لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من عزاء شهداء كنيسة حلوان.. "طوبى للحزانى" (معايشة)

04:44 م الأحد 31 ديسمبر 2017

كتبت- شروق غنيم ورنا الجميعي:

داخل مطرانية السيدة العذراء بحلوان أقيم عزاء جماعي لـ8 من الأقباط الذين راحوا ضحية حادث كنيسة مارمينا، يوم 29 ديسمبر، عبر الشارع الواقع به المطرانية أقيمت الحواجز الأمنية، وشدّد الأمن من تواجده، كما قاموا بفحص هويات الواردين إلى سرادق العزاء، وفي الداخل كان القساوسة يصعدون إلى المنصة لقول كلمات التعازي.

ساحة كبيرة داخل المطرانية أقيمت لاستقبال المُعزين، ما إن تدخل يسارًا حتى تجد صف من الرجال هم أهالي الشقيقين عماد وروماني شاكر، اللذان استشهدا في حادث آخر مُسلح استهدف الدُكان الخاص بهما في نفس اليوم، وقف في بداية الصف "عيد"، شقيق زوجة الأخ الأكبر "هاني"، يستقبل المُعزين في الأخين واصفًا إياهما بملكين يمشيان على الأرض، كما وقف طفلان يُمسكان بورقتين مكتوب عليهما أسماء الشهيدين.

انقسم السرادق إلى ثلاث، يُفرق كل منهما عمود بالمنتصف مُعلق عليه ورقة باسم شهيد، فيما جلس القساوسة والمسئولين بنهاية السرادق، على المنصة كان المُتحدثون يُلقون بالمواعظ لطمأنة النفوس، يقطع الكلمات صُراخ سيدة وبكاء أخرى، إلا أن الأجواء بشكل عام بدت مُستكينة، فيقول أحد القساوسة من المنبر "حادثة الكنيسة فيها شهدا من الأقباط والشرطة، فرقتهم العقيدة والمذهب وجمّعهم الموت".

في الخلف تواجدت كراسي أخرى تحسبًا للعدد المُتزايد للنساء، جلست نادية عدلي التي قدمت مع ابنها الصغير بيشوي، رأت السيدة أنه من الواجب التعزية في جيرانها، فهي تعرف عدد من الشهداء "ايفلين ووديع ونيرمين"، بُحكم الجيرة التي زادت عن 20 سنة، كما أنها حضرت بالقداس المشهود بالحادث "بس أنا مشيت على طول بعد الصلاة"، لكنها تركت وراءها بيشوي داخل الكنيسة وعدد آخر من أقاربها "مرات ابني كانت هناك".

تستعيد نادية تفاصيل يوم امتلأ بالفاجعة "فضلت اتصل بالتليفون محدش رد"، الخوف جعل قلبها يضطرب ولم تدري ماذا تفعل غير تواجدها في الشارع "كنت أسمع الضرب أرجع تاني"، مُدة طالت أم قصرت ظلت فيها الأم على هذا الحال "لحد ما جاني تليفون من ابني الكبير بيطمني فيها عليهم".

لا تكف الألسن عن الدُعاء، ذِكر السيرة الطيبة للراحلين، الحديث عمّن كُتِب له النجاة، وترديد اللعنات لمن تسبب في قطفهم من وسط عائلاتهم، كما حال شنودة إبراهيم، الذي أخذ في الحكي عن ابنة عمه نيرمين صادق في العزاء أمس.

الزمن لايزال ثابت بالنسبة لإبراهيم عند اللحظة التي سمع فيها صوت الرصاصات "كنت لسة قبلها بـ10 دقايق في الكنيسة"، أدار سيارته وعاد مُسرعًا، في الطريق للشارع الغربي قبل الوصول إلى كنيسة مارمينا بناصيتين، وجد جسد سيدة مُسجى في دمه، لم يُمعِن النظر، اعتقد أنه حادث سيارة "اترددت أنزل لها ولا لأ، بس كان كل همي ألحق الضرب اللي عند الكنيسة، فمشيت".

كان الجثمان يخُص نيرمين، بعد انقضاء حوالي ساعة إلا ثلث كما يقول إبراهيم، اكتشف ذلك، حينما انفّض القلق بعد القبض على المُسلح هاتفه شقيق السيدة الثلاثينية "قولتله لا يمكن أنا عند الكنيسة وهي مش موجودة" فروى له ما جرى.

بعد انتهاء الصلاة؛ كانت تشق نيرمين طريقها برفقة بناتها الاثنتين لأن إحداهما لديها موعد درس، تحكي ابنتها للأقارب أن شخص يستقل دراجة بخارية وقع على جانبيه فسارعت والدتها للمساعدة وهي تُتمتم باسم الصليب، كانت العلامة التي جعلت المُسلّح يسدد الطلقات في جسد الأم "فَدّت بناتها".

يحاول إبراهيم والأقارب أن يخففوا الأمر على نفس الصغيرتين، عدم ذِكر الواقعة أمامهم لعل ذلك يساعدهم في تجاوز ما حدث، يقترب منهن في العزاء، يطيب خاطرهن بالتعزية "ماما في مكان أحسن دلوقتي، مينفعش تشوفكوا بتعيطوا".

داخل العزاء يدور أعضاء كشافة مطرانية حلوان بنشاط لمساعدة المُعزين، بعضهم يقوم بتوزيع القهوة والمياه، وآخرين يقوموا بتنظيم الحضور، اعتادوا على تواجد تلك الأعداد في القداس والأعياد كما يقول جرجس رؤوف قائد الكشافة بالمكان، لكنهم لم يتعاملوا مع كل هذا الوجع دُفعة واحدة.

أخذ رؤوف ينصح الفريق بضرورة التعامل برِفق مع كل الحاضرين، المرونة والتعامل الحسن مع مشاعر الجمع "عشان أعصابهم متتوترش"، بينما هم يؤدون مهتمهم في تنظيم الدخول إلى العزاء، كما فعلوا أول من أمس، الجمعة، خلال الجنازة، لكن كان برفقتهم 8 فرق كشافة من كنائس مختلفة من حلوان للمساعدة.

لا تزال تفاصيل الحادث تفرض نفسها في كل حديث داخل العزاء؛ يسرد أيمن صِدّيق، الذي يستأجر ورشة مُقابلة للكنيسة المستهدفة، ما جرى منذ العاشرة صباحًا، كيف هرول لمساعدة سيدة مُسنة نالت منها رصاصة في جسدها الوهن "بقت تقولي الحقني يابني، جريت من غير تفكير وشيلتها دخلتها المحل".

شاهد صِدّيق المسلح يُفرِغ الرصاصات بغزارة على بوابة الكنيسة "كان بينه وبيني خطوات وعاجز مش عارف أعمل حاجة، ضربت طوب مع الأهالي زعق وقالي هموتك، لكن معملش كدة رغم إن كنت صيد سهل بالنسبة له، مكنش يعرف إن أنا كمان مسيحي".

بدأ العزاء في السادسة، ساعة تلو الأخرى والعدد يتزايد، لكن مع قدوم التاسعة غادر العديد، قرصات البرد داخل الساحة غير المغطاة تُفرض عليهم المُغادرة، ومع خلوّ المقاعد إلا أن هناك سيدتين يبدو عليهما كِبر السن ظلا متواجدين، جلستا على أطراف السرادق يستمعون لكلمات القساوسة. قدمت فيفي وأم جرجس للمشاركة في العزاء.

لا تربط السيدتان صلة قرابة أو جيرة مع أي من الشهداء، إلا أنهما أصرا على القُدوم، منذ الصباح تواجدتا بالمطرانية "بنحضر للصلاة"، وما إن علمت فيفي وأم جرجس بإقامة عزاء جماعي لشهداء كنيسة حلوان حتى قررا المشاركة، بالنسبة لهما لا يهم عزاء من، مسلم أم مسيحي "كلنا قرايب"، حيث يؤمنا بمقولة سيدنا عيسى "المسيح بيقول طوبى للحزانى لأنهم يتعزون".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان