لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالفيديو والصور- حول تمثال المطرية.. مخاوف جيران "الملك"

11:13 م الإثنين 13 مارس 2017

كتب- رنا الجميعي ومحمد زكريا:
تصوير- كريم أحمد:

عملية استخراج جسد الأثر مُستمرة، وزير الآثار يدلو بأحاديث إعلامية، عدسات المصورون توثق الحدث الذي شغل الرأي العام، عدد من قوات الشرطة تتوزع بمحيط المكان، شباب صغير يعلو بالهتاف لـ"الملك" المُنتشل، أهالي الحي يُبصرون العمل من شرفاتهم في نهم، فيما ينزوي محمد حسن في محل ضيق بداخل منزل مُطل على أرض سوق الخميس بحي المطرية بالقاهرة، بينما يملأه القلق على مصيره في المستقبل.

بجلباب رمادي واسع، ووجه مُحمل بمشقة العمل، ينشغل حسن بداخل محله المتواضع في بيع مُسليات الأطفال، يتحدث عن مخاوفه "عارف يعني أيه ممكن يهدوا بيوتنا عشان يطلعوا الأثار"، يقتطع حديثه علو الهتاف بالخارج بينما تُعلق الرافعة جسد التمثال في الهواء، يستكمل الرجل الخمسيني حكيه عن شراء أرض بنايته في العام 2000 "دخلت جمعية وعملت قرض على حس الشغل وبنيته بعد اربع سنين.. وفي الأخر حد يقولي أمشي!".

في الخارج الصخب لا ينتهي، عدسات الكاميرات تلتقط كل زوايا الحدث، صعدوا المصورون إلى عدد من المباني، من بينهم العقار الذي أُنتُشل التمثال من أسفله، فيما كان حظ أم كريم أن تسكن هذا البيت منذ أربعين عامًا، فما أن تلقي بنظرها من نافذة إحدى الحجرات، حتى تجد بالأسفل بركة المياه الجوفية التي احتضنت جسد الملك سيتي الثاني لسنوات طويلة، لم يكن الأمر غريبًا أو جديدًا على ربة المنزل "احنا واخدين على كدا".

 صورة 1

تُلقي أم كريم نظرة على الأرض الأثرية، تسرح قليلًا، تحكي عن توافد البعثات الأجنبية إلى المكان "كان في قبل الراجل الألماني ده بعثة من اليابان"، حينها تم اكتشاف أثر مهم أثناء تولي زاهي حواس منصب رئيس المجلس المصري الأعلى للآثار، وقتها حظي الاكتشاف بتغطية إعلامية "كان فيه هيصة بردو، بس مش زي دلوقتي".

في الوقت ذاته يهبط أسامة -شقيق أم كريم- درجات منزل العائلة، يتحدث في ثقة عن عدم قلقه من الشائعات الواردة بهدم العقار "لما يكون فيه تعويضات مفيش مشكلة، البيت دا ملكنا"، ورغم أهمية حدث اليوم غير أنه يرى سبب الضجة الموجودة "بيدوروا على حاجة يلهوا فيها الناس".

تلتقط أم كريم من أخيها أطراف الحديث، تحكي عما وجدته ذات مرة، حين واجهتها مشكلة في أرضية المنزل، فاستعانت بعامل لحل الأزمة الذي اكتشف وجود أثر تحت المنزل، تكمل السيدة القصة فتقول إنها لم تُعِر الأمر اهتمامًا، لأنها ستتحمل مشقة كبيرة لإخراجه "وبلّطنا خلاص عليه".


صباح اليوم، وقفت أم كريم أمام النافذة، تابعت المشهد الذي تهافتت عليه وسائل الإعلام، صعد المصورون شقة "أسامة"، فيما نادت هي على الصحفيين بالأسفل، تسألهم عن حاجتهم للمياه والشاي.

على مدار الخمسة أيام، تُتابع أم كريم الحدث الجلل،لم تهتم بطبخ وجبة جديدة لأسرتها، فتقول ضاحكة "أطبخ ازاي والناس بتشتغل تحت، لازم أتابع"، وتسرد أن ليلة أمس ظلّ العُمال بالموقع منذ السابعة صباحًا وحتى الحادية عشر مساء، وانبهرت حينما أضاءوا الموقع بكشافات "كان شكل المكان حلو، امال المعابد بقى عاملة ازاي؟".

على الناحية المُقابلة من أرض سوق الخميس الجديدة، جلست أسرة كاملة على سطح منزلها، استعدوا للفرجة منذ الثامنة صباحًا، تواصلت الأسرة مع جارتها أم محمود، حضرت السيدة الخمسينية سريعًا، شاهدت باهتمام انتشال جسد الأثر المُكتشف، أمام الجميع كان التاريخ يُكتب،لم يُغادر أيًا منهم الحدث طيلة 6 ساعات كاملة.

قدمت أم محمود من منزلها بمنطقة عرب الحصن بالحي ذاته، بحماس شديد تتحدث السيدة الخمسينية عن التمثال مثار الاهتمام "امبارح قعدنا لبعد العشا، لحد ما حطوه ع الخشب وركنوه عشان الصحافة لما تيجي تصور"، تشعر أم محمود بفرحة لما يحدث في منطقتها، لكن بجانب تلك الفرحة أسى لحال فقراء المنطقة "فيه بيوت كتير تحتها آثار مفيش اهتمام بيها، وفي الأخر الشعب مش بيستفيد بالكنز ده".

تقول أم محمود في أسى أن الحكومة تُعاقب كل من يصادفه الأثار بمنزله "بيقبضوا عليه ويغرموه كمان"، مُعبرة عن مخاوفها تجاه ولدها "أنا ابني أرزُقي على باب الله، ومفكرناش ندور على أثار.. ِأصل لما ابني يتحبس أنا هعمل ايه؟"، وتكمل عن طيب خاطر "مش دا رزق؟، طيب مش أولى الحكومة تاخد التماثيل دي، ويدوا فلوس للناس اللي بتلاقيهم بدل ما يحبسوهم".

تُعبر السيدة في حزن عن حال المنطقة، حيث شاهدت كثير من الأهالي ما إن يجدوا آثار حتى يبيعوه للأجانب خوفًا من العقوبة "بشوف هنا أشولة تماثيل بتتباع لأجانب في عربيات فخمة".



بجوار أم محمود تجلس جارتها التي تسكن أمام الموقع، قدمت أم زينب للمنطقة منذ عامين، حيث سكنت بالإيجار في واحدة من المباني الجديدة، وتُعرف بأنها "وضع يد"، حيث تتناثر أقاويل عديدة بهدم تلك المنازل القابع تحتها الآثار، غير أنها تُسلّم أمرها لله "معنديش مشكلة يهدوها بس يلاقولنا مكان تاني"، وتُشير إلى أن هناك نحو 150 مالك أقاموا توكيلات لنائب المطرية لتقنين أوضاعهم.

تُشاهد أم محمود دائمًا رئيس البعثة الألمانية، دكتور ديتريش راو، المعروف في المنطقة بـ"الألماني أو الخواجة أو اتش"، منذ 10 أعوام يُشاهد الأهالي عالم الآثار الأجنبي، إلا أن خفة ظله جعلت منه ضيفًا خفيفًا، فتقول خلود، ابنتها، إنه يلقي السلام عليهم ويلتقط صور معهم، وتكمل الأم الحديث قائلة "حسيت الحب في قلبه عن الناس اللي احنا قاعدين معاهم"، فيما تُشير بيدها على المسئولين بالأسفل "إنما دول مش حاسين باللي حواليهم، لابسين غالي على قفا العمال الغلابة اللي طفحانة الدم بقالها كام يوم"، قبل أن توجه يدها إلى التمثال المُغطى بالقطن والشاش، وتثرثر مع جارتها ضاحكة "ده لو عيل دخل مستشفى المطرية هيقولوله روح اشتري القطن".

بقي الجمع فوق سطح البناية حتى غروب شمس اليوم، فيما استمرت أم كريم في متابعة قنوات التوك التي تناولت الموضوع، فيما تعي الفارق بين حيوية المشهد أمامها والتلفزيون "احنا هنهتم اليومين دول بيه عشان بيصوروا وبكرة بالكتير هيتقلب مقلب زبالة، والعيال ييجوا يركبوا على التماثيل تاني".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان