أصدقاء "شريف قمر" بادروا بإنشاء مؤسسة "عشان محدش ينتحر تاني"
كتب-إشراق أحمد:
لم يكد يمر يوم على فراق صديقه حتى راوده التفكير في عمل شيء يخلد ذكراه، ويكون للأخرين وسيلة تمنع عنهم المصير الذي لاقاه رفيقه؛ بادر محمد ممدوح بالدعوة إلى إنشاء مؤسسة "شريف قمر" للحياة من أجل التوعية بمرض الاكتئاب.
في الرابع من سبتمبر الجاري جاء النبأ "شريف عملها وانتحر"، عاني الشاب العشريني لفترة ليست قليلة من الحزن الدفين، لم يتوقف عن التفكير في إنهاء حياته، وكان أصدقاؤه المقربون على علم بذلك، وكثيرًا ما حاولوا تقديم الدعم حسب قول صديقه ممدوح، لكن محاولتهم لم تكن كافية "كان لازم يبقى في دكتور نفسي كويس"، ذهب "شريف" لبعض الأطباء النفسيين لكنهم لم يكنوا بالكفاءة المطلوبة حسب قول ممدوح، وهو ما دفع الأخير للملمة الأمور كافة نحو خطوتهم لتأسيس مكان توعوي يستهدف المصابين بالاكتئاب ومحيطهم.
بدون تخطيط جاءت الفكرة كما يقول ممدوح؛ جلسة بين سبعة أصدقاء لـ"شريف" بعد رحيله، هدفها الخروج بمشروع يبقى ذكراه، فاتفق الجميع على أن يكون صديقهم "آخر شريف يقرر ينتحر"، وسرعان ما شرع الشاب العشريني في كتابة منشور على صفحته الشخصية في "فيسبوك" يعلن فيه عن عزمهم إنشاء مؤسسة تحمل اسم رفيقهم.
"مريض الاكتئاب مش مجنون ولا بيدلع لأنه حزين شوية زي ما الناس فاكره لكنه زي أي مرض محتاج علاج" ذلك ما يريد ممدوح أن يعيه محيط الشخص المكتئب، يعلم الشاب بتلك التجربة النفسية، ذاق العرض قبل عام ونصف، لكن دون وصول الأمر إلى التفكير في الانتحار، قراءاته المستفيضة عن الأمر، وتوجهه إلى الطبيب زال عنه الغمة، لكنه لم يدرك أن المرضى كُثر.
خطوات بسيطة ورد فعل كبير حاز به إعلان ممدوح، ما بين رغبة في التطوع للمساعدة وأخرى في العلاج "كنت فاكر أن هيجي 5 أو 6"، غير أن عشرات الرسائل انهالت على الشاب، من أصدقاء ومجهولين لا يعرفهم، وأخرين صنعوا حسابات مزيفة لطلب المساعدة النفسية بشأن ضغوط نفسية حساسة الطرح بالنسبة لهم.
صدمة لحقت بالأصدقاء السبعة القائمين على مبادرة المؤسسة حديثة الولادة، كم ومحتوى الرسائل فوق المتوقع "بعتت لنا واحدة تم اغتصابها وبتفكر في الانتحار".
حتم الوضع العمل منذ البداية، ورغم أنه اليوم الثاني لإعلان المبادرة، غير أنهم استطاعوا مساعدة ثلاثة أشخاص، بينهم فتاة أوشكت على الانتحار، يصف ممدوح حالة استنجادها "دخلت على كل الصور والبوستات تطلب المساعدة لغاية ما عرفت اتصل بيها وأحاول أهديها"، تلك الخطوة الأولى للقائمين على المبادرة، قبل أن يتولوا التواصل مع الأطباء النفسيين للتدخل، وهكذا ظنوا أن ألية العمل هذه ستستمر، لكن ذلك تحطم على طاولة الواقع.
سيل عارم من التفاصيل بات على ممدوح ورفاقه في مؤسسة "شريف قمر- تحت الإنشاء- أن يستوعبوها "في واحد بعت لي حاول ينتحر 6 مرات وفي ناس عندها مشاكل جنسية"، ومع التفكير في التنسيق بين هذا وظروف حياتهم الشخصية؛ اتخذوا القرار أن تكون التوعية أساس دورهم إلى جانب مساعدة من يريد، موقنين أن "الاكتئاب مرض مش خطير لو ما اتسبش" حسب قول ممدوح.
"المرض النفسي له 9 آلاف حاجة مش كلها عارفيها" يوضح ممدوح أن محيط الشخص المصاب بالاكتئاب في الغالب لا يعملون أنه مريض، أو لديه ميول انتحارية، يذكر صديقه "شريف" والاتفاق بينهما باللقاء بعد عيد الأضحى، لكنه لم يُنفذ لرحيله منتحرًا، تاركًا مقطع مصور يتحدث فيه بفلسفة عن تفكيره في التخلص من الحياة، فيما يعكف صديقه على الدعوة لإزالة الفيديو حتى لا يؤثر فيمن لديه بالفعل ميول انتحارية.
أكثر ما يخشاه ممدوح هو المسؤولية "الناس بتتعامل معايا أني المنقذ بالنسبة لهم وخايف أن الناس اللي جالها أمل منقدرش نوفره لها"، لكن رغبته في نجاة "كل شريف" تبث فيه العزم.
لازالت المؤسسة في طور الإعداد، ينطلق فيها رفاق "شريف" شيئًا فشيئًا، رفضوا إلحاقها باسم يُنفر المرضى حال الانتحار أو الاكتئاب، فضلوا "شريف قمر للحياة"، أعدوا استمارة إلكترونية للتطوع، فيما يواصلون البحث عن مكان يجمع مشروعهم التطوعي والراغبين في المساهمة، يأملون في تذليل كل المسائل القانونية في طريق فكرتهم، ويتمنى ممدوح أن يكون هناك وسيلة تتيح التواصل السريع مع المقدم على الانتحار لإنقاذ روح تضيع في لمح البصر، وتترك الأسى في نفوس من حولها.
فيديو قد يعجبك: