كرسي مكاوي سعيد "وحيدا" بوسط البلد
كتبت- رنا الجميعي:
على مقعد خشبي يُشبه كراسي السلاطين جلس مكاوي سعيد بميدان طلعت حرب، يقرأ من كتابه "مقتنيات وسط البلد"، ذلك هو المشهد الأخير بفيلم "ذات مكان" الذي تمحور موضوعه عن ارتباط الأديب الراحل، الذي توفي أمس، بوسط البلد، ويقول عنها ببداية الفيلم "بحب أمشي في وسط البلد كتير، بحبها بالذات وهي فاضية، لأنها بتفكرني بطفولتي".
يحكي صُنّاع العمل المُنتج عام 2012 عن علاقتهم بسعيد عبر ذلك الفيلم، "كانت الفكرة إننا نعمل ربط بين كاتب وكتاب ومكان"، يقول أحمد شوقي، مخرج الفيلم، الذي توطّدت علاقته بسعيد خلال صناعة الوثائقي "كنت أعرف مكاوي معرفة سطحية قبل كدا"، أما اياد صالح، المنتج الفني، فقد تعرّف عليه من خلال عمله الأشهر "تغريدة البجعة": كانت من أكتر الكتب اللي بحبها في الوقت ده.
أكثر ما لفت نظر شوقي وصالح في التعامل مع مكاوي هو بساطته، تلك التلقائية التي يتحدّث بها داخل الفيلم عن بداية علاقته بوسط البلد، يُعلّق صالح على حديثه "هو مكنش بيجاوب على أسئلة، هو كان بيحكي قصته وقصة المنطقة اللي بيحبها".
تم تصوير الفيلم بمكتب سعيد الخاص، وبشوارع وسط البلد مُستوقفًا أمام عدد من المقاهي من بينها الحرية وزهرة البستان، التي حكى سعيد علاقته بهم، كذلك عن تاريخهم "كانت اختيارات القهاوي مشتركة بينا، وهو اللي سهّل التصوير في كل الأماكن بعلاقاته بالناس كلها"، يقول شوقي.
لم يكن سعيد مُتكلّفا أو مُتطلبًا، هكذا اتفق شوقي وصالح في حديثهما، ورغم ما بدا من إنهاك لسعيد-كان عمره حينها 56 سنة-بالتصوير في الشوارع "مكنش بيزهق لما بنعيد التصوير مرتين وتلاتة"، كما لاحظا كيف كانت مشية سعيد مُتمهّلة، ذلك الإيقاع الذي استوقف صالح "كنت فاكر إن شوقي طالب منه يمشي كدا".
وعلى عكس ما توقّع صالح كان سعيد باعث على البهجة "وشه فيه مسحة حزن لكن هو دمه خفيف وظريف"، فيما يُضيف شوقي "بيتعامل مع الجميع من غير تكلف". الحكايات لم تكن تنفد من جعبة "ميكي" كما يناديه أصدقائه "كان شخصية ثرية جدًا، وفيه حكايات حكاها متقالتش في الفيلم"، من بينها تلك القصة التي رواها سعيد عن مقهى الحرية وسر وجوده إلى الآن "القهوة دي فيها حوالي واحد وعشرين وريث، تعدد الورثة وعدم وجودهم حافظ على المكان".
مع بداية 2013 نشر شوقي الفيلم على قناته باليوتيوب بعنوان "ذات مكان"، يُعتبر الفيلم ضمن سلسلة لم تكتمل عن المُبدعين وعلاقاتهم بالأماكن، حيث قرروا في البداية عمل فيلم عن سعيد ومقتنيات وسط البلد لأنه لم يكن معروفًا بشكل كبير خارج الأوساط الأدبية "وكان بالنسبة لنا ممتع إننا نقدم شخص مش بيظهر كتير ومش تحت الأضواء"، ولم تكتمل السلسلة حتى الآن.
اشتهر "ميكي" مع وصول روايته "تغريدة البجعة" إلى القائمة القصيرة للبوكر عام 2008، كما زادت شُهرته مع كتابه "مقتنيات وسط البلد"، ثُم رحل بعدما نشر رواية "أن تحبك جيهان"، عمله المكون من700 صفحة، بالفيلم داخل مطعم الجريون يحكي "ميكي" عن نفسه، فيقول "أنا كتبت عن مهمشين وسط البلد، في فترة أنا كنت بعتبر نفسي واحد من مقتنيات وسط البلد لأني قعدت فترة طويلة محدش يعرفني".
فيديو قد يعجبك: