لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من الاتهام بالإرهاب إلى القضاء الألماني.. "سيلفي" أربك حياة لاجئ سوري

01:47 م الخميس 30 مارس 2017

كتب-إشراق أحمد:

قبل نحو عامين استقر في نفس أنس معضماني أنه يمضي في حياته كلاجئ في ألمانيا، بالصباح يكتسب رزق العمل، وبالليل يعكف على دروس تعلم لغة البلد الجديد، غير أن صورة "سيلفى" التقطها بعد شهر من وصوله أربكت إقامته طيلة أشهور؛ أضحى "معضماني" اسمًا متداولا في الأنباء الألمانية، تارة بزعم كونه إرهابي، وأخيرًا لأنه صاحب دعوى قضائية ضد فيسبوك.

وصل "معضماني" إلى ألمانيا في أغسطس 2015، بعد رحلة شاقة اعتدها السوريون الفارون من الحرب "كنت لحالي ما معي عائلة.. شاب عمره 18 سنة ما بيحسب لشيء"، فقط الحياة أو الموت كانا الخيارين أمام ابن مدينة دمشق.

بعد شهر من الإقامة في مركز لإيواء اللاجئين بمدينة برلين، انتقل "معضماني" إلى مركز آخر بمنطقة سبانداو بالمدينة ذاتها، في سبتمبر 2015، وباليوم التالي له في المكان الجديد، كان الشاب على موعد مع الارتباك؛ زارت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل مأوى اللاجئين، لم يعلم الشاب بأمر الزيارة "بس الصبح كانت حركة غير طبيعية.. تنظيف كتير كبير وحركة صحفيين" استشعر الشاب حينها أن ثمة شيء يحدث.

انتظر "معضماني" صدفة على مدخل المأوى، لنحو عشر دقائق "كنت رايح اشترى أغراض للفطار فاستنيت أدرس الطريق"، كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر صباحا حين رأى "ميركل" تتقدم نحو المكان، بتلقائية أخرج الشاب هاتفه المحمول، جهزه على وضعيه "السيلفي"، ثم اقترب من المستشارة الألمانية وطلب أن يلتقط صورة معها. "أي إنسان بعمري بيحب يتصور مع حد مشهور خاصة لو مسؤول بدولة"، يقول "معضماني" لمصراوي، موضحًا سبب إقدامه على ذلك، فيما لم يعمل حساب للمصورين الذين التقطوا صورته مع رئيسة الحكومة وتم نشرها بالمواقع الإخبارية.

1

"لاجئ سوري يلتقط سيلفي مع المستشارة ميركل" كان ذلك فحوى الأخبار المتناقلة عن اللاجئ الحديث حينها، عرف "معضماني" بشأن ما تداول بعد نحو 4 ساعات "لقيت رفاقي يخبروني شوفنا صورتك بالمواقع"، أخذ الشاب السوري الموضوع على سبيل المزاح "انبسطت كتير"، لكن الصحافة التفتت إليه لنحو شهر حسب قوله تطالبه بإجراء حوارات معه عن حياته كلاجئ في ألمانيا.

اشتهرت صورة "السيلفي" على مستوى الإعلام الألماني وشبكة الانترنت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي كما يوضح "معضماني"، وظل الاحتفاء يغلف التدوين بينما يواصل الشاب السوري حياته، إلى أن وقع حاث التفجير في مطار بروكسل –بلجيكا- في 22 مارس 2016 "لقيت رفاق كتير اتصلوا علي حكوا لي أنهم شافوا صورتي على صفحة ألمانية على فيسبوك عليها متابعين كتير بيحكوا أن الشاب اللي فجر نفسه هو اللي اتصور مع ميركل".

2

لم يكن "معضماني" من المداومين على استخدام فيسبوك، لكن مع تحققه من المواقع، انزعج بشده من انتشار صوره بمضمون مسيء خلاف الحقيقة، حينها اتصل بمن عرفه من صحفيين في ألمانيا وأوضح لهم أنه لازال يعيش في برلين ولا علاقة له بالحادث، وبالفعل تم تكذيب الخبر المنتشر عن اللاجئ السوري، غير أن الأمر لم يتوقف.

غابت القصة لنحو 5 شهور، وفي ديسمبر 2016 وقع حادث في قطار برلين "6 مهاجرين حرقوا واحد نايم بقلب المحطة"، وقتها عاد تداول "سيلفي" الشاب السوري مع "ميركل" بزعم أن له علاقة بتلك الجريمة، وتناقلت الإشاعات بأن "أنس شاب جديد على ألمانيا وما بيخاف يعمل شيء سيء"؛ تغيرت حياة "معضماني"، صار وجهه معروفًا أينما ذهب، نظرات الريبة تحاوطه، البعض يقترب متسائلاً بدافع الفضول، فيواصل الشاب توضيح الحقيقية لكن "كان كمان في عالم كتير متعقدين وعقليتهم مصدقة أني إرهابي".

3

أرسل "معضاني" أكثر من مرة إلى فيسبوك لحذف صورته غير أن الرد يأتيه بعدم مقدرتهم حسب قوله. في ذلك الوقت، تعرف عبر صديق له إلى المحامي "جان جو جون"، استشاره للمساعدة، فأرسل القانوني مرة ثانية إلى إدارة موقع التواصل الاجتماعي لإزالة الصور لكنه تلقى الرد ذاته، وبعد مداولات بين الشاب والمحامي استقرا على رفع دعوى قضائية بموجب القانون الألماني، الذي يجيز مقاضاة "فيسبوك" إذا لم يقم يحذف محتوى يسيء لشخص خلال 24 ساعة.

في 6 نوفمبر 2016، قطع "معضماني" 9 ساعات من برلين حتى مدينة فورتمبيرغ الألمانية لحضور أولى جلسات القضية "كنت عارف أن الشغلة مو سهلة لكن حبيت أوري العالم أن أحنا اللاجئين جينا عشان نتعلم وندرس مو كلنا سيئين"، تَحَمّل الشاب السوري الضجة المحاوطة له، والتهديدات التي بلغت حد تهديد محاميه بالقتل إذ لم يتخل عن القضية حسب قوله، ابتلع "معضماني" طيلة مشوار القضية تكالب النظرات عليه بعدما كان يرغب فقط في حياة آمنة واستكمال دراسته المتوقفة حد الثانوية العامة في سوريا.

4

مرت جلستان من القضية، وإدارة الفيسبوك تتمسك بموقفها أنها حذفت الصورة، لكن نطاق الموقع أكبر من القدرة على محو جميع الصور، لتتأجل القضية في فبراير للحكم بها بعد شهر.

ومع مطلع شهر مارس الجاري، رفضت المحكمة الإقليمية بمدينة فورتبيرغ الألمانية دعوى "معضماني" ضد فيسبوك، يقول الشاب السوري إن الأمر كان متوقعًا بالنسبة له، فلم يشغله كسب أو خسارة القضية في ظاهرها لكن "أني أفهم الألمان أن أنس ماله علاقة بأي شيء وأن في أخبار كاذبة تستخدم لتشويه صورة اللاجئين"، إذ يرى أن مثل تلك الأفعال يستخدمها السياسيون المتشددون ضد اللاجئين من أجل الدعوة لانتخابهم "وهاد ضرر علينا".

لم يكن رفض الدعوى نهاية القضية كما تداولت الأنباء، يوضح "معضماني" أن الحكم جاء من المحكمة الأولى فقط "وفينا نكمل وننتقل للمحكمة العليا في فرانكفورت"، لكنه قرر التوقف حتى هذه المرحلة "لأن المسألة أرهقتني كتير وأنا عندي دراسة وبشتغل 8 ساعات يوميًا"، لا يندم اللاجئ السوري، الذي يمضي نحو عامه الثاني في ألمانيا على رفع القضية، يقول إنه لو عاد به الزمن لفعل الشيء ذاته، لكنه يرى أن هدفه تحقق "تواصلت كتير مع الإعلام ووصلت الفكرة الصحيحة عن اللاجئين وحاولت أكون شخص يأثر شوي في الناس وأرد على فئة الألمان اللي بيحالوا تشويه صورة اللاجئين".

5

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان