إعلان

بعد إنذارهم بالإخلاء الجبري.. هل يودع جيران "أم هاشم" حي السيدة زينب؟

07:09 م الخميس 07 سبتمبر 2017

حي السيدة زينب

كتب - مي محمد:

منذ أيام تفاجأ أهالي شارع السد البرّاني المتفرع من ميدان أبو الريش بحي السيدة زينب، بأنهم أصبحوا على موعد قريب قد يغادرون فيه الحى "الطاهر" -على حد وصف بعض الأهالي- حيث دعاهم موظفي الحي إلى ضرورة الحضور كي يثبتوا بالعقود أحقية ملكيتهم لتلك المنازل تمهيدًا لنقلهم منها قبل هدمها، وهو ما أدخل الخوف في قلوبهم من الاضطرار لمغادرة المنطقة الذى عاشوا فيها أعمارهم ونشأت بها ذكرياتهم.



"مصراوي" تواجد في "السد البرانى"، واستمع للأهالي الذين أبدوا تخوفهم من اضطرارهم للمغادرة، وتساءلوا عن المكان الذى سينتقلون إليه، وهل يشمل مشروع تطوير الحى عودتهم مرة أخرى لبيوتهم؟.

 الأهالي: لا نرفض التطوير وما نطلبه هو البقاء في المنطقة

وكان مجلس الوزراء أصدر في سبتمبر من العام الماضي قرارًا بإخلاء مساكن منطقتي تل العقارب وجبل عز القريبتين من حي السيدة زينب من قاطنيها، بعد أن أثبتت جميع الأبحاث والتقارير خطورة بقائهم داخلها، وتم تصنيف المنطقتين بالعشوائيات الأكثر خطورة على حياة ساكنيها، وبعد ذلك جرى إدراج شارع السد البراني المتفرع من ميدان أبو الريش بحي السيدة زينب، ضمن المناطق العشوائية المنتظر إزالتها في أقرب وقت، وتم إنذار الأهالي بأنه يتوجب عليهم إخلاء منازلهم والتنازل عن ورشهم ومحالهم التجارية المملوكة لهم بسندات يعود تاريخها لأكثر من مائة عام.

وحسبما يوضح "فرج" (صاحب ورشة ميكانيكا)؛ فإن هذه ليست المرة الأولى التي يهدم فيها الحي مصدر رزقه، حيث سبق وطال الإخلاء ورشته بمنطقة تل العقارب التي وقعت ضمن مشروع تطوير حي "السيدة زينب" العام الماضي، ليُفاجئ بأن الورشة الأخرى الواقعة على الجهة المقابلة للورشة القديمة دخلت ضمن المناطق المُراد هدمها، الأمر الذي بات يهدده هو وأولاده الذين يعملون معه.

ورئيس الحى: لا تهجير لأحد والانتقال لأكتوبر "مؤقت" وسيعودون لـ"تل العقارب" عقب إحلالها

ولا يعترض "فرج" على تطوير المنطقة، ولكن دون أن يكون ذلك على حساب أكل عيشه، يوجه حديثه للمسئولين بهذا الشأن: "طوروا المنطقة زي ما أنتوا عاوزين بس إدونى حاجة أكل منها عيش".

ونظير أن يخلي "فرج" ورشته؛ تلقى وعودًا من الحي بأن يأخذ مكانها محلًا جديدًا في الأسمرات، وهو ما خفف من وقع الصدمة عنه بعض الشيء، لكن سرعان ما تملكه الخوف لدى علمه بأن "الإسكان" تحظر فتح الورش في حي الأسمرات حفاظًا على جمال وهدوء المدن الجديدة، وبالتالي، وحسبما يقول صاحب الورشة: "هيدوني المحل أعمل بيه إيه، مش بفهم في حاجة غير تصليح العربيات"، طالبا من المسئولين تعويضه بمكان يصلح ورشة لصيانة السيارات.

من البلكونة الصغيرة لمنزلها المكون من طابق واحد، أبدت "أسماء" خوفها من هدم البيت ومغادرة المنطقة إلى أكتوبر أو الأسمرات، كما علمت، وقالت بلهجة غاضبة: "هسيب الحى وأروح أنا وأولادي الستة فين، ولو نقلونا منطقة تانية مين هيراعى عيالى، أنا زوجى متوفى من 3 سنين، وأستعين بأسرتى التي تسكن في ذات الحي على قضاء حوائجى، هما بيودوا ولادي المدارس، ولو عيل منهم تعب هم اللي بيودوه للدكتور، لما أسيب البيت هاعيش إزاي".

ارتبط الحاج "عبدالله الجابري" صاحب المنزل المكون من 4 طوابق، يشاركه فيه 3 أولاد و9 أحفاد بـ"الحي الطاهر" الذي عاش هو وعائلته في كنفه لسنوات طويلة، منذ كانوا أطفالًا إلى أن صاروا موظفين يمتهنون مهنًا مختلفة تقع بالقرب من محل سكنهم.

"إحنا عاملين زي السمك في الميه لو طلعنا من هنا نموت" يقول ذلك الجد "عبدالله"، مشتكياً من صعوبة التأقلم في أي من منطقة الأسمرات أو أكتوبر التي يريد الحي نقلهم إليها.

واقترح الحج "عبد الله" أن يتم تطوير المنطقة، ثم يعودون إليها مرة أخرى، ليكونوا بالقرب من أكل عيشهم، مؤكدًا أن الحى لم يخطرهم قبل وقت كافٍ كي يأخذوا استعدادهم، ويبحثوا عن منازل بديلة في ذات الحي.

في 14 أغسطس الماضي، فوجئت "عواطف محمود" بثلاثة من موظفي الحي يطلبون منها حصرًا بعدد الأفراد الموجودين بشقتها المكونة من 3 غرف؛ "قالوا لي هاتي الورق وتعالي الحي لأننا مش هنجيلكم تاني"، بهذا تبدأ حديثها مؤكدة أنها في اليوم التالي ذهبت إلى الحي برفقة جيرانها ومعهم الأوراق المطلوبة، ليصطدموا بقرار الهدم والإخلاء.

وتحول عدة أسباب بين "عواطف" وبين رحيلها عن حي السيدة زينب، على رأسها (حسب قولها) تواجدها بتلك المنطقة منذ ما يزيد عن 40 عامًا، حفرت خلالها الكثير من الذكريات يصعب التخلي عنها بالذهاب إلى مكان آخر، موضحة أنها ليست ضد التطوير، وإن اضطروا لإزالة منزلها فلابد أن "ينقلونها لشقة نفس المساحة وبنفس المكان".

وترفض "عواطف" الانتقال للشقق التي اقترحها الحي عليهم والتي تتكون من غرفتين وصالة، كما يشترط عليهم التخلي عن أثاثهم، قبل الانتقال إليها، ما يعنى أنها ستضطر لإلقاء عفشها في الزبالة.

فور أن أخبر موظفو الحي "طارق محمد" بالقرار، توجه إلى هناك كي يستزيد معرفة بما سيؤول إليها حاله بعد هدم منزله، ليعرف أنهم سينقلونه لـ"الأسمرات"، بعد أن يقدم أوراق ملكيته للشقة التي يسكن فيها، وعلى رأسها إعلان الوراثة.

"العشة في السيدة أحسن من فيلا في أي حتة تانية" بهذا عبرت "نعيمة عبدالفتاح" عن تمسكها بالبقاء في الحى، مؤكدة أنها لن تستطيع العيش خارج نطاقه، فأولادها يعملون جميعًا في محلات تقع على الخط المراد هدمه، وبالتالي أصبحوا مُهددين بالتشرّد بعد القرار الأخير.

"مصراوي" حمل شكاوى وأسئلة الأهالى إلى حسام رأفت رئيس حي السيدة زينب، والذى كشف "أنه تم حصر جميع المنازل المراد إخلاؤها، وجارٍ العمل على تحديد موعد التنفيذ".

وأوضح رئيس حى السيدة أنه العمل في المنطقة يسير في إطار مخطط تطوير المناطق العشوائية بمنطقة تل العقارب والأماكن التى صدر لها قرار إزالة بقرار صدر منذ عامين ونصف تقريباً من الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة السابق، بالتنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق، استعدادًا لإعادة تطوير المنطقة بشكل يتناسب مع تواجدها فى قلب العاصمة، بعد أن كانت ضمن المناطق ذات الخطورة الداهمة.

وأكد حسام رأفت أن سيتم تعويض كل أسرة بوحدة سكنية إذا أثبت الحصر أحقيتها فى ذلك، حيث ستنقل مؤقتاً إلى مدينة السادس من أكتوبر، أو توفير قيمة إيجارية للرافضين لفكرة الانتقال لحين انتهاء أعمال التطوير بالمنطقة.

ونفى رئيس الحي ما تداوله بعض السكان حول نقلهم بصفة نهائية إلى حى الأسمرات، وأكد تعويضهم بشقق أخرى في منطقة تل العقارب، القريبة من بيوتهم، والتي تخضع للتطوير حاليا.

 

فيديو قد يعجبك: