إعلان

ثلاثة أعوام على "3 يوليو".. "محدش باقي على حاله"

03:53 م الأحد 03 يوليه 2016

ثلاثة أعوام على "3 يوليو"

كتبت-إشراق أحمد:

في عالم السياسة تنعدم الثوابت، تصير جميع الأمور حال مكعبات، تتشكل وتنفك عن بعضها، ويعاد تهيئتها تبعا لمصالح مَن يمتلك الزمام في هذا الوقت.

وعقب الثالث من يوليو، الذي أعلن به عزل محمد مرسي من رئاسة البلاد؛ انفرط عقد الأوضاع مرة أخرى وتغير تشكيل مكوناتها من شعارات، أماكن، كيانات وأشخاص، واجهت جميعها مصير آخر ما بين الصعود والهبوط، الظهور والاختفاء، الانكار والاحتفاء. في الذكرى الثالثة لليوم الشاهد على تغير حال البلاد، نتلمس وجود أبرز المتغيرات التي طرأت عبر انتماءين مختلفين لوجهة النظر.

ثورة/ انقلاب.. خناقة الهتافات

لم تعد كلمة "ثورة" بعد الثلاثين من يونيو من عام 2013 وصف تنفرد به أحداث يناير 2011، فقد أخذت اعترافا شعبيا ورسميا جاء على لسان وزير الدفاع حينذاك عبد الفتاح السيسي، حين خرج في الثالث من يوليو قائلا "لقد استشعرت القوات المسلحة انطلاقا من رؤيتها الثاقبة أن الشعب المصري الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم إنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته..". تحول الجدل في بادئ الأمر من الاعتراف "بثورة يناير" من عدمه، إلى كون ما حدث ونتج عنه عزل "مرسي" هو ثورة أم موجة ثورية أم انتفاضة، ثم انشقت الكلمة بشكل كبير عن حدثها، لتصبح مفردة متلازمة لغضب قطاعات من الشعب حال "ثورة العمال، الطلبة، الأطباء.." وغيرها، هذا إلى جانب استشعار البعض بإعلاء ذكرى 30 يونيو مقابل خفوت الحديث عن يناير بلسان حال "مبقاش في ثورة يناير 25 رجع بقى عيد الشرطة والثورة بقت 30 يونيو".

1

ترى فاتن الوكيل أن الجدل لازال قائما، وهناك رافضين للاعتراف بثورة 30 يونيو حال يناير، خاصة مع ظهور فئة النادمين مؤخرا على المشاركة أو قبول ما حدث بها. وتعتبر الشابة العشرينية المؤكدة تأييدها لـثورتي 30 يونيو و25 يناير، أن فكرة المعارضة تعتمد في الأساس على "المصالح".

بالمقابل كان صدى كلمة "انقلاب" يتردد بين المعارضين لما حدث في الثالث من يوليو، خاصة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ولم يتغير الحال باقتصار استخدام الكلمة بدوائر المناهضين لما يجري حال "إعلام الانقلاب، أمن الانقلاب" وغيرها، وذلك نقلا لما يحدث صغير كان أو كبير، سواء بشكل رسمي كما في صفحات حزب الحرية والعدالة أو على مستوى الأفراد.

كلمات أخرى خرجت بعد الثالث من يوليو، وخف صداها بمرور ثلاثة أعوام وإن لم ينقطع، وتتمثل في كلمة "الشرعية" و"مرسي راجع"، وأما الأولى فمنح شرعية ترديدها الرئيس المعزول محمد مرسي في آخر خطاب له في الثاني من يوليو، وأما الثانية فظهرت من ميدان رابعة العدوية حيث استمات أفراد جماعة الإخوان المسلمين في رفع تلك الكلمات شعارا خاصة في العام الأول من الأحداث، وبلغ الأمر إلى ظهور أغاني بلسان تلك الكلمات.

وتعتبر تسنيم مصطفى -المؤيدة لتوصيف ما حدث بعد 3 يوليو بالانقلاب- أن شعار "مرسي راجع" هو شعار ظاهري ومضمونه مختلف، فلا يعني رجوع "مرسي" الاستمرار في الحكم، بل عودة الأمور إلى نصابها قبل ذلك اليوم، ومن ثم الاتفاق السياسي أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، قائلة إن "الناس مش فاهمة وجهة النظر دي، لان مفيش أب روحي أو اتفاق على فكرة مناهضة الانقلاب".

أما عن استمرار المناداة بهذا الشعار، تقول "تسنيم" إنه تراجع خلال العامين الماضيين، وحلت مكانه شعارات ذات صدى أكبر، مضمونها "سيبونا نعيش" مرجعة هذا "للبطش الأمني" حسب تعبيرها.

2

 وتُقَسم "تسنيم" مَن تعاملوا مع أحداث 30 يونيو والثالث من يوليو إلى ثلاثة فئات، الأولى الرافضين لثورة يناير، المعتقدين في اقتران الاستقرار بنظام مبارك "ودي فئة كانت رافضة التغيير من الأساس" حسب وصفها، وأيد جانب كبير منها 30 يونيو وما بعدها، إما لأن "لهم مصالح مع النظام السابق أو كاره للإخوان بدون مبرر" كما تقول.

 أما الفئة الثانية، هي مَن ترى ما حدث "انقلاب" وتعتبر الفتاة نفسها واحدة من هؤلاء، الذين يغلب عليهم الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين وتأييد الرئيس السابق محمد مرسي. كما تتفق "تسنيم" مع الفئة الثالثة، وهي مَن تصفهم بأنهم "شافوا موضوع الثورة بمظلة أكبر"، بانتقادهم كل أوضاع ما قبل ثورة يناير "بما فيهم العسكر والإخوان ونظام مبارك" حسب قولها، إذ تعتقد أن حكم الاخوان "سرع الصدام بين الشعب والفكر العسكري.. بالتالي مفهوم الثورة على الكيان الأكبر مش بس مبارك أو غيره كشخص" حسب قولها.

ميادين.. اختفاء التحرير ورابعة

على مستوى الميادين، التي استوعبت التجمعات، تحول ميدان التحرير والاتحادية من ساحات تظاهر رافضة إلى أخرى مؤيدة، تعج بالجموع بدءً من منح التفويض، وانتهاءً بذكرى ثورة يناير و30 يونيو، لم يكسر تقليدها، سوى تظاهرات حملة الماجستير وطلاب الثانوية العامة، مَن تمكنوا بالتظاهر في ميدان التحرير، وكذلك انقطعت وجهة الاعتصام والتظاهرات عن ميدان رابعة العدوية، النهضة، والحرس الجمهوري، واتخذت مسار مغاير قوامه في البداية تمثل في تظاهرات أسبوعية بمنطقة المطرية وعين شمس، ثم انحسرت الإعداد لتصل إلى مسيرات محدودة ببعض المناطق على فترات مختلفة.

3

واتفقت كل من "فاتن" و"تسنيم" على أن تلك الميادين ما كانت إلا "رمز"، رأت الأولى أنه ليس بالضرورة إعلاء نبرة التأييد فيه يرجع إلى أن الأشخاص مأجورين، كما تعتبر زيادة الاحتفاء بـ30 يونيو بشكل رسمي أمر طبيعي "الحكومة جت بعد ثورة 30 يونيو وأنها كلها مميزات بالنسبة لهم على عكس يناير اللي جت بالخسارة عليهم فعادي بالنسبة لها تكون دي الثورة الحقيقية". فيما تُرجع "تسنيم" تغير الأوضاع إلى الممارسات الأمنية "الناس ما بين اللي اتهجر وسافر ده غير العدد الكبير اللي في المعتقلات" حسب قولها"، غير أن الفتاتين توحدا على أن تعامل النظام الحالي مع المشاكل يدفع إلى الانقسام مرة أخرى.

كيانات سياسية.. لا تأثير

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، صعدت كيانات سياسية، سواء باتخاذها قاعدة أكبر على الساحة، أو بميلادها، حال حزب النور، ومستقبل وطن، فالأول برز بإعلانه موقفه المؤيد لـ30 يونيو، ورحيل حكم الإخوان، والثاني اشتهر برئيسه محمد بدران كأصغر رئيس لحزب وموقفه الداعم بشدة للرئيس عبد الفتاح السيسي. لكن كلا من "فاتن" و"تسنيم" لا ترى في أي من الكيانات الصاعدة أي تأثير يذكر على أرض الواقع.

انطفاء نجوم.. مش فارق

لم تخل الساحة بعد 3 يوليو من بروز نجم بعض الشخصيات مقابل اختفاء أخرى، على كافة المستويات وكانت الأبرز لفئة الإعلاميين حال يسري فودة وريم ماجد وغيرهم. الانكشاف والمصالح؛ أسباب ترى الفتاتان أنها وراء ذلك، تضرب "فاتن" المثل بمحمد البرادعي الذي انزوى عن الساحة، مرجعة ذلك "أنه انكشف على حقيقته"، وكذلك طارق عبد الجابر الذي تغير موقفه من المعارضة للتأييد، أما لسبب المصلحة، فلم تختلف كل منهما على أن فئة رجال الأعمال هم الأكثر ظهورا على الساحة "لأن في النهاية هم دايما عايزين يبقوا مع الأقوى" حسب "تسنيم"، التي أضافت "البطش" كسبب انطفاء بعض الأشخاص حال أحمد ماهر عضو حركة 6 إبريل.

وفيما رأت "فاتن" في غياب بعض الشخصيات الإعلامية حال محمود سعد ظلم لاعتراضه على بعض ما يجري، اعتبرت "تسنيم" أن اختفاء الإعلاميين ليس له تأثير "أحنا آفة حارتنا النسيان، مبيأثرش فينا إلا اللي قاعد في وشنا، لكن لو الإعلامي اختفى أسبوع ممكن الناس تنساه أصلا ويطلع واحد غيره والناس تتعود".

تعتقد "فاتن" أن أفضل ما حدث طيلة الثلاثة أعوام بعد 3 يوليو هو أن "تيار الإسلاميين انكشف"، فيما عممت "تسنيم" جائرة الانكشاف على الجميع، معبرة عن نظرتها للمساوئ الواقعة خلال تلك الفترة بكلمات ساخرة "الواقع بقى بيندهش من اللي بيحصل"، بينما وجدت "فاتن" في تناول النظام للمشاكل هو الجانب السيء قائلة "للأسف الدولة معندهاش خطة وماشية كده وده هيتسبب في شق صف المجتمع تاني".

فيديو قد يعجبك: