إعلان

في أول "يوم عمل" بعد زيادة أسعار البنزين: "إحنا بتوع الأتوبيس"

09:34 م الأحد 02 يوليه 2017

بعد زيادة أسعار البنزين

كتبت - علياء رفعت:

ثلاثة أيام مضت منذ رفع أسعار الوقود، الخميس الماضي، لتتفجر الأزمة بين المواطنين وتستمر في تضيق الخِناق عليهم يومًا بعد يوم بزيادة أسعار "الأجرة" الخاصة بكل أنواع المواصلات، فيما عدا مترو الأنفاق وأتوبيسات هيئة النقل العام الذين استقرت أسعارهما برغم قرار مجلس الوزراء برفع أسعار البنزين والمحروقات بحيث يصل سعر البنزين 80 إلى 3.65 بدلا من 2.35 جنيه/لتر، والبنزين 92 من 3.5 إلى 5 جنيه/لتر، والسولار من 2.35 إلى 3.65 جنيه/لتر، والبوتاجاز من 15 إلى 30 جنيه/أسطوانة.

"مصراوي" خاض جولة بين ثلاثة مواقف في أول أيام العمل، الأحد، بعد إجازة عيد الفطر، ليرصد أحوال السائقين والمواطنين بعد أن التهمهم الغلاء جنبًا إلى جنب مع رفع الدعم، التعويم وزيادة الأسعار.

1

على بُعد أمتار من محطة مصر، تتراص بموقف "أحمد حلمي" الأتوبيسات التي تنقلك إلى مختلف الأماكن داخل القاهرة، إلى جوارها ميكروباصات تنقل بعض الركاب إلى بعض محافظات الصعيد ووجه بحري. فيما تعلو لافتة على أحد الأعمدة علقتها إدارة الموقف؛ تحوي خطوط سير "السيرفيس" وبيان بالتعريفة الرسمية لمختلف الأماكن، بعد زيادة أسعار المحروقات.

2

على أحد الأتوبيسات؛ ارتكنت "عواطف عطية" بجسدها، في انتظار الأتوبيس الذي سينقلها وأبنائها إلى منطقة الدمرداش لزيارة والدتها. تعودت السيدة الأربعينية على زيارة والدتها المُسنة ثلاث مرات أسبوعياً ولكن مع ارتفاع الأسعار تقلصت تلك الزيارات إلى زيارتين فقط، ومع زيادة أسعار البنزين الخميس الماضي، قررت السيدة الأربعينية أن تقوم بتلك الزيارة مرة واحدة فقط في الأسبوع مُعللة ذلك بقولها "هجيب فلوس منين اتنقل بيها أنا والـ 3 عيال رايح جاي من الوراق للدمرداش والأجرة كانت 3 جنيه، دلوقتي بقت بـ4 والمشوار كله رايح جاى هيكلفني 25 جنيه للمرة الواحدة، غير لو عيل شبط في حاجة عاوز يشتريها".

زيادة أسعار البنزين ليست هى السبب الوحيد الذي يشغل بال السيدة الأربعينية، والتي تعمل موظفة، وتحصل على الحد الأدنى للأجور -1200 جنيه شهريًا- لكن أكثر ما يقلقها هو زياة أسعار الخضروات والفواكة التي ازدادت في اليوم التالي لزيادة سعر الوقود "البياعين بيقولوا الحاجة غليت عليهم عشان أسعار نقلها زادت، فقررت أمنع الفاكهة واكتفي بالخضار بس.. منعنا اللحمة من 8 شهور ودلوقتي الفاكهة مش عارفة أعمل إيه تاني عشان نلاقي نعيش!"

3

خارج الموقف ذاته وإلى جوار أحد الأكشاك وقفت الشقيقتان "سلمى وعاليا" تشتريان زجاجات المياه والعصير لتتزودا بهما في رحلتهما من القاهرة وحتى بني سويف. تلك الرحلة التي لم تكن تكلف كلتيهما سوى 44 جنيه فيما مضى بواقع 22 جنيه كتكلفة للفرد الواحد، والتي ازدادت لـ 25 جنيه بعد العيد، لترتفع مرة أخرى بارتفاع أسعار البنزين إلى 30 ج.

"مفيش حد من السواقين ملتزم بتسعيرة الركوب ومفيش حد بيحاسبهم أصلًا واللي مش عاجبه ميركبش زي ما بيقولوا لنا"، قالتها سلمى، موضحة أن زيادات الأسعار تلك ما هي إلا "خراب مستعجل" لا يتحمل نتيجته سوى المواطن الذي يعاني من تبعاتها. مُضيفة أن رفع الدعم وتحرير سعر الصرف الذي سبقه قضوا تمامًا على "قوت المواطن" الذى يعاني الأمّرين نظرًا لعدم زيادة المرتبات وانخفاض قيمتها منذ التعويم.

ورغم عمل سلمى كطبيبة بأحد المستشفيات الحكومية المشهورة، إلا إنها تُعاني هى الأخرى من رفع الدعم وزيادة الأسعار مما جعلها تتخذ بعض الإجراءات التقشفية مؤخرًا بعد أن قررت تقليص عدد الزيارات إلى أهلها ببني سويف لتوفير نفقات السفر "المرتب كله ملاليم، ومش عارفة هنجيب منين بس عشان نعيش رغم إن ده أبسط حقوقنا".

 4

ومن موقف "أحمد حلمي" برمسيس إلى نظيره "عبد المنعم رياض" بالتحرير، حيث جلست مها -سيدة خمسينية- في انتظار الأتوبيس الذي سيقلها إلى منزلها. "نحمد ربنا إن أجرة أتوبيسات هيئة النقل والمترو مزادوش وسط اللي احنا فيه وإلا مكناش هنلاقي نروح أشغالنا" هكذا عبرت السيدة الخمسينية عن ضيق حالها الذي دفعها إلى التنازل عن كل الرفاهيات بما في ذلك ركوب التاكسي أو الميكروباص الذي وصلت أجرته إلى أربعة جنيهات، والالتزام بمواعيد اتوبيسات هيئة النقل لثبات أسعارها.

"ربنا يرحمنا.. مش عاوزين غير نعيش ونتستر لآخر الشهر، كل شهر" أمنية وحيدة تدعو بها السيدة الخمسينية دائمًا، غير أنها في قرارة نفسها موقنة بأن الأسوأ قادم في حال رفع الدعم عن الكهرباء، وموجة زيادة الأسعار القادمة لا محالة والتي ستصاحب بالضرورة زيادة سعر البنزين.

6

مُستندًا على عُكازه، كان "أحمد فضل" في انتظار أتوبيس بعينه دون غيره. "مبركبش إلا الاتوبيس الأحمر لأنه بجنيه واحد بس" يقولها الرجل الخمسيني شارحًا سبب انتظاره لأكثر من ساعة دون أن يُقدم على ركوب أى من الاتوبيسات الأخرى والتي ستنقله أيضًا إلى محل سكنه بشبرا، مُعللًا ذلك "فرق الجنيه في الاتوبيس عيالي أولى بيه".

قبل أيام، وتحديدًا قبل الخميس الماضي، كان الرجل الخمسيني يقود "الموتوسيكل" يوميًا من شبرا وحتى مقر عمله بماسبيرو، ولكن بعد زيادة سعر البنزين قرر أن يتخلى عنه "حسبتها ولقيت الماكنة هتصرف بنزين أكتر من حق الأتوبيس فركنتها وبفكر أبيعها، منا مش هقدر على الأسعار دي".

ورغم انتظاره لأكثر من ساعة بالمحطة دون أن يأتى الأتوبيس، لم يبرح مكانه مُرددًا "جيبي مفيهوش إلا كام جنيه ومعنديش رفاهية ركوب التاكسي ولا أتوبيس تاني أغلى، مضطر استناه أصل احنا بتوع الأتوبيس"، يقولها بابتسامة خفيفة ترتسم على وجنتيه.

زيادة الإقبال على أتوبيسات هيئة النقل العام أكدها أيضًا ناظر محطة "حدائق القبة" الخمسيني قائلًا "زمان كان الأتوبيس له راكب معين معروف، لكن دلوقتي بقى في إقبال كبير على الاتوبيس الأحمر أبو جنيه خصوصًا إن سعره لا زاد ولا اتغير والناس ممعهاش وكل حاجة بتغلى وتزيد".

"احنا اللي بنرخص يا عم عصام" هكذا التقط سيد إبراهيم، السائق بالموقف ذاته، طرف الحديث من ناظر المحطة مؤكدًا أن أصحاب الميكروباصات قاموا بزيادة سعر الأجرة للضعف، وأن تلك القيمة لا تغطي فقط زيادة سعر البنزين ولكنها تضمن للبعض منهم الربح المادي من وراء تلك الزيادات "سواقين الميكروباصات هياخدوا الزيادة من قلب الناس، واحنا بقالنا 28 سنة بنشتغل في النقل العام ومرتباتنا مبتزيدش عن 455 جنيه.. عيالنا هيموتوا من قبل ما يعيشوا لو استمر الحال على كده".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان