بين الدخان والأصابع المكسورة.. "صائد القنابل" يُعانق الثورة
كتبت- دعاء الفولي:
تصوير- عمرو عبد الله:
حين اشتعلت التظاهرات في الخامس والعشرين من يناير، كان عمرو عبد الله ممنوعا من التصوير، إذ أُصيب بكسر في 3 أصابع من يده اليمني، فطالبه مديره في وكالة روتيرز بالنزول ومتابعة زملاءه فقط، غير أن "ندّاهة" الصحافة تمكّنت منه، فاقتنص بالكاميرا لحظات عدة خلال الثورة، صُنّفت إحداها ضمن أفضل صور العام بالوكالة في 2011.
لا يذكر عبد الله تحديدا اليوم الذي رأى فيه الشاب، لكنه يعرف أن مسرح الأحداث كان شارع محمد محمود. وقتها ملأ الدخان الأجواء، المتظاهرون ركضوا يمينا ويسارا، فيما تساقطت القنابل بشكل عشوائي "مبتبقاش عارف ولا شايف القنبلة هتيجي فين"، هكذا قرر المصور اختراق الضباب، واجدا ضالته في "صائد القنابل".
سمع عبد الله أكثر من رواية عن ذلك الرجل "ناس بتقول إنه كان بينزل عشان يفادي المتظاهرين بالقنابل ويحدفها بعيد". وقت التقاط الصورة اكتست الدنيا بالأبيض، ورغم ارتداء المصور قناع الغاز، إلا أن رائحته النفاذة تسللت لصدره، لكنه لم يهتم سوى بالشاب المجهول، فنزل أرضا وأخذ المشهد "انا بنسى كل حاجة وانا بصور، مش ببقى شايف غير الكاميرا".
مساء اليوم الأول من الثورة، اتصل مدير عبد الله به يطلب منه التوقف عن التصوير "قاللي لو معملتش كدة هديك إجازة تاني للراحة"، غير أن المصور الثلاثيني قال إن الأحداث لن تخف وطأة بل ستتصاعد. وبعد نقاش، وافق المدير مُضطرا، شرط أن يصاحبه في التغطية، خوفا على سلامته الشخصية.
خلال أيام تحسنت حالة يد عبد الله-أُصيبت خلال تغطيته احتجاجات الأقباط بنفس الشهر- وأصبح يتحرك بمفرده، غير أنه أصبح يتحايل على الألم ليقوم بعمله "كنت بمسك الكاميرا بإيدي الشمال وبصور بالصباع البنصر ودة مينفعش نستخدمه خالص بس اضطريت" وبهذه الطريقة حصل على صورة "صائد القنابل".
ما أن نُشرت اللقطة حتى انهالت التعليقات الجيدة على المصور، واختارتها الوكالة لتكون صورة اليوم.
استمرت توابع الصورة على مدار العام "اتصل بيا زملاء من برة مصر يشكرونا عليها وزميل قاللي إنه شافها معروضة في برلين كأحد الصور المعبرة عن الثورة"، أما رويترز فتلقت طلبين من دولتين مختلفتين، أحدهما لاستخدام صورة عبدالله كغلاف لفيلم، والثاني كغلاف لأغنية برتغالية، ومع نهاية 2011 صُنفت كثاني أفضل صورة في رويترز لنفس العام.
كلما نظر عبد الله لما التقطه في الثورة باغته تسارع الأحداث "حاسس إن جزء من شعري ابيّض بسبب اللي عشته، اتضرب علينا رصاص وناس جريوا ورانا بسلاح أبيض واتضرب غاز .. مكنّاش شفنا دة قبل كدة". ورغم النجاح، لكنه يعلم أن صورة "العُمر" لم تأتِ بعد، وعليه الاستمرار في الاجتهاد ليحصل عليها.
تابع باقي موضوعات الملف:
الثورة.. لقطة (ملف خاص)
في جمعة الغضب.. كواليس صورة بكى فيها ''عسكري''
من إيطاليا إلى التحرير.. ''ماركو لونجاري'' يروي لحظاته مع الثورة المصرية
جنازة ثائر مجهول.. نظرة على ''يناير'' من الشباك
الثورة في الزمالك.. قصة أول مظاهرة في الحي الراقي
في ميدان الساعة.. عندما ثار الإسكندر الأكبر مع المتظاهرين
''كاب وطفّاية وبنزين''.. صورة التناقضات من ثورة السويس
''من أجلك أنت''.. قصة احتراق الحزب الوطني
فيديو قد يعجبك: