لاسترداد أراضي الدولة.. "تونس" قِبلة الخزف الأولى تواجه شبح الإغلاق
كتبت - يسرا سلامة:
أعلن عدد من ورش الخزف والفخار بقرية تونس بالفيوم الإضراب عن العمل، وذلك عقب إزالة تمت لقطعتي أرض هناك، الأربعاء الماضي، من قبل قوات الشرطة. الورش المُضربة تستنكر كذلك تهديد مجلس المدينة لإزالة أراضي أخرى في القرية السياحية، لبناء قسم شرطة.
يقول محمود الشريف، أحد الخزافين في قرية تونس، إن أهالي القرية –البالغ عددهم قرابة 2500 فردا بحسب التعداد السكاني الأخير- يطالبون منذ عشرات السنوات بتقنين أوضاعهم على الأرض، وأن بعضهم لديه أوراق ثبوتية لها.
تمت الإزالة لقطعتي أرض، وكان بها ورش تعمل بالفعل، بحسب الشريف، مما دفع معظم الأهالي لإعلان إضراب للتضامن مع ذويهم، يضيف الشريف أن مساعي أهل القرية لتقنين أوضاعهم من سنوات، مفسرا "فيه ناس معاها عقود ومش عارف يسجل الأرض، الدولة هى اللي عندها الحل".
عقب أربعة أيام من الإضراب، اجتمع أهالي القرية من أجل بحث أزمتهم، يتضامن معهم الفنان التشكيلي محمد عبلة، بإغلاق مرسمه بالقرية، يقول لمصراوي إن العاملين بالورش هم ساكنين بها، ويسعون لتوفيق أوضاعهم مع الدولة، مع استمرارهم لدفع الأموال حتى الآن.
يدفع سكان القرية قيمة انتفاعهم بالأرض، وما يُسمى أموال "الربط"، والتي تصل إلى 300 جنيه سنويا للمتر. كانت محاولات سابقة تمت من أجل توفيق أوضاع تلك الورش، فمنذ ثلاثين عاما طرحت الدولة المتر مقابل جنيه واحد، لتتراجع بعد سنوات وتطرحه مقابل 10 جنيهات، وحتى طرح حديث مقابل 500 جنيه للمتر، وهو ما لم يتم التوافق عليه حتى الآن، بحسب عبلة.
يفسر الشريف "إحنا رابطين الأملاك باسمنا، وعايزين نقنن أوضاعنا، لكن إحنا ما بلطجناش على حد". يعيش الشريف في القرية منذ ولادته من 36 عاما، ووالده كان عاملا بالقرية أيضا.
اتخذت قوات الشرطة بالفيوم خطوة إزالة قطعتي الأرض بعدما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن إشارة بدء للدولة بتقنين أوضاع أراضيها، إذ تحدث الرئيس بلهجة صارمة خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية بقنا، قائلا "هذا الوضع مش مقبول ومش هنقبله"، مطالبا كلا من وزارتي الداخلية والدفاع بتقنين الأراضي قبل نهاية شهر مايو الجاري.
"محدش اتعدى على أي أراضي، إحنا مش حيتان كبيرة، ورش الخزف والفخار على قيراطين".. يذكر الشريف مفسرا أنه قبل قرار الرئيس بإسبوع تعهد مجلس المدينة لمركز يوسف الصديق بأنه لن يتم إزالة أي أرض، حتى تسوية النزاع، وهو ما لم يتم الوفاء به.
"إحنا السياحة عندنا شغالة عن شرم الشيخ والغردقة".. يقول الشريف، مضيفا أن القرية تزدحم بشكل خاص في المهرجان السنوي للفخار والخزف اليدوية من 19 الى 21 أكتوبر.
يتابع الشريف أن فنادق القرية بها نسبة إشغالات كبيرة، وتقوم القرية بالكامل على الجهود الذاتية من الشباب، يفسر "لم تساعدنا الدولة بأي شئ، ومكتب تنشيط السياحة لم يساعدنا، واليوم هذه القرية وأهلها مهددة، وكذلك السياحة بها".
رفع الأهالي المتضررين لافتات "مغلق" على ورشهم، تنديدا بخطوة إخلاء قطعتي الأرض، يقول عبلة "إحنا بنحاول ننبه الحكومة حتى لا يتكرر الأمر في قرى أخرى، هل من المعقول أن تُخلي الدولة القرية المقام أهلها بها منذ سنوات وتترك حيتان كبار مستولين على مئات الأفدنة؟". يفسر أن أهالي القرية ما هم إلا منتفعين وليسوا ملاك أرض.
وأعلنت المحافظة أنها تنوي إقامة نقطة شرطة في القرية في تلك القطعة. ووفقا للشريف تقع أقرب نقطة شرطة على بعد 4 كيلو في مركز يوسف الصديق، يقول الشريف "هل يعقل بناء نقطة لتجمع المجرمين في مكان سياحي؟".
لم يحسم الأهالي موقفهم تجاه هبة الدولة لاسترداد أراضيها، يقول الشريف أن الوضع إن استمر ربما يلجأ الأهالي إلى مجلس الدولة للتقاضي، ملوحا بإلغاء المهرجان السنوي بالقرية لأول مرة، ويقول عبلة "أهل القرية نسيج واحد وهنا أكل عيشهم، هل يعقل أن يذهب آلاف إلى القضاء لتأمين رزفقهم وسكنهم؟".
وتشتهر قرية تونس بالفيوم بإنتاج الفخار والخزف، التي بدأت منذ قرابة 35 عاما، فيما لا توجد بالقرية أي نسبة بطالة بين شبابها.
وكانت محافظة الفيوم أعنلت الجمعة الماضية عن إزالة ما يزيد عن 206 حالة بالزراعة، و312 بالبناء على أراضي أملاك الدولة، منها 79 حالة بمركز يوسف الصديق، التابع له قرية تونس، ووفقا لبيان من المحافظة أكد محافظ الفيوم جمال سامي إن حملات الإزالة مستمرة ولن تتوقف أبدا بناءعلى تكليفات الرئيس.
فيديو قد يعجبك: