شهر واحد فرّق بينهم.. "كريم" يفقد صديقيه في "حادث الواحات"
كتبت- شروق غنيم:
في منتصف أغسطس الماضي كان يُنهي المجند كريم عبدالعزيز خدمته في الجيش، ودَّع رفقائه حسن زين العابدين وعمر فرغلي "عِشرة سنتين"، تمنى أن تنتهي مُدتهم بسلام، إذ كانت أيامه لا تمر بدونهما، حتى في المأموريات لم يفترق الثلاثي، لكن بعد مرور شهر واحد، فُجِع الشاب عليهم، إذ وجد أسماء صديقيه في قائمة شُهداء أحداث الواحات.
أكل الحزن قلب عبدالعزيز على رِفاقه "صُحبتهم في الجيش كانت حلوة، كانوا أهلي اللي هناك". في البداية جاءته أنباء عن استشهاد زين العابدين، تمنى ألا يكون ذلك صحيحًا، لكن بحلول عصر اليوم، انضم فرغلي إلى الأول. لم يتخيل الشاب العشريني أن يبتلع الموت صديقيه "حسيت إني بحلم وإن ده مش حقيقي".
وأعلنت وزارة الداخلية، في بيان رسمي اليوم السبت، استشهاد 16 من رجال الشرطة (11 ضابطًا، 4 مجندين ورقيب شرطة)، وإصابة 13 آخرين، ومقتل وإصابة 15 "إرهابيًا"، خلال مأمورية، أمس الجمعة "في مداهمة وكر إرهابي للمنطقة المتاخمة للكيلو 135 بطريق الواحات بعمق الصحراء".
كان حسن زين العابدين، والذي يبلغ 22 عامًا، هو الأصغر سنًا وسط الثلاثي، لم يكن يفصل بين انتهاء خدمته وما حدث أمس سوى أقل من شهر "كان هيخلص في 25/11 اللي جاي، سبحان مُبدِل الأحوال، شهر واحد عمل فينا كلنا".
قبيل انقضاء مُدته في الجيش؛ كان يغزل زين العابدين أحلامه البسيطة وما سيفعله في بلدته سوهاج "كان ناوي يخطب البنت اللي بيحبها أول ما يخلص"، فيما كانت إجازاته النصف شهرية بالخدمة هي الملاذ لتحقيق ذاك الطموح "كان بينزل يشتغل مبيض محارة عشان يقضي مصاريفه ويحوّش".
الليل؛ كان بُساط الثلاثي لإطلاق العنان لحكاياتهم، عن مدينتهم والأهل والمستقبل كانت تدور الأحاديث، ورغم أنهم لم يلتقوا قبل الخدمة إلا أن كل الحواجز قد ذابت بينهم بِفعل اللمة والعِشرة "كنا في عنبر واحد، أكل وشرب مع بعض، حتى لما حد فينا يتزنق في فلوس التاني بيسّد ويقف جمب التاني".
المنيا كانت بلدة فرغلي؛ يحكي عبدالعزيز أنه كان يتحرى شوقًا للإجازة حتى يلتقي بأسرته، ويساعدهم بالعمل سائق على عربيتهم، فيما كانت ستنتهي خدمة الثلاث سنوات بالنسبة له في الخامس والعشرين من يناير العام المقبل "كنت أنا وهو فاهمين دماغ بعض وعلى طول نتكلم ونهزر سوا".
من 20 يوم؛ كان آخر لقاء يجمع الثلاثي بمنطقة خدمتهم "كنت رايح أجيب شهادتي وهما كانوا طالعين خدمة سوا"، تبادلوا الأحاديث والوعود بالالتقاء مُجددًا حينما ينتهوا من مدتهم "قالولي إدعيلنا نخلّص على خير" يتذكر عبدالعزيز ذلك والألم يعتصر قلبه، بينما كان يتمنى وجوده في الخدمة وقت تلك الأحداث "كنت هبقى وسطهم، يا إما كنا موتنا سوا يا كنت جيبت حقهم".
فيديو قد يعجبك: