخارجية سامح شكري للأراضي المحتلة، ولقائه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتقبل البعض لها بمبرر "اقتضاء المصلحة"، تظل العلاقة مع إسرائيل تأخذ بعدين رسمي وشعبي، الأول يراها مسألة سياسية تخلو من العواطف، فيما لا يتزحزح الثاني عن اعتبارها "عداوة" بشكل واضح وصريح ترتبط بدماء لازالت تُهدر. في هذا التقرير يستعرض مصراوي بعضا من رد الفعل المصري والفلسطيني على الزيارة الرسمية الأولى من مصر للكيان الإسرائيلي منذ عام 2007.
غياب الشفافية وتوقيت الزيارة صادم
عرف مؤمن محمد بشأن الزيارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال رسوم ساخرة غاضبة من الأمر، ليقوم بمتابعة الحدث من الأخبار بعد ذلك. يرفض "مؤمن" الزيارة والالتقاء برئيس الوزراء الإسرائيلي، يعتبره "تطبيع" وفي الوقت ذاته لا يجدي نفعا، وهذا موقف الشاب العشريني الدائم منذ أبصر وجود علاقة بين مصر وإسرائيل.
يجد "مؤمن" أن تلك الزيارة أساءت لمصر، معتبرا أن مجيئها بعد ذهاب "نتنياهو" لدول حوض النيل والاجتماع بهم دون مصر بمثابة "قتل معنوي للشعب" الذي يعتبر إسرائيل عدوا مباشرا، إذ كان المنطقي في نظره إن تعلق الأمر بـ"المصلحة" أن تفعل إسرائيل كما فعلت مع الدول الإفريقية "لكن أحنا كده خسرنا جزء من المعركة" كما يقول.
حاول "مؤمن" التعامل العقلي مع الأمر، لكن شيئا في نظره دعم موقفه، وهو غياب الشفافية "مفيش أي كلام اتقال عن الزيارة قبلها احنا اتفاجئنا كالعادة"، فضلا عن عدم تقبله التعامل مع إسرائيل صاحبة التاريخ العدائي مع مصر، في حين رفض التعامل مع دول لأنها داعمة للإخوان، مشيرا لمشهد قذف "شكري" لميكروفون قناة الجزيرة باعتبارها "عميلة لقطر وأمريكا"، قائلا إنه إذا كانت مهمة وزارة الخارجية ربط العلاقات مع الدول الأخرى فهذا يعني أن يكون الأمر بشكل علني مسبق.
فيما ترى سارة عادل أن توقيت الزيارة لا الفكرة في حد ذاتها هو ما كان مفاجئة بالنسبة لها، إذ معروف أن هناك مباحثات بين الفلسطينيين وإسرائيل ومصر طرف بها، فضلا عن خطابات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بحديثه عن "السلام الدافئ" في المنطقة، لذا كانت تعلم الشابة العشرينية أن يوما ما سيكون هناك لقاء بين مسؤولي مصر وإسرائيل، لكن أن يحدث هذا عقب زيارة إسرائيل للدول الأفريقية التي بينها ومصر مشاكل هو ما لم تتوقه قائلة "مصر متجاهلة قضايا أخرى ومصممة تتجه ناحية إسرائيل".
أي سلام وأي صديق
كانت وزارة الخارجية قد أصدرت بيان بشأن اللقاء أمس، بعد يوم من اتمام الزيارة ذكرت فيه ما تناوله اللقاء من بحث جهود عملية السلام ودعوة الرئيس "السيسي" في 17 مايو للتوصل إلى حل شامل من شأنه إنشاء الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فضلا عن بحث العلاقات الثنائية في مكافحة الإرهاب والوضع الخاص بدير السلطان التابع للكنيسة المصرية في القدس.
بالمقابل نُشرت تفاصيل اللقاء تباعا على صفحة المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية "أوفير جندلمان" منذ الحادية عشر صباح الأحد، إذ أعلن موعد وصول وزير الخارجية المصري، مدعوما بمعلومات عن موعد آخر زيارة وأسباب هذا اللقاء وأهميتها "هذه الزيارة مهمة لأسباب كثيرة وهي تشكل دليلا على التغيير الذي حدث في العلاقات الإسرائيلية المصرية"، وتوالى نشر تفاصيل اللقاء تباعا من بداية المقابلة، والمؤتمر الصحفي، وأخيرا صور لـ"شكري" و"نتنياهو" بينما يشاهدان التليفزيون وكان التعليق عليها "رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية المصري سامح شكري شاهدا معا نهائي اليورو في مقر إقامة رئيس الوزراء بأورشليم".
وقد أثارت صور وزير الخارجية المصري مع "نتنياهو"، لدى "سارة" تساؤلات "مدام أحنا حبايب كده ليه بيتقال لنا إن إسرائيل العدو الأكبر وتخرج برامج مدعومة من تليفزيون الدولة تحرك مشاعرنا وتقول لنا لو الإسرائيليين خطفوك هتعمل إيه؟.. وهو احنا بندفع ضرايب عشان نجيب سلاح نحارب بيه الإرهاب والعدو ليه؟.. ويبقى ليه أخواتنا وعيالنا يتجندوا عشان يستعدوا في يوم لو حاربنا؟ مدام إسرائيل مش عدو يطلع حد يقول لنا مين عدونا بقى؟".
وبالمقابل شهد لقاء "شكري" بالقدس ترحيب فلسطيني رسمي، بدا في تعليق السفير الفلسطيني بمصر جمال الشوبكي، بتصريحه عن تفهم السلطة الفلسطينية لزيارة وزير الخارجية المصري، وأنها تمت بالتنسيق معها، مع الإثناء على الدور المصري. في الوقت الذي تسببت فيه الزيارة خاصة نشر صور اللقاء بجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، فالبعض عبر عن تأييده اللقاء باعتباره الوضع الطبيعي في السياسة حال عمر حسني الذي كتب "السياسة لعبة كبيرة مش أي حد يفهمها ولا يلعبها.. السادات راح إسرائيل وقت الحرب وده كان رئيس مصر وقتها كان همه إنه يرجع أرض مصر".
"اللي اتربينا عليه وعرفناه أن إسرائيل عدو" تقول "سارة" معتبرة أن الأصوات المرحبة باللقاء حتى لو كانت فلسطينية لن تغير موقفها إلى أن تتحرر فلسطين وتعود لما قبل 1948 حسب قولها، مضيفة أن اللقاء بالنسبة لها حمل الكثير من الرسائل السيئة، بداية من إقامته في مدينة القدس المحتلة، والذي يعني بالنسبة لها أن "الزيارة أسقطت حق الفلسطينيين في القدس"، لما تضمنته من استخدام مفردات حال القدس الشرقية عاصمة فلسطين، وهو ما يدعم المخطط الإسرائيلي لتقسم المدينة العتيقة.
لا مجال لزيارات دفع المفاوضات
على الصعيد الفلسطيني، يرى حسين العبرة من مدينة النقب الفلسطينية أن توقيت الزيارة لم يكن ملائما، إذ جاءت مع استمرار أعمال القتل، واقتحام المسجد الأقصى، ومواصلة الاحتلال استيطانه، مشيرا إلى إعلان الحكومة الإسرائيلية في اجتماع صباح الأحد، باعتماد خطة لبناء المزيد من المستوطنات في مدينة الخليل، وقبلها بأيام موافقة نتنياهو على بناء نحو 800 مستوطنة بمنطقة الضفة الغربية بما فيها القدس، تمنى الرجل الستيني لو كان اللقاء على أقل تقدير لإجبار إسرائيل على وقف الاستيطان أو إطلاق سراح الأسرى فبذلك تكون جدية العودة لعملية السلام حسب تعبيره قائلا إن وقع الأمر عليه كان صعبا خاصة وأنه يعتز بالدور المصري.
وكذلك رغب مراد شتيوي أحد قادة المقاومة الشعبية بالضفة الغربية لو كانت الزيارة تحمل في طياتها رسالة قوية يستشعرها المحتل معتبرا أنه "لا مجال بزيارات هدفها دفع عجلة المفاوضات او تفعيل حل الدولتين نريد زيارة ضاغطة يشعر من خلالها ناتنياهو وعصابته اليمينية بأن الشعب الفلسطيني ليس وحده وإنما ضمن منظومة عربية موحدة"، ومع ترحابه أن تكون الزيارة في صالح الشعب المصري إلا أن يشك في نوايا حكومة الاحتلال واصفا إياها أنها "تتعامل مع العرب بشكل كامل كأعداء وإن ابتسم قادتها ففي ابتساماتهم حقد دفين".
مزيد من التطبيع
ومن غزة يعتبر محمد الصعيدي أي تعامل مع إسرائيل "تطبيع مع عدو الله"، غير منكر رغبته العارمة أن تعود الحكومة المصرية حاملة لواء العرب وفلسطين كما كانت تفعل، مشيرا إلى أن الحال بفلسطين لا يختلف عن مصر، فرغم التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين، غير أن الغالبية الفلسطينية ترفض التعاون مع "اليهود" لأي مبرر قائلا "يا طالب النصر من عداك مت كمدا كطالب الشهد من أنياب ثعبان".
أما بلال خير الدين، فيحلل المشهد كصحفي يقيم بالقطاع المحاصر، باعتقاده أن رد فعل الشارع الفلسطيني لم يكن حاضرا تجاه الزيارة، مرجعا هذا إلى كثير من الأسباب أهمها "فقدان الشارع الفلسطيني الثقة بالحاضنة العربية من جهة وأيضا لما يثقل كاهله من أزمات متعاقبة من احتياجات إنسانية وصولا لجراح مفتوحة جراء العدوان الصهيوني المتكرر وعشوائية القرار السياسي الفلسطيني عقب الانقسام السياسي" حسب قوله.
ويرى "خير الدين" الزيارة من جانبين، الأول على مستوى المهام المنوطة بوزارة الخارجية وما يترتب على طريقة التعامل والاسلوب في توطيد العلاقات وهو ما يسمى بالدبلوماسية السياسية حسب قوله، أما على جانب آخر فيشعر الشاب العشريني أن الزيارة أخذت طابع "الصداقة أكثر من الرسمية" التي تكون في حدود الرسالة التي يحملها وزير الخارجية المصري من الرئيس "السيسي"، معتبرا أنه ينبغي على دولة بحجم مصر وعمقها العربي أن تعي مدى خطورة التعامل مع المحتل وعدم نسيان حالة العِداء التي تُكنها اسرائيل للعرب كافة.
وبالقدس سمع أبو خالد عباسي نبأ لقاء وزير الخارجية المصري مع "نتنياهو" في الوقت الذي يقبع بمنزله منذ 3 أشهر ممنوع عليه دخول الأقصى. يقول الرجل الخمسيني إنه حين يرى الأمن والأمان عاد لمصر يمكنه قول إن هذا التقارب بمصلحة مصر "لكني أري كل شيء يزدهر بإسرائيل ويسوء بمصر.. فهذا ليس لقاء لمصلحة مصر إلا أنه زيادة تطبيع مع الاحتلال"، مضيفا أنه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كانت هناك مواقف معروفة تجاه القضية الفلسطينية، فيما لم يعد يعرف الفلسطينيون وفقا له إلى أين تصل الأمور حسب تعبيره، معتبرا أن المصلحة الإسرائيلية لن تتغير بأي حال مستشهدا بالمثل الفلسطيني "عدو جدك عمره ما يودك".
فيديو قد يعجبك: