إعلان

قصة "إبراهيم".. دقائق قليلة أنقذته من تفجير "الروضة" بالعريش

06:54 م الجمعة 24 نوفمبر 2017

ارشيفية

كتبت - علياء رفعت:

"نجينا بستر ربنا ولُطفه".. بأنفاسٍ مُتهدجة وصوتٍ مبحوح قالها "إبراهيم الكاشف"، أحد الذين أنقذتهم العناية الإلهية من أن يُضافوا كرقمٍ هو وابنته في قائمةٍ طويلة حوت أكثر من 200 شهيدًا، و109 مُصابين إثر تفجير مسجد الروضة ببئر العبد بالعريش.

دقائق قليلة هى تلك التي فصلت "ابراهيم" عن الموت لتجعله في عِداد الناجين بعد أن قطع مسافة 15 كيلومترًا من منزله، وصولًا إلى منزل ابنته المتزوجة، والذي لا يبعُد عن مسجد الروضة -ببئر العبد- كثيرًا "عندنا عادة بتتجمع العيلة بالبيت الكبير كل جمعة للغدا، بس هَاي الجمعة قررت أروح أجيب البنت قبل الصلاة"، ذلك القرار المفاجئ الذي لا يعرف إبراهيم سببًا لاتخاذه، دفعه للاستيقاظ مُبكرًا لكي يستطيع أن يجلب ابنته ويلحق بصلاة الجمعة إلى جوار منزله.

قبل أذان الظهر بحوالي ساعة كان إبراهيم قد وصل منزل ابنته، بعد أن مَرّ في طريقه بمسجد الروضة "كان كُل شِي هادي كالعادة، وما كان في أى شِي غريب، المسجد بالعادة بتقصده جموع للصلاة بالأخص يوم الجُمعة". هدوءٌ مُعتاد شهده محيط المسجد قبل التفجير حتى أنه دفع إبراهيم للتفكير بالصلاة فيه ثم العروج على الابنة، ليعدل عن قراره فجأة ويستكمل طريقه.

واستشهد 235 شخصًا، على الأقل، وجُرح 109 آخرون في هجوم استهدف مسجدًا في بلدة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء، بحسب بيان للنيابة العامة.

"استعجلي بابا.. استعجلي" كان إبراهيم يُطلقها ما بين الحين والآخر مُناديًا ابنته التي أخذت تجمع حاجياتها على عجل، نظرًا لاستعجال والدها في المغادرة. وقبل انطلاق أذان الظهر بدقائق معدودة كان الأب وابنته قد تجاوزا محيط المسجد، لتتعالى بعدها أصوات التفجيرات وتنطلق أجراس هواتفهم المحمولة بالرنين لكي تطمئن عليهم العائلة.

وأعلنت رئاسة الجمهورية الحداد العام في البلاد لثلاثة أيام، ووصفت الهجوم بأنه "عمل غادر خسيس".

عقب نصف ساعة كان إبراهيم قد وصل لمنزله آمنًا بصُحبة ابنته، ليتركها هُناك، بعد أن قام بتجميع شباب العائلة، متُوجهًا وإياهم لمستشفى العريش العام لتقديم المساعدات اللازمة والتبرع بالدماء. وعلى الطريق الواصل ما بين منزل إبراهيم والمستشفى كان الجميع في حالة من الترقب وهم يقطعونه بعدما تناثرت الأخبار عن الهجمات على بعض عربات الإسعاف التي تنقل المُصابين ما بين المستشفيات المختلفة.

داخل المستشفى كان الجميع يهرول جيئةً وذهابًا، البعض يتبرع بالدماء، والبعض يساعد بجلب البطاطين والأغطية بينما تتعالى صرخات النساء على ذويهن المفقودين. فيما لا تجد كلمات العزاء سبيلاً لتهدئ به روع الفاقدين في مصيبتهم.

الدقائق تمر ثقيلة، والدماء تغطي كل مكان، بينما لا تكفي أيادي العون أو الإمكانات في إنقاذ المُصابين ليزداد عدد القتلى في كل دقيقة وسط موجات من الصراخ، ومحاولات فاشلة لاستعادة رباطة الجأش.

"الوضع أكثر من مأساوي" قالها أحمد، أحد أهالي العريش، والذي توجّه من فوره للمستشفى لتقديم المساعدات اللازمة ويد العون قدر استطاعته، ولكنه للحظات فقد أعصابه وانهار في موجة من البُكاء مُرددًا "مش عارف نهون على الناس ولا نساعد عشان ننقذ قدر المُستطاع ولا نستسلم لفكرة إننا مش آمنين!".

ولم تعلن أي جماعة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم.

فيديو قد يعجبك: