لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"نحبك هادي".. كيف دارت الثورة داخل شاب عربي؟

12:41 م الأحد 20 أغسطس 2017

نحبك هادي

كتبت - يسرا سلامة:

بدأ في منتصف أغسطس الجاري عرض فيلم "نحبك هادي" في عدد من دور العرض العربية، ومنها مصر. الفيلم حاصل على عدة جوائز دولية أبرزها جائزة  أفضل أول فيلم طويل للمخرج محمد بن عطية، بالإضافة لحصول بطله "مجد مستورة" على جائزة الدب الفضي لأفضل ممثل في المهرجان ذاته. بالتزامن مع عرض العمل، نقدم مراجعة للعمل الأول لمخرجه التونسي "محمد بن عطية".

"هادي" كما اسمه تماما، بسيط وغير متكلف، يعبر اسمه كذلك عن واقع شخصيته الذي يظهر بالثلث الأول من الفيلم، خاضع لسلطة أمه، يظهر في اختيارها عروسته، انشغالها بتفاصيل العرس، والبحث له عن مهنة أخرى، بدافع من "الخوف" من جهتها، يراها بطلنا سيطرة وقيد، تظهر في اختيارها لعروسته، هي من تقدم الشبكة لها بدلا منه، تحضر قراءة الفاتحة وهو على القهوة كأن العريس شخصا آخر، حتى تلمع الثورة من تحت جلد البطل حين يلتقي بـ"ريم".

1

ريم، تجسدها الممثلة "ريم بن مسعود"، تؤدي دور راقصة في فرقة متجولة بتونس، منطلقة، شغوفة بالحياة، ألوان الحياة تملأ ملابسها وكذلك حياتها، رغم أن ظروفها الاقتصادية صعبة بعد الثورة وقلة السياحة في "المهدية"، التي توجه لها هادي بحثا عن عملاء جدد، يقبلون على شراء السيارات، كونه مندوبا للمبيعات بشركة بيجو، يتجول هو الآخر بحثا عن زبون، الطريف أنها نفس مهنة مخرج العمل سابقا. الظروف الاقتصادية تطحن شباب تونس عقب الثورة، التي كانت مليئة بالطموحات والأحلام، لكن الواقع كان شيئا آخر، تماما كما حال بطلنا.

بعد لقاء مع الخطيبة، لم يجد لديها نفس السحر الذي في ريم، يقرر بداخله أنها ليست الحياة التي يتمناها، يتخذ القرار الكبير، ألا يحضر زفافه قبل يومين، بعد أن تطورت علاقته بريم، تبدو مندفعة أمام الكاميرا، أشبه بثورة شاب لم يتخذ قرارا قط في حياته، ليكون أول قرار أن يستمر مع الحبيبة الجديدة، ويترك عمله، وأن يسير الدرب وراء الرسومات الكارتونية التي يتقنها، هكذا تبدو ثورته في الثلث الثاني في الفيلم، خارج شرنقة والدته وشقيقه القادم من فرنسا، والمشارك لقرارات والدته في التسلط، مأخوذا بهذا العشق الجديد.

2

تونسية الفيلم لم تمنع تقاطعه مع ظروف عربية أخرى، في ظروف تربية الأبناء، التي تجعل الأم تسيطر على أولادها، حين يمتزج الحرص والخوف مع رغبة أولادهم –حتى بعد النضج- في اتخاذ مسارات بديلة، بدا في قاعة عرض سينما زاوية بتعليقات تشير إلى تحكمات الأهل المتشابهة. "نحبك هادي" يتقاطع كذلك مع ظروف حرجة اقتصاديا صعبت عمل بطلنا، عقب الثورة التونسية، بدا في مشهد المقهى، يحسده شباب منطقته القروية على الوظيفة، في حين تنهار وظيفته بسبب إغلاق الشركات، وعدم إقبالها على شراء سيارات جديدة.

ثورة "هادي" الداخلية، كانت معبرة عن حال ثورة تونس، التي امتدت لبلدان عربية أخرى، ما يجعل الفيلم معبرًا عن حال كثير من الشباب العربي، ليس فقط في الاندفاع والتحرر، لكن كذلك في الاختيارات التي اتخذها البطل لاحقا، لم تبدُ الثورة قرار سهلا لـ"هادي" العاشق.

3

يبدو مشهد فراق هادي وريم واقعيا، مؤلما للخيال الذي يسعى لاكتمال قصة حب وثورة، لكن بدراسة واقعه، لم يرحل معها، بنهاية "نصف مفتوحة" للبطل، فهو لم يختر الثورة الكاملة، ولم نعرف كذلك إن كان سيعود لحياته القديمة بأي شكل. يطرح العمل الأسئلة أكثر من الإجابات عن مآلات الربيع العربي، بين اندفاع وطموحات، ومستقبل يتشكل حتى الآن من المحيط للخليج، وسط واقع صعب.

اتخذ بن عطية عدة قرارات تساعده على تورط المشاهد مع البطل، اقترب كثيرا في لقطات مقربة من بطلنا، التحمت الإضاءة المظلمة مع حال بطلنا في رحلته، التي تظهر الخوف والترقب من الواقع المجهول، الظلمة تعبر عن قلقه في التجربة الجديدة. ملابس ريم وقصة شعرها تعبر عن الجنون، فيما بدت الخطيبة أكثر تحفظا وهدوءًا.

4

"بطلي يشبه كثيرا ثورة تونس، لا يزال طازجا، لديه آمال في الديمقراطية، اعتقد أن الديمقراطية مربوطة بالخروج عن السلطة الديكتاتورية، بس لاقينا الأمور مش سهلة، بمرأة حرة تحس إن كل شيء ممكن".. كلمات قالها محمد بن عطية عن عمله الأول في حواره مع سكاي نيوز عربية، عقب عرض العمل ببرلين، اختار فيها المخرج الانحياز للإنسان، بدلا من الإفراط في السياسة، لم يعمد لظهور العمل بضحايا وجلادين، لكن لكل شخصية اختياراتها.

"نحبك هادي" حصل كذلك على جائزة النقاد السنوية، وجائزة الإسهام الفني المتميز خلال الدورة السادسة لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية.

5

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان