لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إدوارد سعيد.. "الأرض كلها فندق وبيتي القدس"

04:58 م الأحد 25 سبتمبر 2016

الكاتب والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد

كتبت- ندى الخولي:
"سكنتني رغبة العودة منذ إصابتي بمرض سرطان الدم. لكن ثمة عندما استيقظ كل صباح شعور غريب يتملكني منذ أن عدت إلى البلاد فأقول لنفسي: أنا في بلادي، في الأرض حيث شهدت عيناي النور. بيتي على بعد خطوتين ولكنه ليس لي، بل أنام في الفندق وأستيقظ فيه".

هذه العبارات جزء من خطاب الكاتب والمفكر الفلسطيني، إدوارد سعيد، لإحدى الصحف الفرنسية، والذي حمل عنوان "الأرض كلها فندق وبيتي القدس".

الكاتب والمفكر الذي يتزامن اليوم مع ذكرى وفاته، عاش والقدس محفورة في وجدانه الإنساني والفكري، وطالما أعلنها صراحة، "لم استطع أن أعيش حياة ساكنة أو غير ملتزمة.. ولم أتردد في إعلان انتمائي والتزامي بواحدة من أقل القضايا شعبية على الإطلاق".

اتسعت الأرض والحدود من حوله، ووصل صيته وشهرته للعالمية، من خلال ترجمة مؤلفاته إلى عدة لغات، كمؤلفه "الاستشراق"، الذي كتبه 1978، وتناول فيه جملة المؤلفات والدراسات والمفاهيم الفرنسية والإنجليزية والأمريكية عن الشرق الأوسط، والتي اعتبرها سعيد "السبب الرئيسي في الشرخ الحاصل بين الحضارتين الغربية والشرق أوسطية".

أثار الكتاب -بمجرد صدوره لأول مرة- في الولايات المتحدة ضجة وشغل حيزا كبيرا من الاهتمام العالمي. وتناولته كبريات المؤسسات الأكاديمية في العالم بالنقاش، وترجم إلى العديد من اللغات.

واعتبره سعيد، الكتاب الأول في سلسلة من ثلاثة كتب تتناول العلاقة بين العالمين الغربي والعربي. والكتابان الآخران هما "القضية الفلسطينية" و"تغطية الإسلام".

ولد إدوارد وديع سعيد، في الأول من نوفمبر عام 1935 بالقدس، كان أستاذا جامعيا للغة الإنجليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الكولونيالية (الاستعمار).

كتب عن نفسه في مذكراته المعنونة "خارج المكان Out of Place" التي ألفها عام 1999، أنه فلسطيني وأمريكي في الوقت ذاته، وله لغتان هما العربية والإنجليزية وكلتاهما بمثابة لغته الأم على حد سواء، لدرجة أنه لم يكن قادرا على فهم الفصل بينهما.

وقال أيضا إن دافعه الرئيس لكتابة هذه المذكرات، هو "حاجتي إلى أن أجسّر المسافة، في الزمان والمكان، بين حياتي اليوم وحياتي بالأمس. أرغب فقط في تسجيل ذلك بما هو واقع بدهيّ دون أن أعالجه أو أناقشه".

اهتم إدوار بالموسيقى وأبعادها الثقافية والسياسية منذ طفولته وكان عازف بيانو بارعًا وتأثر في هذا الجانب ببتهوفن وفاجنر وباخ وموتزارت، كما وجد نفسه قارئًا مثقفًا وإنعزالياً متوجسًا في كثير من محطات حياته.

وبالإضافة إلى كونه ناقدًا أدبياً مرموقًا، فإن اهتماماته السياسية والمعرفية متعددة وواسعة تتمحور حول القضية الفلسطينية والدفاع عن شرعية الثقافة والهوّية الفلسطينية، وعن عدالة هذه القضية وحقوق الشعب الفلسطيني.

كما تتركز اهتماماته والموضوعات التي يتناولها على العلاقة بين القوة والهيمنة الثقافية الغربية من ناحية، وتشكيل رؤية الناس للعالم وللقضايا من ناحية أخرى.

ويوضح إدوارد سعيد هذه المسألة بأمثلة عديدة وبتفاصيل تاريخية في مسألة "الصهيونية"، وترعرعها في الغرب، ونظرة الغرب إلى العرب والإسلام والمسلمين وثقافات العالم الأخرى.

توفي الكاتب والمفكر، في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 2003 بعد صراع طويل مع مرض السرطان؛ لكنه حين مات ترك من خلفه إرثا ثقافيا فكريا توحدت فيه شخصياته المتعددة (الناقد والمفكر والموسيقي والسياسي).

واعتبر الأديب نجيب محفوظ، وفاته "خسارة فادحة ليس فقط للنقد الأدبي بل أيضاً للقضية الفلسطينية التي كانت رؤية الراحل الموضوعية ازاءها تحظى باحترام كبير في كل مكان في العالم".

وقال عنه الشاعر الفلسطيني، محمود درويش "لا أستطيع أن اودّع إدوارد سعيد، من فرط ما هو حاضر فينا وفي العالم، ومن فرط ما هو حيّ. ضميرنا وسفيرنا إلى الوعي الإنساني سئم، أمس، من الصراع العبثي الطويل مع الموت. لكنه لم يسأم من مقاومة النظام العالمي الجديد، دفاعاً عن العدالة، وعن النزعة الإنسانية، وعن المشترك بين الثقافات والحضارات.".

وزاد درويش في نعي صديقه "كان بطلاً في مراوغة الموت طيلة اثني عشر عاما".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان