مصراوي داخل لجنة الفتوى بالمترو: المسلمون والمسيحيون والملحدون يتساءلون
معايشة-عبدالله قدري ورنا الجميعي:
بمحطة مترو الشهداء في رمسيس أثناء توجه هشام مدكور إلى عمله، لمح "كشك الفتوى" الذي يفتح عند التاسعة صباحًا، بادر بالوقوف مُنتظرًا دوره، كانت هناك فتاة تليه في الطابور، سألها لتحجز دوره حتى يشتري تذكرة المترو، ثُم عاد إلى مكانه مجددًا، يرغب مدكور في الاستفسار عن سؤال يخصه سريعًا قبل اللحاق بعمله.
"سمعت عن لجنة الفتوى على النت من يومين ".. يقول مدكور، وذلك بعد إعلان هيئة مترو الأنفاق الأربعاء الماضي عن وجود لجنة للفتوى داخل المترو لتلقي أسئلة الجمهور، سمع بها الرجل الثلاثيني، ونوى التوجه مع بدء أسبوع العمل التالي "دي فكرة ممتازة، لما يكون حد عنده علم بالدين وهيدلنا صح".
لا يقتصر استقبال لجنة الفتوى على المُسلمين فقط، كما يقول الشيخ سيد توفيق، مدير توجيه ووعظ القاهرة، لمصراوي، حيث تُرحب بالجميع، يذكر مدير الوعظ بالقاهرة أن هناك مسيحي قدم قبلًا إلى المكتب حيث سأل عن آية مُحددة بالقرآن "إن الله وملائكته يصلون على النبي"، حيث تساءل المستفسر "هل ربنا بيركع ويسجد للنبي، قلتله لا الآية اتقالت تشريف للنبي".
بينما يستقبل مكتب الفتوى السائلين وقف الشيخ توفيق بالخارج، الذي قال إن فكرة لجنة الفتوى طُرحت منذ رمضان الماضي، كبروتوكول لمجمع البحوث الإسلامية مع هيئة مترو الأنفاق، وقتها أعلنت هيئة المترو عن تجهيز مقر للفتوى، بدأ المكتب عمله فعليًا منذ الأحد الماضي، كما أكّد توفيق، لكن هيئة مترو الأنفاق لم تُعلن عن وجوده سوى الأربعاء الماضي.
تتلقى اللجنة يوميًا حوالي 150 فتوى، خلال الفترتين الصباحية والمسائية، تدور حول الزواج والطلاق والزكاة والصلاة والعبادات والقروض والأحوال الشخصية، لكن أغرب الأسئلة التي علقت في ذهن "توفيق" كانت حول الإلحاد" احنا بنعبد الله على أي دين؟".
دقائق قليلة ودخل مدكور إلى مكتب الفتوى، طلب منه الواعظ تسجيل بياناته، الاسم ورقم التليفون ورقم الهوية الشخصية، جلس مدكور بالداخل بضعة دقائق، بينما كانت إيمان تقف خارجًا مُنتظرة، "سمعت عن اللجنة من اعلان في التليفزيون".. تقول الشابة، جاءت فور علمها بالمكتب، تشّجعت للفكرة كونها أقرب من دار الإفتاء.
في الوقت ذاته كانت إيمان تُفكّر في الذهاب إلى دار الإفتاء، إلا أنها علمت من أحد أقربائها "إنها زحمة وليها مواعيد"، لذلك تحمسّت كثيرًا لمكتب الفتوى في المترو "دي أوفر في الوقت وبتسهّل على الناس ميعملوش حاجات غلط وهما مش عارفين".
يتواجد يوميًا داخل مقر الفتوى ما لا يقل عن أربعة وعاظ صباحًا ومساءًا، إذ يقسموا أنفسهم على جدول العمل في مقر الفتوى، يوم واحد لكل أربعة وعاظ. يحرص " سلامة" – أحد الواعظين-على الحضور كل يوم إثنين للإجابة على تساؤلات الركاب، والتي تتركز مجملها حول الأحوال الشخصية و"مساعدة الناس في حل مشاكلهم، احنا بنعمل لله فقط".
يرفض سلامة فكرة أن مقر الفتوى بالمترو يغني عن دار الإفتاء "في قضايا الطلاق والزواج الإجابة فقط تغني لأن من يجيب هنا عالم، لكن لو استعصى الأمر أو السائل عاوز الفتوى مكتوبة بنوجهه إلى دار الإفتاء لغاية ما يجيلنا ختم الإفتاء".
يستوقف سلامة أحد المارّين، ليسأله في أحد الأمور، لا ينتظر الواعظ انتهاء الطابور الواقف، يقف جانبًا معه، ويُفتيه فيما سأله فيه "أوقات الناس بتيجي عايزة تسأل على طول، بجاوبه مش شرط يدخل اللجنة".
لم تكدّ تنتهي إيمان من سؤال الشيخ، حتى دخل محمد حسين، تحدّث الشاب سريعًا مع الشيوخ بداخل مكتب الفتوى، إلا أنه خرج غاضبًا، في سؤال حسين عن سببه غضبه وخروجه سريعًا "دول عايزين ياخدوا بياناتي كلها، وأنا عايز أسأل سؤال في السريع وأمشي"، يُفسّر الشاب عدم رغبته في تسجيل بياناته "ليه ياخدوا من وقتي ست دقايق وأنا مستعجل، هتفيدهم في ايه بياناتي".
عند انتهاء السائل يتم تسجيل بياناته الشخصية "الاسم، الرقم القومي، رقم التليفون"، يُشير "توفيق" أن السبب وراء الحصول على بيانات السائل هو إمكانية وقوع خطأ في الفتوى "لأننا بشر، لذا نحرص على مراجعة الفتوى، ولو حدث خطأ في الإجابة، نتواصل مع السائل، ونمده بالإجابة الصحيحة، لأن ده علم مش فتاوى تيك اواي".
أعجبت أمل نبيل بوجود لجنة للفتوى في المترو، سابقًا تعاملت مع دار الإفتاء "بسأل السؤال في رسالة مسجلة وبستنى الرد تاني يوم"، لكن الميزة التي تجدها الشابة في لجنة الفتوى "فيه تفاعل أكتر، وباخدي وأدي مع الشيوخ"، تصف أمل تعامل الواعظين بالجيد "مش الفكرة اللي واخدينها عن الشيوخ إن وشوشهم جامدة".
يتلقى الواعظون التدريبات، حول إجادتهم للعلم كيفية التعامل مع الجمهور، يقول توفيق "يتم عمل دورات تدريبية كل شهرين"، ويُشير مدير الوعظ بالقاهرة إلى أنه سيتم تخصيص مكان للسيدات الواعظات قريبًا، ليستقبلن فتاوى النساء.
لا يلقي "توفيق" بالًا لانتقادات المهاجمين "اللي بيهاجموا الموضوع ده مش عارفين حاجة، والمثقف لازم يخضع للجنة عشان نحكم عليه"، ويُضيف توفيق أنه يتعجب من المُنتقدين "لو الأزهر مشتغلش يقولوا قاعدين في التكييفات، دلوقت احنا دورنا ننزل نتفاعل مع الناس، وبعلمه أمور دينه"، وأثناء حديثه رفض مدير توجيه وعظ القاهرة إطلاق اسم "كشك" على مقر الفتوى:" كلمة كشك بتضايقنا، والأفضل مقر أو مكتب الفتوى".
ظلّ النذر التي نذرته أمل مؤرقًا لها، وجدت في مكتب الفتوى الراحة لذلك، "رحت أسألهم ينفع أطلّع عنه فلوس"، أجابها الشيوخ أن النذر يجب أن يُقضى "قالولي دا اتفاق مع ربنا ولازم توفي بيه مهما طال الوقت"، بالنسبة لأمل لن تُناقش الشيوخ في أسئلة نسائية "لو شيء محرجة فيه، مش هاجي أسأله هنا، خاصة إنه كشك واحد".
فيديو قد يعجبك: