لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الشقاء بدلا من التكريم.. التعويم يدفع عم "محمد" للعمل بعد المعاش

02:20 م الخميس 02 نوفمبر 2017

أصحاب المعاشات يضطرون للعمل بسبب الأسعار

كتبت-دعاء الفولي:

عام 2010 أدرك محمد عبدالكريم أنه ينفق 40% من راتبه على المواصلات من وإلى العمل؛ قرر صاحب الخمسين عاما حينها تسوية معاشه، متمنيا أن يكفيه مبلغ 600 جنيه شهريا ليدير المنزل لحين إيجاد عمل في مكان أقرب. مرت السنوات، تنقّل الأب لثلاثة أبناء من عمل لآخر، ضعفت صحته وأزعجه عدم الاستقرار، فقرر في نوفمبر الماضي العودة للمنزل ونيل الراحة، لكن تغير خريطة الأسعار بعد التعويم أجبرته على النزول للسوق منتصف 2017.

بعد الخمسين لم تعد الفرص المتاحة أمام عبدالكريم كثيرة "مجال حراس الأمن هو الوحيد اللي كان مناسب ليا"، التحق بأحد المدارس كفرد أمن حتى ترك العمل عام 2015 "المدرسة استغنت عني واضطريت أدور على شغل جديد لحد ما لقيت شغلانة في شركة أمن"، ظل فيها حتى آخر 2016 "بس مكنتش مستريح فقلت بناقص الفلوس وأقعد في البيت"، في تلك الفترة وصل معاش عبدالكريم إلى 1300 جنيها، يُخصم منه كل شهر حوالي 400 جنيه لسداد قيمة القرض الذي أخذه منذ 4 سنوات ليدفع تكاليف زواج ابنته.

"إن جت على البني آدمين مفيش حاجة تمشي، إنما ربنا بيدبر كل حاجة".. تلك الجملة هي دستور عبدالكريم، يرددها لنفسه كلما أظلمت الدنيا. حين استقر في المنزل آخر 2016، حاول التأقلم مع الوضع الجديد بتقليل النفقات، حرم نفسه وأبنائه من الكثير، إلا أن التقشف لم يمنعه من العودة للعمل كحارس أمن في إبريل الماضي.

لثلاث مرات أسبوعيا يمشي صاحب السبعة وخمسين عاما حوالي 5 كيلو على قدميه "بقيت أوفر الـ3 جنيه أجرة المواصلة لمصروف ابني"، يحتاج الفتى الأصغر في أسرة عبدالكريم إلى 500 جنيه شهريا مقابل الدروس الخصوصية بمرحلة الثانوية العامة، فيما يحصل على 10 جنيهات يوميا وأحيانا تزيد.

يُقدّر أبناء عبدالكريم الوضع "ابني الأكبر في كلية وبيشتغل عشان يساعد نفسه"، يتحمل الشابان أزمات نقص الطعام أو الحرمان من بعضه "ممكن نفضل بالأسبوعين ناكل بطاطس بس"، فيما استغنى الأب والولدان عن أطعمة هامة كالألبان "انا لو مشربتش لبن يوميا بدوخ.. بس عودت نفسي من شهر مشتريهوش بعد ما سعره ضرب"، أما اللحوم "بتدخل بيتنا كل فين وفين وفي العيد الكبير ربنا رزقني بحد ابن حلال جاب لي".
بينما يقبع عبدالكريم في عمله الجديد، تراوده الأيام الخوالي، حين كان يعمل بإحدى شركات الأثاث الشهيرة. 29 عاما ترقّى خلالها في عمله من بائع حتى صار مسئولا عن أحد الفروع "بس في 2006 رموني في المخازن بقيت مشرف هناك".. يتذكر الرجل كيف تدهور الوضع فيما "مرتبي نزل جدا لأن في البيع كنت باخد عمولات كويسة"، لم يتوقف الأمر عند ذلك "المخازن في مدينة السلام وانا ساكن في الهرم".. بات مشوار العمل يستغرق حوالي 5 ساعات ذهابا وإيابا "كنت بدفع 15 جنيه مواصلات يوميا وانا عندي الغضروف من الشغل.. فمع كل دة مقدرتش أكمل ".

منذ بدأ عبدالكريم في عمله الأخير "وأنا عارف إن ظروف البلد وحشة واللي بيقولوا عليه التعويم بيضغط على الكل"، قبل أن يستطرد قائلا: "بس اكتر ناس بيتطحنوا في النص هما إحنا"، لم يتأذَ الأب الخمسيني من أسعار السلع فقط، بل الخدمات كذلك، يحاول التهرب حتى إشعار آخر "بقالي اكتر من سنة مدفعتش لا كهرباء ولا ماية وعارف إنها متراكمة عليا بس مش قادر أدفع".

يعمل الرجل 10 ساعات يوميا لعل الأمور تتجه للأفضل. يحسب الميزانية بالقرش، فكل فاقد يأخذ من حجم وجبة طعام أو ثمن "ملزمة" يشتريها الابن الأصغر، أو علاج لمرض طارئ، يبتغي عبدالكريم الراحة "أنا إديت البلد 30 سنة من عمري، ليه بعد كل دة أضطر أشتغل تاني؟".

اقرأ ايضاً:

في زمن التعويم.. أم تعمل في 3 صنايع من أجل لقمة العيش

2017_10_31_13_7_44_676

-"زيتنا في دقيقنا".. كيف يقاوم "العرسان" آثار التعويم بمساعدات أهاليهم؟

1

-بسبب التعويم مات عبد الجليل.. والابن يحكي قصة البحث عن دواء للسرطان

2

 -أسر تتعذر في دفع مصاريف المدرسة.. 80 جنيهًا بعد التعويم "مش قليلة"

3 

-بدون برايل وعصا بيضاء.. ماذا فعل التعويم في حياة كفيف؟

5

-أغلقت دكان الرزق 4 مرات.. نجلاء "عايشة على الصدقة" من بعد التعويم

6

-بعد عام من الغلاء.. ما فعله التعويم بعالم "الخادمات الأجانب"

2017_11_2_11_44_9_952

عام من التعويم سعر الدولار أعباء المعيشة ارتفاع الأسعار عمل كبار السن

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان