حياة الاستغناء.. كيف دبر المصريون أمورهم بعد رفع أسعار الكهرباء والوقود؟
كتبت- علياء رفعت:
أسبوع واحد فقط، هو فارق التوقيت الذي فصل ارتفاع أسعار البنزين، عن الزيادة التي أقرتها وزارة الكهرباء، على فواتير القطاع المنزلي والتجاري والتي تقدر بنحو 20% تقريباً، وذلك اعتبارًا من الشهر الجاري.
"مصراوي" رصد الأحوال الاقتصادية والمعيشية لمجموعة من المواطنين الذين يعملون في القطاع الحكومي في ظل ارتفاع أسعار الخدمات التي يستهلكونها يوميًا -كالكهرباء- بعدما تقرر رفع الدعم عنها بشكلٍ تدريجي، حتى يتم رفعه بالكامل بحلول عام 2020.
ثلاثة آلاف جنية، ذلك هو مجمل ما يتقاضاه "عمرو وفقي" الثلاثيني مقابل عمله كموظف بشركة المياه منذ عشر سنوات. كانت "الوظيفة الحكومية" حسب عمرو هي الضمان الوحيد لحياة كريمة ومعاش معين، فسعى إليها الشاب عقب تخرجه مباشرة من الجامعة، ولكن بعد مرور عشر سنوات، بعدما أصبح له أسرة قوامها طفلين وزوجة، وفي ظل رفع الدعم عن احتياجاته الشهرية الأساسية من كهرباء وبنزين، أصبح المبلغ الذي يتقاضاه لا يكفي احتياجات الأسرة التي تزداد يومًا تلو الآخر بتقدم أطفاله في السن.
ريهام تواجه الغلاء بـ"قائمة ممنوعات".. وزوجها "السيارة مركونة واستخدامها للضرورة"
" 200جنيه كهربا، 30 مياه، 50 غاز، و130 بنزين".. حسبةٌ بسيطة قام بها عمرو ليحدد مبلغًا ثابتًا من راتبه يصل إلى 410 جنيهات شهريًا لسداد قيمة هذه الاحتياجات. ولكن زيادة أسعار البنزين الأسبوع الماضي اخلت بالحسبة لتزيدها إلى نحو 480 جنيها بفارق 70 جنيها زيادة في أسعار البنزين.
الحسبة زادت تعقيدا، بعدما علم عمرو بزيادة أسعار الكهرباء والتي ستزيد المبلغ المُحدد إلى ما يقارب الـ550 جنيها بواقع زيادة 20% في فاتورة الكهرباء والتي يشير الشاب الثلاثيني إلى ترقبه ارتفاع سعرها عن المعتاد في الشهور المقبلة بسبب استخدام "التكييف".
"550 جنيها كل شهر التزامات بعيدًا عن أكل وشرب ولبس وأدوية" قالها عمرو وهو يشتكي من سوء الأحوال المعيشية والاقتصادية لأسرته، مُضيفًا "خبطتين في الراس توجع، الأول البنزين ودلوقتي الكهربا وكمان شوية هتبقى المياه والله أعلم ايه بعد كده".
ورغم أن الشاب الثلاثيني ليس ضد رفع الدعم عن البنزين والكهرباء كما هو الحال في دول أوربا، إلا أنه يرى ضرورة الموائمة ما بين قيمة "المرتبات" ورفع الدعم "يدونا الأول مرتبات زي سكان الدول الأوربية وبعدها يبقوا يرفعوا الدعم براحتهم".
زيادة أسعار الكهرباء ليست هي الزيادة الأخيرة كما يرى عمرو، ولكنه بسببها قد عقد العزم على ترشيد استهلاك الكهرباء عن طريق الاستغناء عنها نهارًا وعدم تشغيل "التكييف" والاكتفاء بتشغيله ليلًا فقط إلى جانب الإنارة. بالإضافة إلى مراقبة العداد الخاص بمنزله بعدما علم بوجود طريقة حسابية لشرائح الاستهلاك المختلفة "الزيادة هتخلينا نركز مع العدادات ونحسبها مع الحكومة بالمليم الواحد مش حِمل تجيله فاتورة عالية تنسف المرتب".
كانت وزارة الكهرباء حددت سعر الشريحة الأدنى من 0- 50 كيلووات بـ5 قروش إلا أنه طبقاً للأسعار الجديدة سيصل إلى 7.5 قرش. فيما جاءت أسعار الكهرباء لتعريفة سنة 2016 /2017 للاستخدامات المنزلية، من صفر إلى 50 بـ10 قروش ومن 51 إلى 100 بـ19 قرشاً، ومن صفر إلى 200 بـ26، ومن201 إلى 350 بـ35، و351 إلى 650 بـ44 ومن 651 إلى 1000 بـ71، وأكثر من 1000 بـ81 قرشاً، وبالنسبة للمحال التجارية من صفر إلى 100 بـ34 قرشاً ومن صفر إلى 600 بـ58 قرشاً وأكثر من 600 بـ86 قرشاً.
"كنا من الطبقة المتوسطة المرتاحة، بعد الزيادات بقينا نمشي اليوم بيومه وخايفين من بكرة".. قالتها ريهام الأربعينية، والتي تعمل بشركة الكهرباء منذ ما يقارب الـ15 عامًا، وتتقاضى شهريًا 4000 جنيه. قبل سنوات كان راتب ريهام يخصها وحدها، ولكنها منذ ارتفاع الأسعار المتزايد اضطرت لمشاركة زوجها في نفقات المنزل لكي توفي باحتياجاته.
شاب يقبض 3 آلاف جنيه: مفيش تكييف ومش هنولع النور بالنهار
"الحكومة بتدبحنا" بهذه الكلمات استقبلت السيدة الأربعينية خبر زيادة أسعار الكهرباء بعد الاتجاه لرفع الدعم عنها بشكلٍ تدريجي، مُشيرة إلى أن فاتورتها الشهرية للكهرباء كانت تتكلف من 300 إلى 400 جنيه، وأنها ستصل في ظل الزيادات الجديدة التي تم إقرارها لنحو 500 جنيه، حسب شريحتها الاستهلاكية.
أوجه الصرف الأساسية لأسرة ريهام كما حددتها تبلغ حوالي 2000 جنيه موزعة ما بين الإيجار الذي يشكل نصف المبلغ المذكور، وفواتير الكهرباء، والمياه، والغاز والبنزين الذي يستهلكه زوجها أثناء تنقله بعربته، والتي قرر الاستغناء عنها والاتجاه لركوب المواصلات العامة في بعض الأحيان توفيرًا للنفقات.
ما بين التدبير والحد الأدنى من الرفاهية، تقف ريهام -كربة منزل- عاجزة بسبب غلاء الأسعار وإقرار الزيادات المعلنة والتي اضطرتها للاستغناء عن الكثير من الأساسيات المعيشية في المأكل والمشرب للتوفير "مضطرين نضيقها من هنا ومن هنا عشان نوفي فواتير واكل وشرب.. وكله كوم والمدارس ومصاريفها ودروسها كوم تاني".
الاجراءات التقشفية التي تتخذها الحكومة برفع الدعم عن الكهرباء صاحبتها إجراءات أعلنت بها ريهام الطوارئ بمنزلها عن طريق وضع قائمة من الممنوعات لأطفالها وزوجها تقضي بضرورة ترشيد الاستهلاك في الإنارة، استخدام الأجهزة الكهربائية، والتكييفات برغم ارتفاع درجات الحرارة "مبقيناش عارفين بكرة في إيه، بس الغَلى بيزيد كل يوم عن اللي قبله.. ربنا يستر من اللي جاى".
فيديو قد يعجبك: