لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حوار- صاحب "جريمة في رام الله": تداولها إلكترونيًا تحدى المنع.. وبطل الرواية "المثلي" نبش تقاليد المجتمع

03:28 م الإثنين 13 فبراير 2017

الكاتب عباد يحيى

حوار- أحمد الليثي وشروق غنيم:

خلال الأيام الماضية كانت "جريمة في رام الله" هي الشغل الشاغل للداخل الفلسطيني قبل أن تُثير جدلًا عربيًا؛ استدعاء من النائب العام، منع، مطالبات للمقاطعة، ثم تلاها دعم المثقفين للكاتب عباد يحيى مؤلف الرواية صاحبة النقاش.. بطل العمل "مثلي الجنس" أثار حنق "حراس الشرف" كما يلقبهم النقاد، فأخذت الرواية منحى أخلاقيًا بعيدًا عن السياق الأدبي لها.

"مصراوي" حاور عباد يحيى، صاحب الرواية، للوقوف على تفاصيل منع "جريمة في رام الله". كيف تسبب ذلك في تلقيه سيلًا من التهديدات، وتضامن قراء عاديون في صفه، هل حاول من خلال روايته النبش "في تقاليد المجتمع العربي"، واعتباره انتشار العمل إلكترونيًا تحديًا لقرار الحجب، وعزمه الذهاب لفلسطين مثولًا للمسائلة.

بعض النقاد حللوا الرواية من الجانب الأخلاقي.. فكيف ترى ذلك؟

هنالك مشكلة كبيرة في تحديد معايير أخلاقية في أي سياق، فما بالك في السياق الأدبي. فهم مجموع الناس وحتى المثقفون منهم لما هو "الأخلاقي" أو "الأقل التزامًا بالأخلاق" و"الأكثر التزامًا بها" هو شيء غير قابل للتحديد، وقراءة الرواية ونقاشه من هذه المداخل لا يمت بصلة للنقد أو النقاش الأدبي، هذا ليس أكثر من حكم أخلاقي على نص متصل بذهنية صاحب الحكم.

ما أبرز التعقيبات الفنية التي تلقيتها عن "جريمة في رام الله".. بعيدًا عن البُعد الأخلاقي للعمل؟

قرأت الكثير من التعليقات الفنية المفيدة بعد أن وصلت الرواية للناس عبر الإنترنت وبدأوا بقراءتها، وأهم ما في هذه التعليقات أنها أعادت النقاش إلى مساره الاعتيادي، أي الاطلاع على العمل الأدبي وإبداء الرأي فيه، بدون منع ولا مصادرة ولا حكم أخلاقي ولا تهديد. وكانت الآراء الفنية متنوعة أيضًا وهذا ربما متصل بالزوايا التي قارب كثيرون منها العمل أو أنه يحمل مستويات عدة وانشغل كل قارئ بمستوى بعنيه، ولذلك هي عديدة ومتنوعة ولا يتسع المجال هنا لذكرها، إن كان من ناحية ما لفت الانتباه وشد الإعجاب أو ما جلب النقد.

البعض يرى أن اللغط المُثار حول الرواية صّب في صالحك على المستوى الدعائي.. ما رأيك في ذلك؟

في صالح الرواية نعم، في صالحي لا أدري بالضبط، هنالك مشكلة قانونية لا تزال مشرعة بوجهي، وهنالك أجواء سلبية راكمها الهجوم علي بغطاء قانوني، المهم أنها تجربة عسيرة وغنية حتى الآن، وأتمنى ألا تمضي إلى طريق سيء وأن أتمكن من الاستفادة منها في قابل الأعمال.

الحرية الجنسية أمر صادم في المجتمعات العربية.. فهل كان اختيارك لـ"مثلي" كأحد أبطال الرواية لمواجهة المجتمع؟

كون الشخصية مثلية شيء من أشياء كثيرة تتصف بها، مثل أن تكون الشخصية فتاة أو سمراء أو غيره، بالتالي ليس شيئا نستطيع أن نظل نسأل لماذا يختاره الروائيون أو الكتاب، هو بالنسبة لي طبيعيًا مثل اختياري أي محدد في شخصية في عمل أدبي. الأمر الآخر فلسفيًا إن صح التعبير، وهو محاولة العبث بالذكورة السائدة من موقع غير متوقع، ضمن مشروع أوسع لمقاربة المجتمع والنبش في حياة أفراده.

النائب العام الفلسطيني أمر بالتحقيق معك.. فهل لديك أي نية للسفر لفلسطين للمثول للمسائلة؟

يحاول مثقفون وحقوقيون العمل على حل الأمر وسحب مذكرة الإحضار، أتمنى أن يفلح ذلك، سأعود إلى رام الله قريبا، وسنرى ماذا سيحدث.

هل كان انتقاد الرواية على مواقع التواصل الاجتماعي سببًا في منع الرواية بشكل رسمي.. أم كانت هناك جهة وراء ذلك؟

تحرك النيابة العامة قانونيًا يتم إما من عندها أو بعد شكوى وصلتها، ما يقوله محامي الخاص حتى الآن أنه لا توجد شكوى، ما يعني أن النيابة تحركت من عندها أو بتوصية من جهة رسمية، وهذا ما أحاول فهمه من خلال متابعة التطورات مع المحامي. وبرأيي أن ما حصل هو العكس، فقرار النيابة هو الذي تسبب في أسوأ التعليقات والتهديدات التي طالتني.

روايتك كانت مطروحة خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب.. كيف تابعت الأمر؟

وجود الرواية في معرض القاهرة كأول خروج لها من فلسطين ولبنان، كان مفيدًا جدًا في تداولها والتضامن مع قضية منعها، وكما فهمت نفدت النسخ حينها. وقد جاء قرار المنع والإحضار بحقي ودار المتوسط والناشر خالد الناصري متواجدون بمعرض القاهرة للكتاب، وبدأ المثقفون المصريون والفلسطينيون في حملة ضد القرار.

لم يتوقف الأمر عند الانتقاد.. آخرون رأوا في الرواية تمثيلا لواقع الشباب الفلسطيني، حدثنا عن ذلك؟

الرواية تتناول حيوات ثلاثة شبان فلسطينيين في مرحلة ما بعد الانتفاضة الثانية، وتجول في عوالمهم النفسية والاجتماعية وتحاول اكتشاف تعقيد نظرتهم للحياة وكيف يفعلون وينفعلون بما يجري، ولذلك أنا سعيد بقراءتها بهذه الطريقة لدى كثير من القارئات والقراء، هي محاولة لفهم هذا الجيل، ومن يراها تمثيلا لواقع هؤلاء الشباب فهذا يعني أن جزءًا كبيرًا مما يرمي له العمل اتضح له.

111

في الأيام الماضية تم دعمك من قبل بعض الأدباء العرب.. هل اقتصر التضامن على المثقفين فحسب؟

كان الدعم من قبل مثقفين وصحفيين وحقوقيين وقطاعات مختلفة، والأهم من قراء عاديين من كل المنطقة، هذا بالنسبة لي عنى ويعني الكثير، ويشعرني بفشل كل جهود المصادرة والمنع والحجر. بنفس القدر الذي لم أتخيل أن تبلغه الهجمة على الرواية وتحديدًا من النيابة، لم أتخيل أيضًا حجم التضامن والتفاعل الرافض لكل هذا.

الرواية لم تخلُ من روح الصحفي بداخلك.. هل كان ذلك التكنيك في السرد مقصودًا؟

الصحافة عملي والميدان الأول الذي اختبرت فيه فكرة البحث والاستماع والنبش في طبقات المجتمع، وظهورها في الروايات التي أكتبها بطريقة لا واعية أو ضمن تكنيك سردي معين، هو أمر طبيعي بل ومفيد جدًا، ويمكن أن نضيف على ذلك أن المجتمع الفلسطيني لا يمكن مقاربته أدبيًا دون الصحافة، كونها مكونًا أساسيًا في حياة شعب يعيش على الأخبار، في داخلها أو على هامشها أو في أي موقع منها، وهذا ما أظن أن جريمة في رام الله قاربته بعدة مستويات.

هل تناقشت مع أحد قبل طرحك للرواية؟

بالنسبة لي فرأي الناشر أساسي لأنه يقرأ العمل، وتحمس له بشكل كبير، ثم دائرة من الأصدقاء المقربين، قرأوا العمل وشجعوا على النشر وكان لهم فضل في تمتينه وإعطاء ملاحظات غاية في القيمة.

الرواية تم منع بيعها في فلسطين.. فكيف تتعامل دار النشر مع أمر كهذا؟

الآن كل المطالبات هي للإفراج عن نسخ الرواية، هذا هو ما يمكننا فعله، الأمر الآخر أن الدار غضت الطرف عن تسريب الرواية إلكترونيًا، ليكون ذلك بمثابة رد على قرار المنع والمصادرة ولإيصال رسالة بديهية مفادها أن الكتاب تجاوز أزمنة المنع.

البعض ربط ما يجري مع روايتك بأدباء سبقوك تعرضوا لتهديد لحياتهم.. هل تخشى المصير نفسه؟

لا يمكنني التوقف عن التفكير في فكرة أن قتل أو اغتيال أو تصفية مثقف تبدأ بهجمات من النوع الذي تعرضت له، الأمر بالغ الجدية خاصة في ظل الحالة المعقدة التي نعيشها في هذه المرحلة، مع كثرة المُغرر بهم والمحرَضين ضد الثقافة والكتاب. طبعا بالضرورة لا أرى إسهامي بقيمة ما أسهم مثقفون عرب معرفون تعرضوا للمحاكمة أو الاغتيال، ولكن الذهنية التي تحرك المحرضين في كل هذه الحالات متشابهة تمامًا.

جريمة في رام الله عملك الرابع.. كيف ترتبها بين أعمالك؟

أظن أنني أتعلم مما أكتب، ولذلك هي أنضج الأعمال فنيًا وتقنيًا وعلى صعيد الإمساك بهواجسي في زمن الكتابة والتفكير.

هل أردت إسقاط ما بوجود بطل الرواية "المثلي"، كون مجتمعنا العربي لا يقبل بثقافة الاختلاف؟

الأمر أعمق من التدليل على أن مجتمعنا لا يقبل الاختلاف، وهي برأيي عبارة عامة جدا، المثلية على مستوى رمزي وفلسفي هي عبث في السائد وفي الترسيم الجاهز، هذا كله على مستوى رمزي، لا أتحدث حقوقيًا أو غيره فهذا نقاش مهم ولكن في سياق أخر، وفي واقع الذكورة الطاغية تكتسب قيمتها كمدخل لعبث هائل يدفع كل شيء ليكون محل تساؤل وتبرير يكشف الكثير.

منتقدوك اقتطعوا أجزاء من الرواية للتدليل على ضعفها أو إدانتها.. فهل فكرت النقاش معهم؟

من اقتطع بجهالة وعن قصد ورفض قراءة العمل ولا مناقشته، لا أظن بجدوى نقاشهم. الرواية الآن متوفرة وأفضل نقاش بين كاتب وقارئ هي القراءة، الأمر لا علاقة له بالسجال بين طرفين يبرر فيه كل طرف خياراته، لا أبدًا، العلاقة علاقة قراءة، ومن يقرأ العمل سيجده يدافع عن نفسه.

في ظل منع روايتك بفلسطين.. كيف ترى تداولها بشكل يعتمد على القرصنة الإلكترونية؟

يدل على أننا تجاوزنا أزمنة المنع والمصادرة، حجم تداول الرواية إلكترونيًا مهول جدا، وهذه رسالة لمن منع وصادر وهاجم.

ما هي خطواتك المستقبلية بعد "جريمة في رام الله"؟

بعد أن تهدأ الأمور وأعود إلى الاستقرار الذي تحتاجه الكتابة، سأواصل العمل على روايتي القادمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان