"كشك حسن السوداني" مهدد بالإزالة.. حكاية ملتقى الساويسة في الحرب
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتب- فايزة أحمد:
"يا إما أشهد زور يا إما كشك حسن السوداني هيتزال".. كلمات تُلخص معاناة حسن محمد خير الذي يدير "كشك الصحافة" الكائن بشارع "سعد زغلول" بمحافظة السويس، حيث يترقب قرارًا من قِبل المحافظة التي أنذرته مطلع الأسبوع الماضي، بإزالة الكشك الذي كان شاهدًا على حركة المقاومة التي بلغت ذروتها بالتزامن مع اندلاع حرب الاستنزاف، ساعده في ذلك كونه المنفذ الوحيد لبيع الجرائد آنذاك، مما جعله مقصدًا لشعراء وكُتاب المحافظة الذين دأبوا على التجمع أمامه؛ لمناقشة أحوال البلاد التي كانت مفعمة بحماس الحرب ضد الكيان الصهيوني.
بدأت الأزمة بحلول عام 2012، حين قام أحد المحامين بشراء العقار الذي يحمل رقم (33) والمتاخم للكشك، ذلك الذي طلب من "خير" -صهر حسن السوداني الذي تولى زمام الأمور في الكشك بوفاة الأخير منتصف الثمانينات- أن يُدلى بشهادة زور ضد أحد السكان غير أنه "رفضت بشكل قاطع"، الأمر الذي جعله يفاجئ بتقديم شكوى ضده في الحي "قال إن الكشك غير مرخص.. بس الحي تجاهل الشكوى؛ لأن التراخيص بتاعة الكشك كلها موجودة" وفقًا لحديثه لـ"مصراوي".
لم يسبق أن قدم أحدًا من أبناء الحي أي شكاوى بخصوص كشك السوداني منذ أن أقيم مطلع 1954، عقب محاولاته للعمل بالصيد، إلاّ أن "عم حسن ملقاش نفسه في الصيد؛ كان بيحب القراءة.. فعمل الكشك دا، وكان بيجيله ناس من كل مكان في السويس"، حتى بات بمثابة ملتقى ثقافي لجميع مثقفي وشعراء السويس ورموز المقامة، أمثال "عبد الرحمن الأبنودي، محمد حمام وجمال الغيطاني" بالإضافة إلى كابتن غزالي.
لكن الدور الذي قام به هذا الكشك وصاحبه خاصة في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر 1973، حين حمل السلاح رفقة مجموعة أخرى من ضمنهم مندوب الجرائد وسائق سيارة "أخبار اليوم" لمقاومة العدو الإسرائيلي حينذاك، مثلما سرد "الغيطاني" في فيلمه "حكايات الغريب"، لم تكن رادعًا لهذا المحامي الذي قدم مجددًا شكوى كيدية ضد خير في النيابة الإدارية، برقم 746 لسنة 2015، متهمًا إياه بإشغال الطريق العام دون الحصول على تراخيص، لكن "تشكلت لجنة فنية لمعاينة موقع الكشك والعمارة، وقررت في الآخر أنه لا يعوق أعمال الدهان أو وضع السقالات، والقضية اتحفظت".
لدى هذه النقطة لم يعبأ "خير" بهذه الشكاوى؛ نظرًا لأن "كل سنة بروح أطلع التراخيص من الحي والمحافظة ومفيش مشاكل"، لكن بدأت المخاوف تتسرب إليه منتصف العام الماضي، حين أرجأت المحافظة استخراج التراخيص التي تُجدد كل عام "المفروض التراخيص كانت تطلع في شهر يونيه لكن وقفت"، وذلك لتطور الأمر الذي لم يعد يقتصر على الشكاوى فقط، إذ قدّم المحامي بلاغًا ضده في قسم السويس، لكن هذه الحيلة لم تفلح أيضًا "في أول شهر أكتوبر النيابة العامة حفظت البلاغ"، الأمر الذي جعله يحصل على التراخيص نهاية الشهر نفسه.
عقب هذه الواقعة مارس "حسن خير" حياته في الكشك رفقة زوجته ابنة حسن السوداني بشكل اعتيادي، إذ يقسم الزوجان العمل بينهما "مراتي بتقف الشوية بتوع الصبح، وأنا بكمل من العصر لبليل وأهي ماشية"، قنعا الزوجان بما يؤول إليهما من بيع الكتب والجرائد برغم الأزمة التي عصفت بالصحف مؤخرًا، والتي كان لها تأثيرًا كبيرًا على حياتهما "الجرايد الوقتي زبونها بقي بالعافية بس معندناش شغلانة غيرها"، لم يكن هذا السبب الوحيد الذي جعل الزوجان يتمسكا بالكشك وإنما "الكشك دا تاريخ مفيش حد في السويس ما يعرفش قصة كشك الصحافة".
لم يدم طويلًا استقرار الزوجان اللذين تفاجئا منتصف الشهر الماضي، بتقديم مالك العقار نفسه بلاغًا ضده وضد رئيس الحي في قسم الإسماعلية، يتهمهما بأنهما يتشاركان إيراد الكشك، الذي زعم أنه يبلغ (5000 آلاف) جنيه شهريًا، زاد من وطأة ذلك أن الحي أخبره مجددًا مطلع الشهر الجاري بأن الكشك سوف يُزال "رئيس الحي مستناش حتى نتيجة البلاغ هتبقي إيه وقالوا هيشيلوا الكشك".
ظن الرجل الخمسيني أن هذه المرة مثل سابقتها، ولن يحدث شيئًا؛ لإيمانه بأهمية الكشك الذي يعد من معالم السويس كما وصفه الغيطاني في كتابه "أوراق مراسل حربي"، غير أن "الحي مطلعش التراخيص بتاع السنة دي لحد دلوقتي، وكانت المفروض تطلع الشهر دا".
إلى الآن لم يُصدر قرارًا رسميًا من قِبل المحافظة بشأن الكشك، لكن الذي تسلم من "بياع العذاب"-مثلما أطلق الأبنودي على حسن السوداني- تركته يُمني نفسه بأن "لعل وعسى المحافظة تكون مدركة أهمية الكشك وتلغي قرار الإزالة، وتديني التراخيص".
فيديو قد يعجبك: