"كتب دينية وفسحة".. حكاية أسرة إندونيسية مع معرض الكتاب
كتبت-دعاء الفولي:
بين زحام سور الأزبكية، الكتب المترامية في كل جانب، وأصوات البائعين، تجول فجر سوتاركو، تسبقه زوجته نعمة علي ببضع خطوات، حاملة على يديها ابنهما فوزي ذو الثلاث سنوات. في الواحدة ظهرا كان ميعاد الأسرة الإندونيسية مع معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثامنة والأربعين، باحثين عمّا قد يعودون به للمنزل من كتب مُفيدة للدراسة، شريطة أن تكون أسعارها في متناول أيديهم.
"ليس هناك كتب بعينها مُفضلة.. نحن نبحث فإذا وجدنا شيئا جيدا سنشتري"، بلغة عربية مختلطة بعامية قال سوتاركو، الذي يزور المعرض للمرة الثالثة منذ جاء لمصر عام 2011 "قرأنا عنه منشورات في فيسبوك وعلمنا بالميعاد".
يُحضّر سوتاركو دراسات عليا في أصول الدين بجامعة الأزهر، وكذلك تفعل زوجته ولكن في الشريعة. إذا ما سُئلت السيدة عن سبب ذهابها للمعرض، أشارت بخجل إلى فوزي الصغير قائلة "هي نزهة له أيضا واشترينا له لعبة من هُنا". عادةً لا ينكبّ الزوجان على شراء الكتب الدينية الحديثة من المعرض، إذ يعتقد الأب ذو التاسعة والعشرين عاما أن أسعارها تنخفض فيما بعد، فيشتريها من المنطقة المحيطة بجامعة الأزهر.
علِم دارس أصول الدين بتلك الخبايا، لأنه مر بالتجربة مع كتاب "الحق المبين" للشيخ أسامة الأزهري، و"خوارج هذا العصر" للشيخ علي جمعة "الناس تنافست على شرائهما فارتفعت الأسعار جدا". سور الأزبكية هو المقصد الأول للأسرة الإندويسية في المعرض، إذ يحوي كنوزا من الكتب القيمة، وكذا بعض القصص التي يقتنيها الأب والأم ليعلما صغيرهما العربية، فقد اختار له والده اسم فوزي "لأنه نفس اسم الشيخ الذي علمني اللغة العربية".
ترشيد الإنفاق هو وسيلة الأب والأم لتجنب الأزمات، فهما لا يعملان بجانب الدراسة "وبالتالي لا نشتري إلا الكتب المُلحة"، وخاصة مع ارتفاع الأسعار هذا العام.
تغير سعر الدولار هو سبب غلاء الأسعار كما يعرف سوتاركو، لكن ليس بيده حيلة، فذلك التغير انسحب على كل الأشياء، ومنها تذاكر الطيران من وإلى وطنهما، فلم يستطع الزوجان زيارة إندونيسيا منذ أكثر من 3 سنوات، و"فوزي لم ير جدته" .
رغم ذلك، فلا تفوّت الأسرة المناسبات الدينية أو الاجتماعية الأخرى في مصر إلا ويحتفلون بها "في شم النسيم ذهبنا لحديقة الأزهر وفي رأس السنة زرنا أحد المولات التجارية" يقول سوتاركو بابتسامة تعلو مُحياه، فيما لم يتخلَ عن عشقه للكرة ومتابعة المباريات، إذ تابع مباريات كأس الأمم الإفريقية على أحد مقاهي مدينة نصر "وبذلنا مجهود.. وتسلم أيدي حضري" يقولها الزوج ضاحكا.
مرة واحدة للمعرض في العام قد تكفي للزوجة نعمة، لكنها لا تُرضي سوتاركو، حيث ينوي الشاب الذهاب مرة أخرى بمفرده "كي أستطيع البحث بحرية أكبر"، ربما سيصطحب معه أحد أصدقائه من الجامعة، وحينها سيمكث من الصباح وحتى يُغلق المعرض أبوابه.
فيديو قد يعجبك: