بالصور.. 4 أطفال يشاركون في ملتقى "البرلس" لتجميل الكورنيش
كتب- إشراق أحمد ودعاء الفولي:
تصوير-جلال المسري:
مع دقات الواحدة ظهرًا، هرول تلاميذ مدينة البرلس-كفر الشيخ- لمشاهدة الفنانين الوافدين لمنطقتهم، إلا أربعة توجهوا صوب حائط الكورنيش، خلعوا عنهم رداء المدرسة، وارتدوا حُلة الرسامين المشاركين في ملتقى البرلس الدولي للفنون، خُصص لهم جانب من جدار ليضعوا لمساتهم عليه مثل أي رسام قدم إلى المدينة الصغيرة، فصاروا مميزين بين صغار برج البرلس الذين لم يتوقفوا منذ اليوم الأول للفاعلية عن الالتفاف حول القادمين لتزيين الحيطان برسومات فنية.
يقبض فتحي مصطفى، 11 عامًا، على فرشاة مغموسة باللون الأزرق، يمر على فرغات غير ملونة أعلى رسم لـ"بقرة"، كان قد أمضى أول أمس في عمله.
مع دبيب خطوات الفنانين على أرض برج البرلس، في الثاني من أكتوبر الجاري، خرج الصبي من منزله، يسبقه الشوق للحدث المقام للعام الرابع على التوالي، في يده حمل رسمة ملونة لبقرة نفذها مسبقًا، وأخذ يبحث عن مّن يريه ما صنعته يداه، وعند مقهى مطل على كورنيش البحر، لمح الرسامة رشا سليمان -أحد المشاركات في الملتقى- فقال لها "أنا بعرف أرسم وعايز أرسم معاكم"؛ تهللت أسارير السيدة، فهذا ما تمتهنه، إذ أنها تدير مشروعا في القاهرة لتعليم الرسم للأطفال.
عرض فتحي "بقرته" على رشا، انبهرت الرسامة بعمل طالب المرحلة الابتدائية، حتى أنها سألته "أنت اللي راسم ده؟"، ليحلف الصبي في براءة، قبل أن تطالبه الرسامة المُشاركة للمرة الأولى في الملتقى أن يرسم مثلها على الحائط.
في الركن المجاور للوحة الرسامة الخمسينية، وضع فتحي لمساته، يهوى الصغير الرسم، يمارسه في الفصل، ولا يتركه في المنزل، حتى أنه يشارك في المعارض المقامة في مدرسته وقصر ثقافة البرلس.
وبينما عكف فتحي على رسمته يُكبرها وينقلها من الورقة المصاحبة له، حضر ثلاثة صبية: محمد عبد السلام، سمير عبد ربه، وصبحي عصام، حملوا الطلب ذاته، بالرغبة في المشاركة بالرسم.
بخطوات مترددة ذهب صبحي ذو الأربعة عشر عاما إلى مكان الرسامة وابن منطقته فتحي، كُراس صغير حملها صبحي رسم فيها نخلة "أستاذة رشا قالتلي أنقلها على الحيطة".
بهدوء شديد بدأ صبحي الرسم، ابتهج قلبه، شعر أن خطوطه هامة "رسمت النخلة بقلم فحم الأول وبعدين لونا بالفرشة"، حوله تحلْق أصدقائه، بعضهم يشجعه، آخر يسخر، وثالث صامت، فيما استجمع الرسام الصغير تركيزه لينتهي خلال نصف ساعة.
يحتفظ صبحي بكراس الرسم دائما، في كل صفحة لوحة صغيرة غير مكتملة؛ فتلك للأهرامات، أخرى للشمس والسماء، فيما يفضّل الطفل رسم المراكب "ونفسي أتعلم أرسم أشخاص زي ما بشوفها ع الحيطان".
هذه المرة الأولى التي يشارك فيها صبحي بالرسم في الملتقى "السنة الي فاتت لونت بس"، ينظر الفتى بعين الانبهار لما يراه على البيوت، لا يضيع وقتا دون الانخراط معهم "بخلص المدرسة وآجي جري أرسم".
في المكان ذاته رسم الصبية الأربعة لوحة مشتركة، جوار البقرة، وضع سمير شجرة، وأسفلها رسم محمد عبد السلام زُهريتين ورد، وأنهى صبحي حدود عملهم بنخلته، فيما تكمل رشا لوحتها من بعدهم "الأطفال دول إبداعهم لسه بِكر وعندهم إحساس يمكن فنانين كبار ميملكهوش" تقول الرسامة بينما تشرف على تلوين الصغار لرسومهم، وتهيء المكان لهم بإبعاد أقرانهم ممن يدفعهم الفضول للتزاحم حولهم.
بين الرسامين الصغار، كان فتحي صاحب الخبرة "السنة اللي فاتت رسمت برضه"، يتراجع الصبي خطوات عن مكان رسمهم الحالي ويتوقف عند رسمه لسمكتين إحداهما كبيرة والأخرى أصغر، يشير إليها بأنها عمله. لازال أثار رسمه موجودا رغم تآكل بعض الرسوم الأخرى بفعل مياه البحر.
بابتسامة فخر وكلمات خجولة يقول فتحي "كان معايا الشكل رسمته في ورقة وعملت زيه على الحيطة". منذ مشاركته الأولى في الملتقى، أحب الصبي الرسم على الحيطان، فضله عن الورق وإن لم يتوقف عن استخدامه "الرسم في الشارع أحلى عشان كل الناس تشوفه".
خلاف استخدام الصغار لفرشاة التلوين، استعمل سمير أصابعه لسد الفراغات الصغيرة. رغم حب الصبي ذي الحادية عشر عامًا للعب الكرة، لكنه يرسم منذ الصغر، لذا تشجع مع صبحي، زميله في الفصل للمشاركة برسمته التي استغرقت منه خمس دقائق فقط قبل تلوينها.
أما محمد عبد السلام، ود لو استطاع أن تكون وردته "مرسومة صح" حال تلك اللوحة التي أعجب بها في الملتقى هذا العام وتضمنت رسم أشخاص كثر داخل ما يشبه المركب.
يرغب محمد، طالب المرحلة الابتدائية أن يصبح محاميًا، متأثرًا برؤيته لهيئة دفاع داخل محكمة أثناء صحبته لوالدته"حسيت أنهم بيعملوا بالعدل"، ويتمنى صبحي لو أصبح ضابطًا بالجيش، فيما لا يختلف حلم فتحي عن هوايته "عايز أطلع رسام".
مع اكتمال لوحة الصغار، وقع كل منهم باسمه على رسمته، ومن حولهم تحمس أطفال لخوض مثل تلك التجربة، التي قرر محمد أن يصورها لتراها والدته.
فيديو قد يعجبك: