الكاميرا في مواجهة رصاص الاحتلال.. "حسب الله" يواصل التصوير رغم إصابته
كتبت- شروق غنيم:
تصوير-أحمد حسب الله:
ظهر الجمعة؛ كان أحمد خميس حسب الله مُستلقيًا على سرير مستشفى الشفاء في غزة، يُعاني من إصابة بقدمه نالها خلال تغطيته كمصور صحفي للاحتجاجات المندلعة في القِطاع المُحاصَر. من حوله يعلو أنين الجرحى، يدفعه إيمانه بعمله للنهوض مُسرِعًا؛ يتحامل على قدمه المُصابة، يلتقط كاميرته –وسط دهشة الأطباء- ويستأنف مهمته التي يؤمن بها، فتوثّق عدسته ما تركه الاحتلال على أجساد أقرانه.
في المستشفى خيّمت حالة الطوارئ، قضى حسب الله قُرابة الساعتين لتلقي العلاج. التوتر والترقُب كان يتجوّل في أرجاء "الشفاء"، في انتظار وصول الإصابات من حدود غزة، فيما بلغت الأعداد مع نهاية اليوم 180 مُصابًا بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني، وشهيدين.
تموج شوارع غزة بالغضب إزاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل رسميًا، وحين أنهى كلمته الأربعاء الماضي، انهمرت الجموع احتجاجًا، حسب الله كان بينهم بعدسته، رغم قسوة طقس ذاك اليوم "ما بخّلي في عائق أمامي لحتى أكفي رسالتي بإيصال صوتنا للعالم".
اعتاد المصور لوكالة Images Live العالمية على التغطية وسط الاشتباكات "الاحتلال شرس طول وقته مع الفلسطينيين"، ورغم عدم امتلاك حسب الله لأدوات السلامة المهنية، فيهرول إلى الميدان كلما سمع استهداف الإسرائيليين لمواطني غزة ليوثّق ما يدور على الأرض "حتى أنقل جرائم الاحتلال الصهيوني للعالم".
وصل حسب الله في تمام الواحدة من ظهر الجمعة، بالقرب من موقع ناحل عوز على حدود قطاع غزة المحاصر، أخذت كاميرته تُخزّن لحظات غضب الشباب، بينما الرؤية تصير ضبابية بالتدريج بفعِل وابل القنابل المُسيلة للدموع التي تطلقها قوات الاحتلال، إلى أن "تم استهدافي بشكل مباشر وأصبت بواحدة بفخدي رغم تميزي عن المتظاهرين بإشارة Press".
توقف الزمن بالنسبة للمصور الشاب حتى وجد نفسه في مستشفى الشفاء وسط عشرات المُصابين، تؤلمه قدماه بينما يئن قلبه لأنه غائب عن الميدان بكاميرته، لذا لم يتردد حينما قرر استكمال التصوير رغم إصابته "لن يمنعنا الاحتلال من التغطية، سنفضحهم مهما كان الثمن".
الخطر يلاحق حسب الله دائمًا؛ إذ أنه مُذ انطلق عام 2015 في عالم التصوير الصحفي يعمل بدون أي أدوات سلامة مهنية بسبب تكلفتهم الاقتصادية المرتفعة "مرتدي درع مكتوب عليه Press، بس هاد مو ضد الرصاص إشارة فقط، والدي اشترالي كمامة غاز على حسابه الشخصي علشان أكمل طريقي الصحفي".
خلال عامين كان نصيب المصور الشاب ثلاث إصابات، الأولى عقب شهرين من انطلاقه في العمل الصحفي خلال تغطية انتفاضة القُدس حيث تعرض لإصابة بقنبلة غاز عام 2015، والثانية خلال تصوير الاشتباكات شرق مخيم جباليا في سبتمبر الماضي، والأخيرة أول أمس.
لذا يحاول حسب الله التواجد في دائرة باقي المصورين الصحفيين خلال التغطية "حتى أحظى بشوية حماية"، لكنه يعلم أن الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق معه ذلك "بيتم استهدافنا مباشرة حتى ولو في إشارات دولية".
لكن كل ذاك التعب يتلاشى بالنسبة للمصور الشاب حينما تُنشر صوره بالوكالات العالمية، فيما بلغت سعادته عنان السماء حين مثّلت صورته دولة فلسطين وسط أكثر من 19 دولة مشاركة خلال معرض مصوري العالم لعام 2017 لمن هم أكبر من 21 عامًا.
كل شيء يهون في نفس حسب الله حينما يكون في الميدان، يوثّق بكاميرته ما يحدث دون أي حسابات للمخاطر، يأمل أن يحصل على أدوات السلامة المهنية حتى يستطيع الانغماس أكثر في الاشتباكات وقت التغطية، فيما يتعجّل التئام جراحه سريعًا حتى يعود سريعًا خلال أيام "لحتى صوتنا يوصل للعالم كله، ونوصل انتهاكات الاحتلال في حقنا".
فيديو قد يعجبك: