لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

باسل الأعرج.. حيٌ وإن قتله الاحتلال (بروفايل)

12:16 م الثلاثاء 07 مارس 2017

الشهيد الفلسطيني باسل الأعرج

كتبت - رنا الجميعي:
لا يُعرف المرء بعدد سنواته، بل بأفعاله. وخلال عمر قصير تحوّل باسل الأعرج إلى رمز حقيقي للقضية الفلسطينية، كانت حياة باسل ذو الواحد وثلاثين عام مُلخصًا لكلماته عن المقاومة، كتب وناضل وخطب في الناس، ثم استشهد كأي ثائر يحترم نفسه، في معركة طرفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعتادهم.

أتوا بأسلحتهم في جُنح الليل، وفي غلظة أطلقوا نيرانهم التي تعرف طريقها. داخل منزل بمدينة البيرة اختفى باسل، لمدة عام عن وجه قوات الاحتلال، ومع عثورهم عليه، تحوّل البيت إلى ساحة حرب، وتناثرت دماء الشاب على الجدران.

1

كان باسل يعرف منذ البداية مشروع حياته. رغم دراسته للصيدلة بإحدى الجامعات المصرية، صار اسمه متبوعًا بـ"باحث في تاريخ فلسطين الشفوي"، فاهتمامه بالتاريخ والفلسفة دفعه لأن يكون محور لتغذية العقول من خلال مشروع توثيق الثورة الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حيث أقام جولات ميدانية يُعرّف فيها الشباب بحرب العصابات وثورة 1936، وبعمليات الاغتيالات، وبمفهوم الاستيطان.

لم يقتصر مشروع باسل على التثقيف؛ قاد حراك شبابي ضد الاستيطان، وكان من أوائل من تحركوا لمقاومة ذلك في قريته "الولجة"، كما شارك في المظاهرات الشعبية الداعمة لمقاطعة إسرائيل عام 2012، والرافضة لزيارة وزير الدفاع الاحتلال السابق "شاؤول موفاز"، وخلال التظاهرة أصيب الشاب في جرح برأسه على يد عناصر بالأمن الفلسطيني.

2

كتب باسل العديد من المقالات التي تتكلم عن المقاومة، إلا أن العنوان الأشهر له هو "عش نيصًا وقاوم كالبرغوث"، يُشبه فيه النضال الفلسطيني بحشرتي النيص والبرغوث، التي تُناور أعدائها بذكاء شديد، كان مُقام الثورة عاليًا لدى باسل، وبدون تخطيط تحوّل الشاب إلى أسطورة انتهت باستشهاده.

في عام 2016 تعرّض باسل للاعتقال والتعذيب من قبل الأجهزة الأمنية، مع خمسة شباب آخرين. زعمت السلطات حينها أنه القائد العسكري للحراك الشبابي، لم يصمت باسل داخل السجن، احتج بالطريقة المعروفة، فخاض إضرابًا عن الطعام حتى الإفراج عنه في سبتمبر الماضي. اختفى باحث التاريخ الشفوي عن الأنظار، إلى أن اقتحمت قوات الاحتلال بيته في الواحدة والنصف صباحًا أمس الاثنين.

في إحدى جولاته الميدانية تحدّث باسل عن مفهوم الثائر، استشهد بمقولة لجيفارا قال فيها إن "الثائر هو قاطع طريق بمشروع سياسي"، ثم أتبعها بـ"الثائر يعيش بمكان سفلي، بمكان مُظلم"، هكذا ختم باسل حياته، داخل منزل لا يعرف مكانه أحد حتى أسرته، طلّ اسمه في السابعة صباحًا، حيث أكّدت السلطة الفلسطينية استشهاده الذي كان على مقربة من مقرها.

3

تداول العديدون اسمه في فضاء الانترنت، يُوّدعونه على طريقتهم، حُزنًا وفخرًا بأن في جيل الشباب الحاضر، من عاش حياته كباسل، عريضة رغم قصرها، وينهيها بمشهد ملحمي، شجاعًا أمام قوات الاحتلال، فيما تنتشر صورة دمائه الزكية يُجاورها بضعة فوارغ للرصاص وكُتب تشهد على ما كانت عليه حياته، كمناضل ومثقف، ويختتم الموّدعون رثائهم لباسل بمقولته الشهيرة: "بدّك تصير مثقف، لازم تكون مثقف مشتبك، وإذا ما بدّك تشتبك، لا فيك ولا في ثقافتك".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان