الوجه الآخر للحصار.. عبد الرحيم يطوف غزة بالدراجة ليروي حكاياتها
كتبت-دعاء الفولي:
رغم الضيق مازال خيال عبد الرحيم الزريعي خصبا. يوقن أن حصار غزة لم يكن ليمنعه عن فعل ما يُحب، لذا بدأ مغامرة جديدة؛ اصطحب دراجته ليطوف بها القطاع، يُقابل ساكنيه، يرصد الأماكن المختلفة، يتعرف على تاريخها ويحكي عنها، مشجعا الآخرين على كسر الروتين اليومي وتصدير صورة مختلفة عن غزة.
"رحال غزة" هو عنوان الجولات التي بدأها الشاب الفلسطيني مطلع ذلك العام "ليا أهداف كتير بس أهمها تعزيز ثقافة الرياضة وإني أعرف أكتر عن القطاع". صفحة على موقع فيسبوك تحمل نفس الاسم كانت هي مستودع صور ومقاطع مصورة وحكايات يسردها الشاب البالغ من العمر 22 عاما.
من مدينة دير البلح حيث يقطن الزريعي بدأت الجولة الأولى "لقيت الناس كتير مرحبين فيا"، علم الشاب مما شاهده أن الناس "عايزين يهربوا شوي من فكرة الحصار والحرب ويشوفوا أشياء مبهجة".
بالدراجة أو على قدمه يستأنف الشاب الجولة "بسأل الناس عن تفاصيل المكان وبسمع منهم وبحكي لهم عنه"، تلك الحالة من النقاش تُسعد الزريعي، وما أن ينتهي اليوم ويعود إلى المنزل حتى يُسجل ما حدث بالفيديو وينشره على الصفحة.
أكثر من 80 منطقة ومكانا زارهم الشاب في القطاع "للأسف كتير منهم ما قدرت أصوره لضعف الإمكانيات"، ليس للزريعي أسس مُحددة للاختيار "يعني أي مكان بحس إنو هيعطيني إضافة بروحه".
ذهب الشاب إلى غزة القديمة، وعاين الآثار المختلفة"زي متحف الباشا يلي بعود إلى العصر الإسلامي المملوكي وبيت فلسطيني اسمه العلمي يلي بعود عمرو ل اكثر من 430 عام وكمان كنيسة القديس برفيريوس وهي أقدم تاني مكان في غزة بعد مقام الخضر". زار الأسواق المتنوعة، عرج على المصانع ملتقطا صور لعمالها ومتحدثا عنهم، فيما لا يخلو الأمر من زيارة القرى المتباينة مثل قرية الزوايدة، أو جولة تضامنية تعريفية بأسرى السجون الإسرائيلية.
عادة ما تستغرق جولات الزريعي يوما واحدا، يحكي أن أطول مُدة قضاها كانت 3 أيام، حين سار بالدراجة بمحازاة الشريط الساحلي لقطاع غزة فيما لا يخلُ الأمر من عوائق تقابله في الطريق.
نقص المُعدات اللازمة للرحلة هي أكثر ما يُعاني الزريعي منه "سواء معدات التحرك مثل الحقائب والأحذية أو معدات التصوير وتوثيق الجولة"، كما تبقى المشكلة المادية المتعلقة بتغطية نفقات الجولات "هاي الأشياء بتكبل حركتي"، لذا حاول الحصول على تمويل يُحسن الظروف قليلا، واستطاع أخيرا الوصول لمبتغاه منذ أيام.
بينما كان فيسبوك يضج بقصص "كام شير" على اختلاف نتائجها ودوافعها، فكّر ابن دير البلح في استغلال الأمر لصالح مشروعه؛ تواصل مع شركة Tactical hikers المتخصصة في بيع مُعدات التسلق والترحال والتخييم، طلب منهم إمداده بمُعدات تُساعده في مشروعه مقابل الحصول على 5000 إعجاب من متابعي فيسبوك خلال 4 أيام "وقدرت الحمد لله أكسب التحدي".
حين عرض الزريعي مشروعه على الشركة "كانوا موافقين إني أخد معدات دون تحدي ولا إشي.. كانوا عايزين يساعدوا"، لكنه أراد الشعور باستحقاق المعدات "مكنتش حابب يبقى الأمر هيك سهل"، والآن وقد حصل الشاب الغزّي على مبتغاه "بديت أحس إنه أحلامي عم تتحقق".
لا تسير جولات الزريعي دائما على ما يرام "أحيانا بيكون فيه خطر وحيوانات أو حشرات وفي جولات بتكون بأماكن ممكن تسقط عليا لأنها قديمة"، يواجه بعض التعنت من سكان المناطق المختلفة " فيه ناس رفضت فكرتي بسبب الوضع الأمني بس فهمتهم انا شو بعمل وما لي خص بالسياسة وفقط بدي أظهر وجه غزة الجميل"، فيما لا ينسى جُمل الترحيب والتشجيع التي يلاقيها بكل مكان يمر به، خاصة الأطفال الذين يطلبون التقاط الصور معه.
لا يقتصر حلم الترحال على غزة "بدي أخرج لدول أخرى". لكن يعيقه التصاريح الأمنية والوضع الاقتصادي الصعب "بس رغم هيك أعددت خطة الطواف بمصر والأردن"، إذ أراد البدء بهما لكونهما الأقرب.
يسعى الزريعي لجعل جولاته دورية "منشان ما أنقطع عن تشجيع الناس على معرفة غزة"، لا يُبالي بالتعليقات السلبية على ما يفعل "لأنه مش عشان إحنا بحرب يبقى حياتنا تصير كلها حرب"، يُثمن التجربة التي غيّرت فيه الكثير " الأهم إني صرت صبور على الرحلات وبالتالي على الحياة ".
فيديو قد يعجبك: