"الصعيد مش بعيد".. مبادرة للتوعية بالمرض النفسي والبداية من محافظة "قنا"

كتبت-دعاء الفولي:

مازال البعض ينظر للمرض النفسي كرفاهية، وصمة أو أمر معيوب، ذلك ما دفع داليا السيد، منسقة حملات التوعية بالأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، للتفكير في بدء حملة في أماكن مختلفة للتوعية بضرورة الاهتمام بالمرض النفسي "لما فكرت إيه أكتر الأماكن اللي ممكن مش معترفة بالمرض دة، جه في بالي مدن الصعيد".

بدأت داليا في عمل استطلاع عبر الإنترنت لمعرفة الأماكن التي يمكن البدء بها، وبالتوازي مع تخطيطها "كان في حملة اسمها صحتك النفسية تهمنا في قنا بتتواصل مع مستشفى العباسية إنهم يعملوا حملات هناك"، وجدت المنسقة أن الفرصة متاحة أخيرا، لتبدأ الحملة بمحافظة قنا الأسبوع الماضي.

بضعة أيام استمرت خلالها الحملة التي ضمت خمسة أطباء، وشملت تفاعل كبير مع الأهالي في أحد القاعات التابعة للتنمية المحلية لمدينة دشنا. 

انقسمت التوعية النفسية في مبادرة "الصعيد مش بعيد" لثلاث عناصر رئيسية "هي التوعية بمرض الاكتئاب وأعراضه ثم القلق وأخيرا الفصام"، لكن أهم ما ركزت عليه الندوات كان الإدمان والتعامل معه كمرض.

"الناس اللي حضروا كانوا مش مقتنعين إن الإدمان مرض ممكن يتعالج، شايفين إنه طالما الشخص دخل في السكة دي فخلاص مفيش رجعة"، حسبما يقول محمود منظم، مدير وحدة طب المجتمع بمستشفى العباسية وأحد المشاركين في المبادرة، لم تكن تلك المشكلة الوحيدة، بل نقيضها كان موجودا "إن الناس بعضهم كان معتقد إن تعاطي الحشيش مثلا كل فترة مفهوش مشكلة ومش مضر".

كانت داليا تعلم أن الأفكار التي يحملها فريق المبادرة ليست مطروقة في الصعيد "عشان كدة أخدنا معانا حد متعافي من الإدمان كان بيتكلم عن تجربته وبيرد على أسئلة الناس"، وجدت تلك الفكرة صدى جيد عند كثير من الحضور، ركّزت أطباء المبادرة على عدم إعطاء النصائح بشكل مباشر للحضور "كان في جزء ترفيهي زي الماراثون اللي عملناه على الكورنيش ونظمه فريق keep fit runners وشارك معانا الهلال الأحمر وحوالي 70 شخص تانيين".

لم يكن إقناع البعض بتغيير أفكارهم عن المرض النفسي يسيرا "الناس معندهمش أقل بديهيات التوعية"، حتى أن محافظة قنا لا تضم مستشفى نفسي، حسبما يقول منظم "ومكانوش يعرفوا إن أسيوط وسوهاج فيها وممكن يروحوا"، لكن في المقابل كانت ردود الفعل الجيدة حاضرة "ناس كانوا بيقولوا لنا انتوا كنتوا فين من زمان؟ وبعضهم قال لنا لازم تيجو تاني وتعملوا محاضرات أكتر".

تلك المبادرة هي النواة الأولى لمحاضرات وأنشطة أخرى في مدن الصعيد، تعرف داليا أن الطريق طويل "الناس عموما في مصر بتخاف تتناقش في المرض النفسي"، لكنها تؤمن أن الفترة القادمة تحمل فرصا أفضل لتغيير تلك النظرة.