حكايات "خان" مع رؤساء مصر.. فيلم وزيارة مدرسية وهتاف يوغسلافي
كتب- محمد مهدي:
للمخرج الكبير محمد خان، مسيرة طويلة في عالم الفن، بداية من عشقه الأول السينما، إلى الإعلانات، مرورًا بالفيديو كليب والفوازير، سرد الكثير عنها عبر لقاءات إعلامية ممتدة على مدار تاريخه، غير أن جانبًا آخر لم يتطرق إليه سوى مرات قليلة، عن حكاياته مع رؤساء مصر، نسرد أبرزها في السطور التالية.
محمد نجيب
في بداية الخمسينيات، وقف الصبي "محمد خان" ذات يوم، أمام مرآته، يُصفف شعره، ويتأكد من أناقة زيه المدرسي، قبل أن يغادر على عجل إلى منطقة حدائق القبة، حيث تقع مدرسته "النقراشي النموذجية"، حالة من التأهب والترقب سادت الأجواء، الصمت يطبق على المكان، فيما يقف الأساتذة أمام صفوف الطلبة وعينيهم ناحية البوابة، قبل أن يصيح أحدهم بقدوم الرئيس.
دخل الرئيس محمد نجيب، إلى المدرسة، ناظرًا للأمام، بخطوات عسكرية ثابتة، وتحت إبطه عصاته المميزة باحثا عن نجله أحد الطلبة هناك، فيما كان "خان" ينظر مشدوهًا إلي الرئيس، في المرة الأولى والأخيرة التي يراه بينما لا يفصل بينهما سوى أمتار. كانت لحظة لا تُنسى-وفق خان-.
عبدالناصر
أمام المدرسة ذاتها، وقف "خان" في أحد الصفوف المتراصة من الطلبة، ممُسكين بالعلمين المصري واليوغوسلافي، متأهبين، بينما يمر أمامهم "أمين هنيدي" مدرس التربية الرياضية-حينذاك- مُذكرًا إياهم بكلمات يسمعها الصبيان دون أن يفهموا منها شيء، قبل أن تمر سيارة مكشوفة تحمل الرئيس جمال عبدالناصر برفقة المارشال جوزيف تيتو، رئيس يوغوسلافيا، ليصيح "خان" مع زملائه بالهتاف اليوغسلافي. "ناصر" يلوح لهم بيديه، والصبي قلبه يرتجف.
السادات
لم يكن "حامد حسن خان" والد المخرج الكبير، منشغلًا فقط بتجارته في استيراد وبيع الشاي، أو هوايته بمتابعه أحدث أفلام السينما، حيث حمل على أكتافه مسؤولية الجالية الباكستانية في مصر، ومن ضمن مهامه تنظيم الاحتفاليات القومية لأبناء دولته، التي تحرص الرئاسة المصرية على التواجد الشرفي فيها عن طريق ممُثل لرئيس الجمهورية.
يوم لا يسقط من ذاكرة "خان"، عندما رافق والده في واحدة من احتفاليات الجالية الباكستانية، ليرى محمد أنور السادات-وكان لايزال وقتها نائبًا للرئيس عبدالناصر- متواجدًا في المكان، مقتربًا من أبيه، قابضًا على يديه بمحبة غامرة، ناقلًا تهنئة "عبدالناصر" بالعيد القومي لهم.
مرة أخرى، يلتقي "خان" بـ "السادات"، وهو مايزال في سن الـ 11 عاما، يجلس في الصف الثالث أثناء إحدى احتفاليات قيام ثورة يوليو، بينما يجلس الأخير في الصف الأول. لتجمعهما صورة واحدة. احتفظ بها الصبي لسنوات قبل أن تضيع منه.
حكاية المخرج الكبير مع "السادات" لم تنتهِ، حيث أتته الفرصة عن طريق صديقه وبطل أفضل أفلامه الفنان "أحمد زكي" لإخراج فيلم عن رئيس مصر، أثارته التفاصيل الإنسانية للطفل الفلاح الذي صار ذات يوم على رأس السلطة، وحاول قدر الإمكان-وفق وصفه- إتباع الحيادية في الحكي عنه سينمائيًا، حيث ظهر الفيلم في عام 2001.
مبارك
لقاءين التقى فيهما "خان" مع الرئيس المعزول محمد حسني مبارك وجها إلى وجه، إحداهما في معرض الكتاب، في منتصف التسعينيات، بعد أن تلقى المخرج دعوة من رئاسة الجمهورية بضرورة الحضور في أحد لقاءات الرئيس مع المثقفين والفنانين على هامش زيارته للمعرض، حضر الفنان الكبير مبكرًا، جلس في الصفوف الأخيرة. مرت عليه الفترة التي وصل فيها "مبارك" ثقيلة، لم تخلو من ملل الأحاديث التي يراها تقليدية ومُكررة.
المرة الثانية، عندما طلب "مبارك" مشاهدة فيلم "أيام السادات" في عرض خاص. بعد ظهور تتر النهاية، صفق الرئيس لفريق العمل، والتقى بهم، وعندما وقف "خان" أمامه، ابتسم له قائلًا "كنت فاكر نفسي هنام بس الفيلم شدني".
مرسي
كان "خان" أحد الفنانين المتحمسين لإنهاء حُكم الرئيس المعزول "محمد مرسي" سريعًا، بعد عام واحد من حُكمه، حيث شارك في التوقيع على حملة "تمرد" التي اندلعت حينذاك للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، لكن المخرج لم يخفِ حزنه لعدم تمكنه من الإمضاء على استمارات تمرد لكونه لا يحمل الجنسية المصرية.
عدلي منصور
منذ عامين، تحديدًا في شهر مارس 2014، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور، قرارًا جمهوريًا بمنح المخرج محمد خان الجنسية المصرية، طبقًا للمادة الخامسة من القانون رقم 26 لسنة 1975، بعد عرضه على وزير الداخلية، فيما استقبل "خان" الخبر بفرحة غامرة، معتبرًا إياها "رد اعتبار".
فيديو قد يعجبك: