بالصور - تفاصيل جنازة قتيل "جزيرة الوراق".. الأم تحمل النعش
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتب - محمد مهدي:
تصوير-نادر نبيل:
ماذا يفصل الحياة الهادئة عن صخب الموت؟! مساحة من المياه يعبرها الناس بمعدية بدائية تحمل العشرات من الأهالي إلى جزيرتهم -بين البحرين- المُشبعة بالغاز وآثار الاشتباكات، دقائق مرت بين كورنيش الوراق والجزيرة كانت مُحملة بالرُعب "سمعنا إن فيه ضرب حصل في المكان"، تتصل سيدة بزوجها "متجيش تستناني الدنيا بايظة أنا هتصرف"، تبكي سيدة سبعينية "حد جراله حاجة"، تردد شاب للحظة قبل أن يتحدث "فيه شاب اسمه سيد مات".
داخل الجزيرة، النحيب في كل مكان "الولد اللي اتقتل والمصابين في الوحدة الصحية" تذكرها إحدى السيدات عن الاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن والأهالي أثناء محاولة إجلاء المنطقة في الساعات الأولى من صباح اليوم.
لا يذهب القادمون من الضفة الثانية إلى بيوتهم، ينطلقون نحو الوحدة، عبر طرقات ضيقة ملتفة وسط الزراعات يتحرك الجميع، قبل أن يصلوا إلى الجنازة "البلد كلها طالعة" يقولها شاب عشريني مندهشًا.
على قطعة خشبية الجثمان ملفوف بالكفن، يحمله عدد من الجيران والأصدقاء والأحبة، المئات من الشباب خلفهم وعدد من الكبار، يمرون على كافة طرقات الجزيرة، الروايات عن مقتله مختلفة، الهتاف صاخبًا "لا إله إلا الله، الشهيد حبيب الله"، "مش هنسيب حقك يا شهيد"، تتزايد الأعداد لحظة بلحظة، تتكدس الشوارع عن آخرها، بينما تظهر الأم تشق الصفوف نحو النعش.
صراخ السيدة العجوز يخلع القلوب "الغالي راح"، تقترب من النعش، تتلمس الأبن، الدموع تتدفق من عيناها دون توقف "خدوك مني يا ضنايا"، تشارك في حمل الجثمان، يحاولون إبعادها لكنها لا تُريد إفلاته من يديها، فيما تقف سيدات الجزيرة أمام بيوتهن باكيات، لا تُصدقن ما جرى.
المسيرة طويلة، العويل يزداد، الجزيرة عن بَكرة أبيها تنضم للجنازة، المشهد مُهيب، الهواتف المحمولة تُرفع لتصوير ما يدور، صبي يحمل أحد المصورين الصحفيين لتسجيل الحدث، رجل أربعيني يصرخ "سجلوا وقولوا الحقيقة عشان بيفتروا علينا ويقولوا إننا إخوان على صفحات الفيس بوك".
وصلت الجنازة إلى "المعدية"، الآلاف يرغبون في استكمال المسيرة مع الجثمان "بيقولوا هيطلعوا على المستشفى المركزي عشان يأخد تصريح دفن"، يصعدون إلى "معدية" كبيرة، يملؤون الكراسي والسطح، ثم ينضم آخرين إلى واحدة أُخري، فيما يُحمل النعش على ثالثة، ويتوافد الباقي على رابعة، يضجون بالغضب والألم.
على الناحية الأخرى ترسو المعدية، يترجل منها الجميع، وسطهم الأم، تقف مُنتظرة جثمان ابنها، تصمت لحظة ثم تبكي، تنظر للسماء ثم تصرخ "مين هيجبلي حقي"، يحاول الجيران تهدئتها، بينما يقترب النعش فيزداد ضغط الألم على قلبها "كان عايز يطلعني عُمرة، قالي دا وعد ياما، مش هتلحق يا حبيبي".
يتحرك الجميع مرة أخرى إلى الشارع، يقطعون الطريق، ينددون بما جرى، يهتفون ضد الأمن، يخرج النعش إليهم من "المعدية"، فيتوجهون صوب المستشفى المركزي، غابت قوات الشرطة وعربات المدرعات التي ملأت المنطقة صباح اليوم، فقط مدرعة واحدة وسيارة شرطة وعدد من أفراد القوات الخاصة، تقترب منهم الجنازة الثائرة.
أمتار تفصل الجنازة عن القوات، يصعد شرطي من شباك المدرعة العلوي، يقف للحماية، تعبيرات وجهه صامتة، لا تنم عن شيء، بينما يسري التوتر بالأجواء للحظة، قبل أن تُفسح قوات الشرطة المجال للمسيرة، تمر ببطء، تُصبح المدرعة والأمن في منتصفها، الترقب يدب في العيون، ماذا يمكن أن يفعله الغضب؟! لكن لا شيء يحدث، مرت الجنازة بسلام، لتعود نبضات القلب لطبيعتها.
استكمل مُشيعي الجنازة السير حتى وصلوا إلى المستشفى المركزي، تكدسوا أمام بوابتها الكبيرة، خاف أحد العاملين فأغلق البوابة الصغيرة سريعًا، فيما دخل الجثمان برفقة الأسرة وعدد من الأهالي إلى المستشفى، من أجل تقرير الوفاة وتصريح الدفن. وفي الخارج انتشرت وسائل الإعلام لتُغطي شهادات الأهالي، من بينهم شاب ثلاثيني قال "لازم محاسبة المسؤولين على اللي حصل في الجزيرة".
فيديو قد يعجبك: