لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور- من داخل الموصل.. 3 حكايات بين الموت وعودة الحياة

03:48 م الأربعاء 19 يوليو 2017

كتب- فايزة أحمد:

عقب إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قبل أيام، مدينة الموصل خالية من عناصر "داعش"، انتشر الخبر في أنحاء المدينة انتشار النار في الهشيم، حيث عمت الفرحة والزغاريد داخل المنازل التي تزينت بأعلام العراق لترفرف من جديدٍ، تعبيرًا عن فرحة الأهالي الذين سارعوا بتقديم التهاني لبعضهم البعض؛ لتخلصهم من كابوسٍ ظل جاثمًا على صدروهم منذ ثلاث سنوات، فيما كان يجلس "محمد الطائي" البالغ من العمر (29عامًا) يسترجع مجد هذه المدينة التي أصبحت رمادًا، وما حل بها جراء ما شهدته من تدمير خلّفته حربٍ دامت تسعة أشهر بالتمام.

على مدار ثلاث سنوات خلت، مثلت الموصل أهمية رمزية للتنظيم؛ إذ إنها المدينة التي شهدت الظهور الأول والوحيد لزعيمه أبوبكر البغدادي، عقب إعلان تأسيس ما سماه "بالخلافة"، وذلك في عام 2014.

فرحة ممزوجة بالألم

وسط حالة الفرح العارمة التي يشهده العراق لاسيما الموصل في الوقت الراهن، تنهمر أسئلة عدة على ذهن "الطائي" الذي كان يعمل مدربًا في نادي "بلدية الموصل" عقب انتهائه من دراسته الجامعية "تفاصيل كثيرة صعب الواحد يكتبها.. شلون دخلوا وكيف دخلوا وليش دخلوا وشنو كانت سياستهم".

لدى الطائي مشاعر مختلطة في أعقاب التحرير يسردها لـ"مصراوي": "من داخلي فرحان أنه تخلصنا من هدول الجماعات"، لكنه لازالت الأنقاض ورائحة الجثث القابعة تحت الأرض والتي تحاصره من كل جانب تنغص عليه شعوره بالفرحة "الموصل تدمرت وليس تحررت".

مواقف صعاب عدة مرا بها "الطائي" منذ احتلال داعش لمدينته، حيث سُحب خاله الذي يُدعى "محمد أحمد" من داخل منزله إلى المجهول بحجة معارضة التنظيم "قبل أكثر من سنة اعتقلوه ولحد الآن ما نعرف ميت أو طيب"، لم تتوقف مأساة عائلته عند هذا الحد بل امتدت إلى "قُصف بيت عمي وكلهم ماتوا تحت أنقاص بيتهم ونجا منهم بنت واحده فقط".

كان لكل هذا أن يُجبره على مغادرة مسقط رأسه تاركًا أسرته ورائه، إلى مدينة "كركوك" حيث بدأ في دراساته العليا، ومن هناك إلى تركيا "غادرت تهريب لأن داعش ما يسمح لأحد بالمغادرة"، إلاّ أنه ظل متابعًا لما يحدث هناك ولأسرته إلى أن عاد منذ خمسة أشهر فقط؛ لتأدية امتحاناته ولا شيء تغير "مرت ثلاث سنين صعبه جدا.. لا دراسة ولا شغل أو عمل.. لا حرية، ولا أي شيء من مقومات الحياة".

لا يسعي الشاب العشرينيي، الآن سوى لمحاسبة من تورط في قصف المدنيين لاسيما من قِبل التحالف والمتسببين في الخسائر التي تكبدها العراق "مصير من فقدوا على أيدي التحالف شنو والمدينة إلى انكبت شنو"، لكنه في الوقت نفسه ينتابه إحساس بخيبة الأمل؛ لاستبعاده إجراء أي محاسبة جادة لأي من هؤلاء " تعبنا من كثرة لجان التحقيق ولحد اليوم ما حاسبوا أي شخص سواء تواطئ أو سرق أو أي عمل آخر".

جرح غائر بالموصل

فيما كان يتابع المهندس إحسان الجبوري، فرحة أهالي الموصل ينتابه شعورًا ممزوجًا ما بين البهجة بالتحرير والحزن على شقيقه الأصغر "سعيد الجبوري" (28عامًا) الذي استشهد ضمن عمليات "قادمون يا نينوي" بالجانب الأيمن للمدينة "أخي سعيد كان جندي في مشاة الجيش العراقي".

منذ أن نزحت عائلة "الجبوري" من "قضاء صلاح الدين" عقب احتلاله من قِبل داعش، عزم سعيد أمره على الالتحاق بالجيش، وذلك العام الماضي "قولتله هذا طريق الموت.. البلد في حرب وما نريد نخسرك.. قال لو أنا جلست ما قاتلت سيأتون الدواعش و يقتلوننا ويسبون نسائنا"، ما جعل جميع مساعيه تفشل في إقناعه لترك الجيش لاسيما عقب نقله إلى قوات تحرير الموصل "قال لو جائني الموت حتى وإن كنت في حضن أمي سوف أموت". بحسب حديثه لـ"مصراوي".

فجر الثالث من شهر رمضان المنصرم، تلقى المهندس الثلاثيني نبأ وفاة شقيقه عن طريق أحد زملائه بالفرقة "حصلت اشتباكات عنيفة استمرت 3 ساعات بين الدواعش وفرقة أخي واستشهد على إثرها"، كان لهذا الخبر أن يلجم ألسنة الأسرة بأكملها لاسيما أن "سعيد" لم يكن مر على زواجه سوى ثلاثة أشهر فقط.

قطع "إحسان الجبوري" عهدًا على نفسه بعدم زيارة الموصل مرة أخرى، بالرغم أنها كانت شاهدة على مولد شقيقه الشهيد، حيث استقروا بها لمدة أربع سنوات؛ إذ كان والدهم ضابط شرطة، ما يجعلهم يتنقلون في محافظات العراق باستمرار "هذه المدينة صارت مكان يفكرنا بجرح أسرتنا الغائر" لكنه على يقين واحد " أكيد لو أخي الشهيد موجود كان فرح بهذا النصر رغم حجم التضحيات الكبيرة جدا اللي قدمها الجيش بكافة صنوفه في هذا المعركة".

ما بعد التحرير

كان "محمد صلاح" طالب الدراسات العليا بمنقطة "حي الزهور" التابعة للموصل، يستعد لما بعد عملية التحرير، إذ اتخذ قراره بالاستمرار هناك لكي يُعيد بناء المدينة التي طُمست ملامحها "المنقطة التي أسكن بها لم يلحق بها أضرارًا كبيرة.. الأمر الذي سيجعل إعادة بنائها لن يستغرق وقتًا طويلًا" يقول لـ"مصراوي".

لم يلتق "صلاح" بعائلته منذ سنتين سوى من ثلاثة أشهر فقط، إذ أنه غادر المدينة عقب أشهر قلائل من إعلان الموصل عاصمة للتنظيم، ما جعله يصمم على العودة عقب انتهائه من أداء امتحاناته في جامعة بغداد، ليكون برفقتهم وليشهد فرحة التحرير " حسيت بشعور جميل جدا والناس فرحانه جميعا خاصة بعدما بلغت القوات الأمنية عن الدواعش المحليين".

كان "صلاح" يتحرق شوقًا لرؤية أسرته التي كان يخشى أن يحدث لها مكروهًا في ظل الحرب الدائرة، فعقب سبع ساعات طوال من السفر التئم شمل الأسرة " كانت فرحه كبيره ماتنوصف مليئة بدموع الفرح.. حسيت جبل من الهموم انزاح من صدري؛ لأن كنت خايف ما أشوفهم ثانية وهذا الموقف مانساه طول ماحيت".

لم يعد ينتظر طالب الدراسات العليا بعد التحرير سوى إتمام عملية إصلاح جامعة الموصل، التي يتوقع أن تنتهي قريبًا ليُكمل دراسته "إن شاء الله بعد شهرين تكون جاهزة لبدأ الدوام واستقبال الطلبة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان