"كتاب خيبة الأمل".. لماذا نشر روائي عمله الأول بالمجان؟
كتبت-رنا الجميعي:
كان قرارًا جريئًا بالنسبة لمحمد جمال نشر روايته إلكترونيًا، هو الحاصل على المركز الأول بمسابقة أخبار الأدب لعام 2017، لكنه عزم على تلك الخُطوة بعد الرفض الذي لاقاه من دور النشر، لتكون وسط اصدارات مئات الكتب الجديدة الموجودة بالسوق، كتب جمال معركته تلك مُشاركًا إياها مع رواد الفيسبوك، وضع في نهاية منشوره رابط تحميل الرواية مجانًا، التي أسماها "كتاب خيبة الأمل".
لم يكن في حُسبان جمال أن يجد الباب مصدودًا، هو الذي خطا خُطوة بالغة الأهمية بالنسبة له؛ فكان قرار كتابة رواية "شجعني صديقي الكاتب محمد عبد القهار صاحب رواية سراي نامِه"، وعلى الرغم أنه لم يملك أية مُحاولات سابقة "كل لما آجي أكتب بحسها صعبة"، حيث تربى الشاب على قراءة الأدب، لكن خالجه شعور طيلة الوقت برغبة في الكتابة، حتى صار في عامه الأخير بكلية الهندسة "جت في دماغي فكرة وعايز أعملها"، حينها ضغط عليه صديقه "قالي إن الكتابة شغل مش دلع".
مع اتخاذ جمال لذلك القرار، أعدّ نفسه جيدًا بقراءة كتب تتحدث عن الكتابة "وبدأت افهم في تكنيك التأليف"، عرف الشاب حينها كيف يبدأ، أحدث تقدمًا بكتابة عدة فصول من الرواية، حتى تمكّن من تأليف عمل مُكوّن من 435 صفحة على مدار ستة أشهر " مكنتش حاسس إنه أحسن عمل ف الدنيا، لكن على الأقل فيه حكاية مسلية".
لم يتوّقع جمال خَوْض معركة مثل بطل عمله الذي صاغه خياله، يسخر من التشابه بينه وبين بطله "كان بردو بيكتب ومكنش عارف ينشر كتابه"، طرق جمال باب دور نشر مصرية وعربية، لكن الردّ جاء بالرفض أو التجاهل، على مدار شهور شعر جمال بيأس يتزايد، ومع إعلان جريدة أخبار الأدب عن مسابقة أدبية، قرر ارسال روايته "المسابقة كانت انقاذ معنوي".
لم يُصدّق جمال اعلان المسابقة بفوزه بالمركز الأول، شعور زائف بالانتصار جاؤه بعدها، جعله يُحاول مرة أخرى مع دور النشر مُشيرًا إلى أنه فائز بجائزة أخبار الأدب، غير أن ردود الأفعال كانت مماثلة للأولى "لكن أكتر رد كان صريح اللي قالي إن البوكر هي الجايزة الوحيدة اللي ممكن تشد القارئ وتبيع".
أثناء مُحاولات جمال مع دور النشر، قبلت إحداها روايته أخيرًا، وأشار إليه صاحب الدار نحو تعديلات "عايز أغير اسم الرواية وبعض الألفاظ فيها"، لكنه قام بتخفيف الألفاظ فقط رافضًا تعديل العنوان، أيقن جمال أنه قد وصل لمراده أخيرًا، وسينجح في نشر روايته، لكن "خيبة الأمل" جاءت حينما أعلنت الدار عن أعمالها الجديدة بمعرض الكتاب، ولم يجد جمال روايته ضمنها "كان رده إن الدار بتقابل مشكلات كتير السنة دي".
رغم أن جمال عانى على مدار عام ونصف من الردود المُحبطة التي يتفهمها "كنت مقدر إن الوضع الاقتصادي صعب"، إلا أن ما فعلته الدار معه أشعره بخُذلان شديد، جعله يُقرر نشر روايته إلكترونيًا، وحكاية قصته على حسابه بالفيسبوك "كنت عايز أتحرك لأدام"، لم يكن فعل جمال لمُجرد الإحساس أنه ضحية.
حاز منشور جمال على اهتمام العديد "كأنه حلم يقظة حلمته وتحقق"، عرض عليه بعض أصحاب الدور نشرها، الآن يرى الشاب احتمالية تحويل روايته ورقيًا "اتفقت إن الرواية هتنزل في معرض كتاب اسكندرية للكتاب، دي مدينتي اصلًا"، في نفس الوقت يُدرك جمال أن شهرة الموقع الأزرق ليس لها أي معنى، فيما ينتظر انتهاء تلك الموجة، حتى يعرف أيهم كان ردود جدّية "كفاية إن يقراها اتنين تلاتة وينتقدوها دا هيخليني مبسوط".
رغم جرأة قرار جمال إلا أنه اتخذه حتى يترك حمله الثقيل وراءه، ليتمكّن من مواصلة كتابة عمله الروائي الثاني. يتذّكر جمال المقال التي طلبته منه مسابقة أخبار الأدب بعد الفوز، عن سبب رغبته في الكتابة، فيقول فيه "ما يُثير اهتمامي هو الحدوتة الجيدة حيثما كانت، وكل ما أردته أن أحكي حدوتة، فإن أعجبك كلامي اعزمني على شاي بقى، وإن أصابك مني ملل، فأنا أعذرك، وربما أدفع أنا ثمن الشاي على سبيل الاعتذار".
فيديو قد يعجبك: