قبل لقاء السيسي بنيويورك.. كيف يرى الرئيس القادم لأمريكا الشرق الأوسط؟
كتب- محمد زكريا:
خلال ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي وفد مصر باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ71 بنيويورك، يلتقي مساء اليوم بمرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، يأتي الاجتماع في إطار سعي المرشحين الأمريكيين إرساء قواعد سياساتهم الخارجية في حالة الفوز في الانتخابات المقرر إجرائها نوفمبر المقبل، ولكل منهما رؤيته الخاصة فيما يتعلق بنظام الحكم في مصر، وثمة تباين في موقفهما من الإرهاب الذي تئن منه منطقة الشرق الأوسط، والموقف من إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية، غير أن لـ"ترامب" النصيب الأكبر من الجدل إزاء مواقفه الحادة فيما يتعلق بشكل إداراته في حالة ما استطاع أن يجلس على المقعد الأمريكي.
على حسابه بموقع التغريدات القصيرة "تويتر"، دون وليد فارس، مستشار ترامب للسياسة الخارجية: "السيسي وترامب سيلتقيان في نيويورك"، وأضاف عبر تغريدة جديدة "تحديث: كلينتون طلبت لقاء السيسي الذي سيلتقي بها أيضا، لكن اللقاء مع ترامب شيء آخر".
غير أن خلال مقابلة هاتفية أجراها دونالد ترامب مع شبكة فوكس نيوز، عرضت شبكة بلومبرج تفاصيلها، قال دونالد ترامب "إنه لا يريد التعليق على تقارير تفيد بلقاء يجمعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأثنين على هامش فعاليات الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة".
الموقف من نظام الحكم في مصر
لم يكن تصريح دونالد ترامب بشأن لقائه بالرئيس المصري أكثر مواقفه جدلا. فمنذ بذوخ نجم "ترامب" في سباق الرئاسة الأمريكية، حتى أصبح المرشح الأول لحزبه الجمهوري للانتخابات المقرر إجرائها بعد أقل من شهرين، عرف بأفكاره وتصريحاته المثيرة للجدل، أبرزها فيما يخص الشرق الأوسط كانت حول سياساته تجاه المسلمين والمهاجرين من أصول عربية، إذ أعلن عقب حادثة كاليفورنيا بعد سلسلة هجمات إرهابية شهدها العالم عزمه منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة بشكل كامل، وذكر أنه في حالة فوزه بالمقعد الرئاسي سيقوم بتأسيس قاعدة بيانات تصنف الجاليات الإسلامية على أساس "ديني"، هو ما عرضه لانتقادات عديدة أبرزها جاءت على لسان منافسته بالحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون التي وصفت تصريحاته بأنها "تستحق التنديد وتثير الانقسام وتنطوي على احكام مسبقة".
تصريحات "ترامب" غير الاعتيادية ظلت تتقدم المشهد الانتخابي طوال الوقت، كما احتل المشهد المصري جزء من التراشق الإعلامي بين المرشحين، إزاء موقف كل منهما تجاه نظام الحكم في مصر بعد ثورة الـ25 من يناير 2011 والإطاحة بالإخوان المسلمين في الـ3 من يوليو 2013، إذ اتهم "ترامب" في أحد خطاباته منافسته "كلينتون" قائلا: "عندما تولت كلينتون وزارة الخارجية عام 2009 كان العالم مكانا مختلفا.. في مصر ساعدت على الإطاحة بنظام صديق واستبدلته بنظام متشدد تابع للإخوان المسلمين، وقد تمكن الجيش المصري من استرداد السيطرة لكن كلينتون فتحت علية الشرور الخاصة بالإسلام المتطرف"، غير أن وزيرة الخارجية الأمريكية بالسابق كانت لها رأي أخر نشرته بكتاب عنونته باسم "خيارات صعبة" جاء فيه "آفاق الديمقراطية فى مصر لا تبدو مشرقة .السيسى يخوض الانتخابات الرئاسية فى مواجهة معارضة رمزية ويبدو أنه سيقوم باتباع القالب الكلاسيكي للحاكم القوى فى الشرق الأوسط. ويبدو أن الكثير من المصريين أنهكتهم الفوضى وهم على استعداد للعودة الى الاستقرار".
قضية الإرهاب في الشرق الأوسط
ثمة تباين بين موقف المرشحان للانتخابات الأمريكية من نظام الحكم في مصر وفيما يتعلق بقضية الإرهاب في الشرق الأوسط، من حيث الجوهرية في درجة الاختلاف، إذ كانت رؤية "كلينتون" المعلنة فيما يخص "الإرهاب" تمتاز بشكل من الرصانة والهدوء في دحره، عكس "ترامب" الذي بدا أكثر قسوة وانفعالية في رؤيته تجاه مواجهته. إذ وجد "ترامب" أن "إغلاق الحدود، لمنع وصول الإرهابيين.. وقف استقبال اللاجئين السوريين.. بناء جدار حدودي وترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين الذين لا يحملون الوثائق"، هو السبيل الوحيد، فيما وجدت "كلينتون"، إن "تخفيف القيود على الهجرة.. عدم ترحيل سوى المجرمين العنيفين والإرهابيين"، الحل الأجدى لمنع المزيد من التطرف.
اتهام "ترامب" لـ "كلينتون" بمساهمتها في نشر الإرهاب العالمي إزاء سياساتها كوزيرة للخارجية تحت إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما، في أحد خطاباته أواخر يونيو المنصرم، بقوله "قرارات هيلاري كلينتون نشرت الموت والدمار والإرهاب في كل مكان طالته يدها.. ليبيا كانت دولة متعاونة بينما كان العراق يشهد تراجعا بمعدلات العنف كما كانت سوريا تحت السيطرة وإيران مختنقة بالعقوبات ومصر يحكمها نظم صديق يحترم معاهدة السلام مع إسرائيل، ولم يكن تنظيم داعش موجودا حتى"، قابله رد عنيف من قبل المرأة القوية، خلال مؤتمر صحفي عقد بمطار نيويورك، بداية الشهر الجاري، نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إذ قالت "كلينتون" إن "فوز ترامب بالانتخابات سيكون هدية لتنظيم داعش الإرهابي". وقالت خلال مقابلة تليفزيونية أجرتها مع القناة الثانية الإسرائيلية، في 9 من سبتمبر الجاري، ردا على سؤال حول سبب عدم استخدامها عبارة "الحرب على الإسلام المتطرف"، إن الجهاديين يقولون "نرجوك يا الله، اجعل ترامب رئيسا لأمريكا.. أريد هزيمتهم، أريد أن أنهي حكم إرهابهم، لا أريد أن يشعروا كأنهم يحصلون على مجندين إضافيين بسبب سياساتنا".
الصراع في سوريا
رغم استمرار "كلينتون" بمنصب وزير الخارجية الأمريكية لأربع سنوات تحت إدارة "أوباما"، إلا أنها أعلنت على لسان جيريمي باش مستشار السياسة الخارجية لحملتها الانتخابية أنها بصدد "مراجعة كاملة" لاستراتيجية الولايات المتحدة في سوريا، باعتبار ذلك "أولى المهام الرئيسية" لتقلدها رئاسة البلاد، وفي حالة جلوسها على المقعد الأمريكي الأعلى ستعدل سياسة الولايات المتحدة للتأكيد على الطبيعة "المجرمة" لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، حسب وصف "باش"، وأضاف مستشار السياسة الخارجية لـ صحيفة الـ"تليجراف" البريطانية، أن "كلينتون ستقوم بتصعيد القتال ضد تنظيم داعش، كما ستعمل أيضا على تنحية الأسد، على حد سواء". فيما امتدح ترامب جهود فلاديمير بوتين بمحاربة تنظيم الدولة، مؤكدا أنه سيؤيد جهود الرئيس الروسي "مئة بالمائة".
الموقف من إسرائيل
لم يحمل الموقف من القضية الفلسطينية الإسرائيلية نفس الاختلاف الذي اعتاده المرشحان في سجالتهم الإعلامية، حال السياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل طوال الوقت. غير أن الحدة لا تغيب عن المرشح الجمهوري كعادته، وفي مقابلة أجراها "ترامب" مع موقع "ديلي ميل كوم" البريطاني، قبل أربعة أشهر، قال إن على إسرائيل مواصلة سياستها التوسعية في بناء المستوطنات في الضفة الغربية؛ لأن الفلسطينيين "أطلقوا ألف صاروخ على الدولة اليهودية"، كما دعا "ترامب" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مواصلة عمليات الاستيطان في مناطق الفلسطينيين، رافضا أي توقف لتحفيز محادثات السلام مع الفلسطينيين، فيما قال عن نتنياهو "لا أعرفه كثيرا، لكنني أعتقد أن لدي علاقة جيدة معه".
فيديو قد يعجبك: