لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فتاة العباسية من دار الرعاية إلى "90 دقيقة "

05:25 م الخميس 06 يوليه 2017

كتبت - نانيس البيلي

فتاة بملابس رثة، تغطيها الأتربة، تبدو في العشرينات من عمرها، يشاهدها المارة جالسة تحت كوبري العباسية بالقاهرة لأيام طويلة فيجودون عيها ببعض الأموال. بدا الأمر كمشهد متكرر يوميًا لمئات المشردين الذين تعج بهم شوارع مصر، حتى نشر أحدهم صورة الفتاة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" ليتعرف عليها بعض الأفراد ويفجرون مفاجأة بأنهم يتواصلون مع الفتاة عبر "فيس بوك"، وأنها تدعى "سلوى عرابي" وتنتسب إلى عائلة ميسورة بمدينة المحلة وينشرون صورا لها من صفحتها الشخصية، بدت فيها شديدة الجمال بملامح أرستقراطية وملابس غالية الثمن.

تحرك سريع قامت به إحدى جمعيات الرعاية الاجتماعية وتدعى "معانا لإنقاذ إنسان"، حيث توجهت إلى مكان تواجدها ولكنهم اكتشفوا اصطحابها إلى أحد أقسام الشرطة، فذهبوا إليها وبعد عدة ساعات تم استصدار قرار من النيابة بإيوائها دار الرعاية، وخلال تواجدها بالشارع بدت "سلوى" في حالة انهيار تام وكانت تقوم بحركات غير متزنة وتجلس حافية على الرصيف.

"صدمة نفسية تعرضت لها منذ 3 أشهر أدت بها إلى تلك الحالة"، بحسب تصريحات "محمود وحيد" مسؤول الدار لمصراوي بعد ساعات قليلة من اصطحابهم "سلوى"، وقال إنها غادرت منزل أسرتها بالمحلة بمحافظة الغربية منذ 10 سنوات وعاشت مع إحدى الأسر بمصر الجديدة، وأضاف أنهم تواصلوا مع أهلها الذين حضروا وطلبوا اصطحابها معهم إلا أنها رفضت وطلبت البقاء بالدار، ورجح أن تكون الفتاة على خلاف مع أسرتها أو أنها لا ترغب في المكوث مع أشخاص يعرفونها والإقامة وتغيير حياتها "متعرفش هي ظروفها إيه ومرت بإيه".

ونفى "وحيد" أن تكون الفتاة العشرينية كانت تجلس للتسول أسفل كوبري العباسية "هي كانت قاعدة في حالة انهيار عصبي تام"، ورفض طلب "مصراوي" بتصوير الفتاة أو التسجيل معها لأنها تتوجس من أي غريب وخوفًا من سوء حالتها النفسية مرة أخرى وحفاظًا على خصوصية تواجد المرضى النفسيين بالدار، بحسب قوله.

بعد يوم واحد فقط، فوجئ الرأي العام بظهور فتاة العباسية في برنامج "90 دقيقة" مع الإعلامي معتز الدمرداش عبر فضائية المحور، ومعها مسؤول الدار "محمود وحيد"، قبل أن ينضم إليهم شقيقها الأكبر، واستمراراً للمفاجأت ظهرت "سلوى" بمظهر جيد مرتدية "بلوزة" تكشف جزءًا من ذراعها، وشعر منمق بتسريحة مميزة، تجلس بجوار المذيع على طاولة الحوار، وبدا أنها تعي جيداً ما يدور حولها.

وكانت الفتاة العشرينية تستجيب لأسئلة المحاور بذكاء، لديها سرعة بديهة في التجاوب مع من يحدثها، تتحدث بلهجة شديدة الرقي ومخارج ألفاظ واضحة، تتخللها بعض المصطلحات بالإنجليزية، وتعتز بنفسها مثل ذكرها "فيها ناس تواصلوا معايا من بداية السنة، وهما كده بيضايقوني أنا، وقبل كده كانت حياتي خاصة بيا أنا".

وروت "سلوى" تفاصيل ما حدث لها قائلة إنها تعرضت لكثير من المشاكل والمواقف الصعبة طوال الفترة السابقة بعد أن تركت أهلها بالمحلة قبل 10 سنوات لأنها محرومة من أشياء كثيرة، وأنها الآن تبلغ 22 سنة، وتبنتها إحدى الأسر بمصر الجديدة، كما تعرضت لمشكلات مع بداية العام الجاري أدت إلى إصابتها بصدمة عصبية، وأنها تحب أهلها وتسامحهم على ما فعلوه معها رغم ان والدتها تدعي عليها.

وفي مقطع فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي لحديث سابق لها منذ عدة سنوات، بدت في مرحلة المراهقة، ظهرت "سلوى" تعزف الجيتار وتغني، قالت إنها هربت من أهلها بعد وفاة والدها لأنهم أجبروها على ارتداء الحجاب والصلاة والتقيد بعادات وتقاليد معينة وتولي أمور تنظيف المنزل مثل غيرها من فتيات القرى، بخلاف ما كان يفعله والدها قبل وفاته حيث ترك لها حرية الحجاب وأنه علمها فقط قيما جيدة، وأنها كانت منطلقة وتحب الحياة فأبت الحياة التي فرضوها عليها.

وقالت الفتاة العشرينية إن أصدقاءها كانوا يقولون لها دائما أنها شخصية "موسوسة"، وأنهم كانوا سبب زواجها من رجل صاحب سلطة وأنها شاهدته مرة واحدة وأعجبت به ولكن زاوجها منه سبب لها صدمة عمرها، وهو السبب في كل ما حدث لها، وتحدثت عن واقعة أثرت بها نفسيًا وهي حرق فستان زفافها دون أن تذكر مزيدا من التفاصيل.

وبدت "سلوى" تتذكر تواريخ وتوقيتات الأحداث التي تعرضت ها جيداً، فقالت إن والدتها ظهرت على القناة السادسة في عام 2008 وناشدتها الرجوع إليهم، وأن تجربتها في الشارع كانت موجعة وسيئة جدا، وتعرضت لاعتداءات جنسية متكررة ممن كانوا "يتراهنون على الفتيات"، وبقناعة تامة وبلا تردد ذكرت الفتاة أنها أقامت مع شاب في شقته بمدينة 6 أكتوبر وهي بعمر ال ـ16، وأحبته وحملت منه، وأنه أجبرها على الإجهاض، ومع كثرة المشاكل بينهما انفصلا وتزوج هو بعد ذلك.

وفي كثير من المواقف بدت "سلوى" مضطربة نفسيًا فبجانب ضحكها المتكرر بدون مناسبة، كانت تذكر معلومات غير مكتملة عن حياتها منها سفرها مرتين إلى دبي مع أصدقائها، كما ظهر اعتدادها بجمالها عند مشاهدتها عرض البرنامج لصورتها على الشاشة وهي مشردة أسفل كوبرى العباسية، امتعض وجهها وطلبت تغييرها، ليتجاوب المحاور معها سريعًا، وتظهر صورها الجميلة، فطلب منها ذكر مناسبة تلك الصور، فأشارت إلى إحدى الصور التي تفضلها وأنها كانت بدبي قائلة "كان شكلي حلو، كنت مبسوطة، مرتاحة".

وتحدثت عن مقطع فيديو نشرته عبر صفحتها الخاصة بـ"فيس بوك" واستغربت من حذف الصوت رغم انها لم تتحدث في السياسة "اتكلمت عادي، كنت بتكلم عن الحياة عن الحوادث والناس اللي بتقتل في بعضها والناس اللي معندهاش ضمير"، وأنها رفعته عبر "فيس بوك" أكثر مرة لكنه ظهر بدون صوت.

وأجرى البرنامج مواجهة بين الفتاة ووالدتها الحاجة "ذكية"، وفور أن أجابت "سلوى" على والدتها بطلب من مذيع البرنامج، طلبت منها الصمت لأنها تبرأت منها قائلة "البنت دي عنيها فارغة وانا تبريت منها، وكانت بتعايرني بعجزي، وهي ذلتني وخانتني، صور بنتي علي مواقع التواصل الاجتماعي فضيحة، واسكتي مش عايزاكي تتكلمي معايا"، وتدخل شقيقها قائلاً "سلوى تركت البيت، وعندما تزوجت من رجل لم تتحمل العيش معه إلا 20 يوما فقط، وقررت الذهاب إلى الأسرة التى عاشت معهم الآن، ولا يوجد فتاة تعترف على الهواء أنها عاشت مع شاب في شقة دون زواج"، لتجيبه قائلة "أنا محترمة".

وظهر من حديث "سلوى" أنها ترغب في حياة أخرى غير التي يعيشها أهلها الريفيون في قريتها المتواضعة بالمحلة، وانها منطلقة وترغب في الاستمتاع بالحياة المتمدنة وتنبذ نمط حياة أسرتها التي ذكرت إجبارهم لها على أعمال التنظيف، بينما رأت والدتها في ذلك احتقارا لهم ولحياتهم "دي بتستعر مننا"، وفي نهاية حلقة البرنامج رفضت العودة معهم وأنها ستبقى في دار الرعاية الاجتماعية، وذكر مسؤول الدار أنهم سيكملون برنامج تأهيلها نفسيًا ثم يوفرون لها فرصة عمل مهم بالدار منها موظفة بالاستقبال أو مشرفة.

وأحدثت الحلقة ردود أفعال واسعة، وأثارت جدلاً كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فرأى البعض أنها ضحية أهلها الذين لم يحتووها ويهاجموها الآن، والمجتمع الذي يقسو عليها ويحملها أخطاءها وحدها، وأنها مريضة نفسيًا تحتاج إلى التأهيل النفسي وإعادة تصحيح لمفاهيمها الدينية والأخلاقية، بينما هاجمها البعض ورأى أنها فتاة منفلتة أخلاقيًا تجاهر بأخطائها وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب بدون زواج، في حين تعاطف معها آخرون وقالوا إنهم في حيرة ولا يعرفون هل الخطأ منها أم من أهلها.

وذهب البعض الآخر بأن قصة الفتاة جرس إنذار لعلاقة الآباء والأهل بأبنائهم، وضرورة الابتعاد عن القسوة في التربية واحتواء مناطق الخلل لتجنب نفور الأبناء وهروبهم وما يترتب عليه من هدم الأسرة المصرية، وذكر آخرون روايات مشابهة لها وأنها تصلح عملاً سينمائيًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان