خالتي فرنسا تفتح محلها الجديد بعد الحريق.. بفضل أصحاب "الصورة الحلوة"
كتبت-رنا الجميعي:
تصوير: جلال المسري وخالد عبد الغني
عند باب النصر، أحد أبواب القاهرة الفاطمية، بعد مسافة من المشي داخل منطقة الجمالية ستجد شارع اسمه "حبس الرحبة"، عنده يُخايل الأنوف رائحة الطعمية مقلية في الزيت، وصوت المارين يلقون بالتحية على أم محمود الشهيرة بـ"خالتي فرنسا"، التي كانت تستعد لافتتاح المحل، يوم الجمعة الماضي، بعد انقطاع دام خمسة أشهر بسبب حريق المطعم، مصدر رزقها الوحيد.
في رمضان الماضي اشتعلت النيران في مطعم خالتي فرنسا بسبب ماس كهربائي "بعد الفطار جه الواد اللي شغال معايا يرفع كوبس النور راح عامل ماس"، لم يُصاب أحد بشرّ، غير أن النيران أكلت في طريقها كل شيء، يعتبر المطعم هو مصدر الرزق الوحيد لأم محمود الموجود منذ 28 عامًا.
شعرت فرنسا بانهيار، ثُم رحلة بين المحاكم لاستخراج أوراق حكومية لأن المحل داخل مبنى أثري "بتوع الآثار جم، وقالولي لازم استنى المعاينة، قعدت شهر لا قرش داخل ولا قرش خارج"، في تلك الأثناء لم تشعر فرنسا بأنها وحيدة، كان الصديق لها دومًا هو المصور مصطفى الشرشابي، التي تعرّف عليها منذ سنين وأقام لها معرض صور سابقًا "أستاذ مصطفى هو الأخ اللي مفيش زيه".
فاجئها الشرشابي بإعلان على صفحته بالفيسبوك يطلب فيه من الأصدقاء الدعم المالي، "لقيته بيقولي تعالي يا فرنسا ننزل نشتري مكنة الطعمية"، تمكّن المصور الفوتوغرافي بمعاونة العديدين من اكمال المبلغ لإعادة مطعم فرنسا، فرحة لا توصف شعُرت بها أم محمود "يبقى تعبان ويتسنّد عليا وينزل يشتري الحاجة ويدي العربون لبتاع السباكة والكهربا".
ضمن من ساعدوا فرنسا كان المصور خالد عبد الغني الذي يعرفها منذ زمن، يقول "أنا تربيت في المنطقة دي، وهي ست جدعة بتشاركنا في معارضنا"، علاقة ودّ تكونت بين عبد الغني وفرنسا، لم تجعله يُفكر مرتين ما إن كتب الشرشابي عن مُبادرته "كل جروبات التصوير بيحبوها، وكتير جدًا من اللي يعرفها وميعرفهاش ساعد باللي يقدر عليه"، "جدعنة فرنسا" كما يقول عبد الغني هي السبب وراء حُب الناس لها "دايمًا نيجي نفطر أو نتسحر عندها".
تغيّر شكل المحل بعد التعديلات، اختفت أسلاك الكهرباء التي تظهر بين شقوق الجدران، وارتفعت يافطة مُلوّنة عليها اسم "خالتي فرنسا"، بعدما كان المحل دون تسمية، تلتمع عيني أم محمود بالدموع، لا تُصدّق ما فعله الأصدقاء لها "الدنيا كانت مقفلة في وشي، وأنا مش هقدر أوفي اللي عملوه"، ثُم تقول ضاحكة "عياطي المرادي من الفرحة، أنا مبسوطة ان المحل اتحرق عشان أعرف إن الناس دي كلها بتحبني".
عند قهوة عمّ عادل المجاورة جاء الأصدقاء، تجمعوا للاحتفال بافتتاح المحل، جلسوا مُنتظرين خالتي فرنسا التي ارتدت عباءة مزركشة بالأزرق، بيديها "الأرواح" كما تقول، تنقلّت بينهم مُوزعة قطع الحلوى قائلة بصوت ينبض بالسعادة "أنا مش عارفة أشكركم ازاي يا جماعة"، فيما تزغرط "أوشي" الفتاة التي دخلت منذ شهور عالم التصوير، وبدأت أولى خُطاها في منطقة الجمالية لتعرف أم محمود، وتطمئن لها " روحها حلوة، بقيت آجي افطر عندها وأشرب الشاي معاها".
تنشر أوشي حالة من البهجة وسط الجمع، تُعلق بلالين ملونة عند القهوة، كما أعدّت بيدها شارة بيضاء مكتوب عليها ألف مبروك، تفاجئ بها فرنسا لتزين بها عباءتها "مفتكرش إني عملت حاجات تجازي اللي بيعملوه دا كله".
وسط الجمع تجلس سماح امام، لم تر الفنانة التشكيلية خالتي فرنسا قبل ذلك اليوم، بالصدفة عرفت عنها من صديقها الشرشابي، غير أنها قدمت لترى من هي السيدة التي رزقها الله بحب الناس، تقول إنها لو كانت تعرفها من قبل لساعدتها هي أيضًا، تُثني سماح على مبادرة الشرشابي كثيرًا، تتعلق بالفرحة الموجودة بعيني فرنسا "السعادة اللي في عنيها تخلي الواحد يديها قلبه".
فيديو قد يعجبك: