مصراوي يبحث: هل اختراع "زويل الثاني" حقيقي؟.. ومؤسسات علمية: "ما نعرفوش"
كتبت- نانيس البيلي:
تصوير- أحمد حسين ومحمود أبو ديبة
"أنا عالم مصري، أنا زويل الثاني... مصر في الاسطوانة دي"، بهذه الكلمات قاطع الشاب "فخري مصباح" الجلسة الأولى في منتدى شباب العالم "اختلاف الحضارات والثقافات.. صدام أم تكامل"، والتي عُقدت 6 نوفمبر الجاري بشرم الشيخ، قبل أن يسمح الرئيس عبد الفتاح السيسي له بالتحدث، ليبشر الشاب المصريين: "عملنا كُلية اصطناعية قابلة للزراعة في جسم الإنسان، من النهاردة مفيش فشل كلوي تاني".
لم يكتف الشاب الغامض بما حدث في المؤتمر وأدلى بعدد من التصريحات الصحفية واللقاءات التليفزيونية، أكد خلالها أن "اختراعه انتهى بنسبة 70%" وأن "الجهاز موجود وشغال، وأنه لم يُجر تجارب على أحد، والأمر يحتاج لموافقات، والجزء الباقي من الاختراع بسيط".
انتهى المؤتمر، لكن بقى السؤال الذي يشغل الكثيرين: هل اختراع الشاب حقيقي؟... "مصراوي" قرر البحث، وكانت البداية من أبرز جهتين بحثيتين، قال الشاب إنه يعمل على مشروعه معهما، وهما أكاديمية البحث العلمي والمركز القومي للبحوث، ثم مواجهة الشاب نفسه.
"مش تبعنا"
أكاديمية البحث العلمي في شارع قصر العيني بمنطقة السيدة زينب، كانت الوجهة الأولى لـ"محررة مصراوي"، التي سألت إدارة الإعلام بالأكاديمية حول تفاصيل اختراع الشاب فخري مصباح وفريقه، لتطلب منها "شيرين صبري" المتحدثة الرسمية للأكاديمية، الانتظار لحين التأكد من الأمر.
في اليوم التالي، هاتفتني "صبري"، وقالت إنها لم تجد اسمه موجوداً على السيستم الخاص بمكتب براءات الاختراع بالأكاديمية، وأضافت أنها بحثت أيضًا باسم الاختراع "الكُلى الصناعية" لتجد أشخاصاً كثيرين تقدموا للحصول على براءة اختراع عن موضوع الكلية الصناعية ولكن بأسماء أخرى غير اسم هذا الشاب.
لم تستبعد "صبري" احتمال أن يكون سجَّل بالأكاديمية باسم شخص آخر من فريق عمله، لكنها قالت "حتى هذه اللحظة هو مش تبعنا".
وأبدت "صبري" استعداد الأكاديمية لمساعدته إذا كانت لديه فكرة اختراع حقيقية قائلة: "خلينا إيجابيين، لو ذكر اسم الأكاديمية عشان يطلع على كتفها كمكان مؤسسي وطلع موضوعه سليم ومش لاقي غير الطريقة دي عشان يوصل فإحنا هنساعده".
وقالت إنها تريد التواصل معه والتحقق من جدية وجود فكرة اختراع لديه لمد يد العون له، "لو هو مش مقدم في الأكاديمية معندناش مانع نساعده، أو لو مقدم باسم حد تاني نشوف تسريع لإجراءات الحصول على البراءة".
وأوضحت أنه في حالة ثبُت عدم وجود أي اختراع لديه، ستقوم الأكاديمية بالرد من خلال وسائل الإعلام ونشر تصحيح حول الأمر.
القومي للبحوث: الشاب بيكذب.. تأكدنا
ومن قصر العيني إلى شارع التحرير بمنطقة الدقي، توجهت "محررة مصراوي" للمركز القومي للبحوث، واستفسرت من العاملين بإدارة العلاقات العامة والإعلام حول ذلك الاختراع، فطلبوا منها الانتظار لحين التحقق من الأمر.
أحد موظفي قسم العلاقات العامة اصطحبني إلى صالة الاستقبال، واصلت الإلحاح عليه لكي يهتم بالأمر، فطلب مني الانتظار لحين الاستفسار بنفسه من مكتب رئيس الأكاديمية.
بعد حوالي 30 دقيقة، عاد الموظف وأخبرني بأن سكرتير رئيس الأكاديمية تواصل مع معظم رؤساء الأقسام فأكدوا أنهم لا يعلمون شيئا عن هذا الشاب أو فكرة اختراعه "قالوا معندهمش خلفية عنه، بنسبة 99% بيكذب لأن مفيش حد شغال معه من المركز"، وطلب مني الانتظار يوما آخر لإعطائي الرد المؤكد.
وفي اليوم التالي، هاتفني الموظف وأجاب: الشاب فخري مصباح لا يتعامل مع المركز القومي للبحوث "مش تبعنا، دوّرنا في كل الأقسام وتأكدنا".
بيت "العالم الدكتور فخري"!
إلى قرية القطوري التابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة، توجهت بعد ذلك، حيث يعيش الشاب فخري مصباح، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، صاحب الـ22 عاما، مع أسرته في منزل متواضع من طابقين.
لافتة على منزله: شكرا للرئيس السيسي لاحتضانه العالم الدكتور فخري مصباح بمنتدى الشباب
بجانب بوابة المنزل الصغير، عُلقت لافتة كبيرة كُتب عليها "شكر واجب للرئيس السيسي لسعة صدره واحتضانه العالم الدكتور فخري مصباح بمنتدى شباب العالم".
داخل غرفة نومه، يوجد معمل بدائي بسيط يحتوي على عدد من الأجهزة "ميكروسكوب" ومواد كيميائية.. "جمعتها مع الوقت، كل ما بحتاج حاجة بجيبها"، قالها "مصباح".
مصباح: الأكاديمية والمركز دورهما "ودي"
بسؤاله عن دور أكاديمية البحث العلمي والمركز القومي للبحوث في فكرة اختراعه كما أعلن خلال منتدى الشباب، قال مصباح: "الأكاديمية لم يكن لها دور، وتعاملي معها كان بسيط يعني، كنت بستعين بمرجع منها، أو حاجة من دكتور معين".
وأضاف: "أكاديمية البحث العلمي تدعم نظريا فقط وليس عمليا، ولا علاقة لها بجزء التطبيق، هي فيها موظفين بس، واختراعي يحتاج إلى معامل للتطبيق".
وفيما يتعلق بالمركز القومي للبحوث، قال مصباح: "كان فيه 2 أطباء بيساعدوني وديًا، وعرضنا عليهما المشروع فتحمسا لنا، شافوا فيه أمل فكانوا بيتعاملوا معانا إننا أذكياء وهنوصل، وبيساعدونا باللي يقدروا يعملوه، ما هما كده كده دكاترة وعندهم معمل وهما المتحكمين فيه، فمحدش هيكلمهم يقولهم بتعملوا إيه، فكنا بنقعد معهم ويسألونا انتوا وصلتوا لحد فين، يعني والأمور بتمشي".
وبالاستفسار عن هذين الطبيبين، رفض الإفصاح عن اسميهما، بدعوى أن الفريق الذي يعمل معه كبير ولا يجوز ذكر اسم أشخاص دون الباقي "لو قلت اسمهم فيه دكاترة من اللي ساعدوني هتزعل، بس قريب هنعرض التيم كله، وأي جديد هبلغك".
فكرة اختراعه:
يقول "مصباح" إنه بدأ مشروعه قبل 3 سنوات بعد وفاة والده بمرض الفشل الكلوي، مشيرا إلى أنه كان وقتها طالبا في السنة الأولى بكلية الصيدلة، "بدأت الاختراع بكل ثقة وتحدٍ، كنت عايز أوصل لحل لشفاء ملايين المرضى في العالم، واخترتها لأن الكُلية الصناعية هي الحل الوحيد لمرض الفشل الكلوي".
يصف طالب الصيدلة اختراعه بأنه عبارة عن كلية اصطناعية قابلة للزراعة في جسم الإنسان وتقوم بوظائف وعمل الكلية الطبيعية، كتنقية الدم من الفضلات والمياه الأملاح، وأوضح أن حجمها سيكون في حجم الكلية الطبيعية، وسيتم زراعتها جراحيًا، وستقوم بعملها، وأشار إلى أن سعر الجهاز لم يحدد لأنه لم يكتمل بعد.
فريق البحث "أسري"
6 أفراد هم عدد فريق البحث، يرأسهم طالب الصيدلة "عمل تطوعي وأنا اللي قايم بالموضوع"، ويوضح أن من بينهم شقيقه الأكبر وهو خريج كلية الحقوق.
ويضيف "مصباح" أنهم مجموعة من الشباب من كليات الطب والصيدلة والهندسة والعلوم، تعرف عليهم من خلال المؤتمرات العلمية التي يحضرونها "كنت باعرض عليهم الفكرة، فمنهم اللي اتحمس وانضم للفريق، وهكذا بدأنا نزيد واحد وراء الثاني".
مصباح: التعليم العالي رشحتني للمؤتمر "على أساس تفوقي الدراسي.. مكنش عندهم خبر بالاختراع"
ويشير إلى أنه حاول التواصل مع عدد من الأساتذة في أكثر من جهة بحثية، "حاولنا نوصلهم ببعض ما بين كلية علوم وصيدلة والمركز القومي للبحوث".
سألناه كيف تم ترشيحه للمشاركة في منتدى شباب العالم، فأجاب قائلا: عن طريق ترشيح وزارة التعليم العالي، وقبل أسبوع من بداية المؤتمر تم إبلاغي، "اختاروني على أساس تفوقي الدراسي، لأن هم مكنش عندهم خبر بالاختراع".
التعليم العالي تبرر
من جانبه، قال مصدر مسؤول بوزارة التعليم العالي إن رئاسة الجمهورية طلبت من الوزارة – قبل فترة من موعد منتدى الشاب - ترشيحات لمشاركة عدد من الطلاب، وأن الوزارة أرسلت خطابات للجامعات المعنية "وهي الأقرب من حيث المكان للفعالية" لترشيح عدد معين من الطلاب.
وعن آلية اختيار الطلاب المرشحين، أوضح المصدر- طلب عدم نشر اسمه- أنهم يختارون المتفوقين دراسيا، وأصحاب براءات الاختراع، ومن أنجزوا مشروعات تخرج فازت بجوائز قومية أو محلية، والحاصلين على جوائز في الأنشطة المختلفة.
مواجهة متأخرة
وعندما واجه "مصراوي" فخري مصباح برد المؤسستين العلميتين، قال إن الخطوات الأولى مع المؤسستين كانت "تطوعية"، وإنه تقدم، أمس الاثنين، بطلب إلى أكاديمية البحث العلمي للحصول على براءة اختراع، أما عن المركز القومي للبحوث فقال إنه التقى، اليوم الثلاثاء، مع أحد الأساتذة وأنه وعده بتوفير معمل له بالمركز وتزويده بخبراء لمساعدته في تنفيذ فكرته.
فيديو قد يعجبك: