لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حكاية 3 عمال في موقع "تمثال المطرية".. "شقيانين مع الملك"

10:13 ص الإثنين 13 مارس 2017

كتب-محمد زكريا ورنا الجميعي:

تصوير- أحمد جمعة :

وسط الأرض المُرصعة بالقطع الحجرية، ينشغل عدد من العمال بالحفر داخل الموقع الأثري، على أطراف أرض سوق الخميس بحي المطرية بالقاهرة، يُطالبهم مُفتشي الآثار الاستعداد لاستقبال زيارة الوزير خالد العناني في صباح اليوم، وهناك عدد من السيدات تُعاونّ البقية في العمل، هؤلاء العُمال الذين قدموا للـ"رزق"، لا يعرفهم أحد.

بجلباب أسود واسع، يُغطي شاله وجه المرأة الأربعينية، تنهمك "نجلاء" في جمع الأتربة والصخور الصغيرة داخل قفة سوداء، تُشخص النظر تجاه ديتريش راو، رئيس البعثة المصرية-الألمانية، تُنادي زميلتها الإسراع لتحصيل يوميتها بعد عمل طويل "الخواجة بيحاسبنا، اليوم بـ50 جنيه".

منذ ما يزيد عن 10 أعوام، تواظب عدد من السيدات في العمل الخدمي، داخل موقع المطرية الأثري "كل سنة بيبدأ الشغل في شهر 2 و9 من كل سنة"، غير أنها السنة الأولى لنجلاء بالعمل؛ نظرًا لحاجة الأسرة المالية الماسة "وأنا بجوز بنتي مضيت كمبيالات، لسة فيه 6 عايزة أسددهم"، فيما تحاول طوال الوقت الابتعاد عن أعين جيرانها "الشغل مش عيب، بس أنا جوزي أَرزُقي وعنده ورشة، والرجالة راحة جية عليه".

في الطريق إلى منزلها بالحي ذاته، تُلقي نجلاء التحية على "أم محمود"، ترُد الأخيرة بسلام حار، بينما تحمل بيدها صنية صغيرة تتراص أعلاها عدد من أكواب الشاي، تتجول السيدة الخمسينية بمحيط الأرض المُحتضنة للأثر المُكتشف، توزع على عمال المكان مياهها الساخنة، فيما تُطالبهم موظفة وزارة الأثار بشد الهمة.

جلباب أسود مُحمل بأتربة الأرض المُتطايرة، كلمات بسيطة تُعبر عن ناطقتها "شغالة في الحفاير بقالي 20 سنة"، تسترجع أم محمود ذاكرتها بالتنقيب لسنوات طويلة "لما كنا بنطلع حاجة بنروح نشيلها بإيدينا، ننضفها بفرشة ونمسحها، ونوديها مخزن الأثار اللي جنب الموقع".

تحكي أم محمود عن انتشالها قبل 20 عامًا تمثال يعود إلى "أبو الهول.. ساعتها زاهي حواس جالنا الموقع"، تبتسم بينما يملؤها الرضا عما تتقاضاه من راتب، فيما تتعجب من الضجة الإعلامية المُصاحبة لانتشال تمثال الملك سيتي الثاني "ده احنا يدوب طلعنا الودان، والجزء الباقي جوه.. بس للأمانة التمثال ده كبير".

أمام الحفرة التي استُخرج منها تاج الملك سيتي الثاني، تجمع عدد من عمال الآثار بجلابيبهم، يحسبهم البعيد عن المشهد عابرون، غير أنهم اعتادوا العمل بالتنقيب عن الآثار لسنوات عديدة، من بينهم حمدي أحمد، العامل القادم من محافظة قنا منذ 20 يومًا.

الشمس تبلغ منتصف السماء، فيما بدأ العمل بالموقع منذ السابعة صباحًا، لدقائق معدودة جلس خلالها محمد ليرتاح من عناء العمل، يجلس على مقعد أسمنتي بالموقع المعروف قديمًا بـ"معبد أون"، حيث استدعاه دكتور ديتريش راو، هو و25 عامل آخرين.

بأدوات بدائية كما وصف محمد، يبدأ الحفر، يُمسك العامل بالفأس أولًا، يُنبش عن أية حفريات، لم يتوقع أن مسافة تصل لحوالي مترين كفيلة بظهور جزء من تمثال كبير الحجم، الذي ظهر منذ أسبوعين "دا كان أكبر تمثال شفته".

يستغرق محمد وقتًا أكبر في العمل لارتفاع منسوب المياه الجوفية، "مسافة ما بنزيحها تيجي تاني متكملش نص ساعة". يستخدم عامل الآثار أيضًا مُعدات أخرى لتحريك الطين الذي يُعيق العمل مثل "الكراكات".

لم تكن تلك المرة الأولى التي يعمل فيها محمد بموقع أثري، خمسة أعوام يقضيها محمد في تنقيب الآثار، منهم ثلاث سنوات مع البعثة، حيث تعرّف على رئيس العُمال "كامل" ابن محافظته، ومنذ ذلك الوقت وهو يعمل بصحبته في مناطق متفرقة، منها متحف أسوان بجزيرة إلفنتين.

خلال الثلاثة أعوام نقّب محمد عن الآثار، الكثير من الحفريات وجدها في عدد من المناطق، منها الحجارة الموجودة بمتحف مسلة سونسرت الأول في المطرية، في سبتمبر من العام الماضي. غير أن تلك المرة اختلفت عن سابقتها؛ نظرًا لما يبذله العامل الثلاثيني من تعب، وضجة إعلامية غير معتادة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان