لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

3 طلاب يكشفون لـ"مصراوي" تفاصيل ما جرى في كمين "داعش" بالعريش

06:32 م الإثنين 08 يناير 2018

كتب- فايزة أحمد:

ظهر يوم الخميس الماضي، انتهى الطالب أيمن بهجت -اسم مستعار- من تأدية امتحان المادة الأولى لاختبارات نصف العام، بأحد معاهد الحاسب الآلي بشمال سيناء، حيث توجه إلى الموقف الجديد ليستقل أحد الاتوبيسات متجها لمنزله بمدينة "بئر العبد"، عبر طريق "قنطرة/ شرق العريش"، ولم يكن يشغله سوى امتحان المادة المُقبلة التي من المُفترض أن يؤديها في الأسبوع التالي، لكن ما جرى غير كافة ترتيباته.

وكان اللواء رضا سويلم، مدير أمن شمال سيناء، تلقى بلاغًا رسميًا باستشهاد 3 أفراد شرطة، ومدني، جرّاء كمين نصبته مجموعة من العناصر التكفيرية على طريق العريش - القنطرة الدولي. وأفاد بيان رسمي باستشهاد أمين شرطة من إدارة الأمن العام بمديرية أمن شمال سيناء، وعريف شرطة ومجند، وآخر مدني، أصيب برصاص مسلحين تكفيريين نصبوا كمينا على طريق العريش - القنطرة الدولي، أمام ملّاحات سبيكة.

وذكر البيان الرسمي أن المسلحين استوقفوا سيارتين كان يستقل إحداهما 3 أفراد شرطة، وهم أمين الشرطة السيد مصطفى غنيم، 30 سنة، وعريف شرطة، إبراهيم محمد حسن، 30 سنة، ومُجند الشرطة أحمد مسعد الألفي، 22 سنة، وقام المسلحون عقب التعرف على هويتهم بإطلاق الرصاص عليهم، وأردوهم قتلى، كما قتل مدني آخر يُدعى نمر سليمان سويلم، 31 سنة، وأصيب شخص آخر، كان برفقته يُدعى بشير إسماعيل العربي، 50 سنة، أصيب بطلق ناري بالركبة اليُمنى، ونقلت جثث القتلى إلى مستشفى العريش، بينما لاذ المسلحون بالفرار.

في الخامس من الشهر الجاري، أصدر ما يُعرف بتنظيم "ولاية سيناء" بيانًا عبر وكالته الرسمية "أعماق"، يعلن عن قيامه بنصب أحد الكمائن شرق مدينة بئر العبد بالقرب من "ملاحات سبيكة"، لاستهداف دورية شرطية، معلنين عن قتلهم لضابط شرطة قبطي، وأحد أمناء الشرطة، بالإضافة إلى مجند بالجيش المصري. ولم يعلن "داعش" عن توقبف أي من المدنيين، فيما كان "بهجت" وآخرين شهود عيان على ما حدث يومها.

اختار "بهجت"، مقعدًا أماميًا يشاركه فيه سيدة أربعينية تحمل طفلتها، حاول عبثًا أن يطرد عنه أشباح النُعاس التي تهاجمه منذ أن خرج من الامتحان، انطلق الاتوبيس إلى وجهته المُعتادة، ارتفع صخب زملائه في المعهد ذاته، فيما كانت تلهو الطفلة التي تجاوره بحقيبة اليد الخاصة بأمها، لتنقطع الأصوات فجأة عقب تخطيهم كمين "الميدان" التابع للجيش المصري، واقترابهم من شركة "ملاحات سبيكة"، التي تبعد عن قرية "الروضة" بثلاثة كيلو مترات؛ حيث كانت تقف سيارة من نوع "فيرنا" وأمامها ثلاثة مُلثمين ذوي بنية جسدية قوية، اثنان منهم يقومان بتفتيش السيارات والشاحنات المارة بالطريق وهما يحملان السلاح، فيما حمل ثالثهما كاميرا تصوير لرصد ما يقومون به إزاء المارة، بينما كانت تنتظرهم سيارة أخرى داخل الرمال وبها ثلاثة ملثمين أخرين .

"أول ما شوفتهم نطقت الشهادة، وقولت أنا خلاص كدا في خبر كان".. حبس جميع ركاب الأتوبيس أنفاسهم، فيما شعر "بهجت" بارتجاف السيدة الأربعينية التي تجلس بجواره، تلك التي ما أن رأت هؤلاء الملثمين ولم تتوقف عن التمتمة بالشهادتين "حسيت بعجز كبير.. احنا رجالة نتحمل موقف زي دا.. لكن الست دي وبنات تانية كانت معانا ذنبهم إيه يتعرضوا لموقف زي دا".

"طلع واحد منهم لم كل البطايق اللي معانا.. لهجته كانت من عرب سينا، ونزل بيهم لواحد تاني قعد يبص فيهم ويرميهم على الأرض".. حدّق الشاب العشريني في أعين الملثم حين اقترب منه لانتزاع بطاقته؛ علّه يتعرف عليه "كنت متعمد أبصلهم عاوز أعرف الناس اللي لا سابت مسلم ولا مسيحي إلا وقتلتهم دول شكلهم إيه.. زينا كدا بشر"، لينصرف هذا المُلثم عنه، متوجهًا إلى باقي زملائه الذين كادوا على مشارف الوقوع في أيديهم.

"لقيته بيصرخ في وشي وبيقولي أنت ظابط؟"، نزل هذا السؤال على الطالب سعيد إدريس كالصاعقة، الأمر الذي جعله يشعر كما لو أن أحدًا عقد لسانه عن الكلام، حسب وصفه.

"أديته البطاقة وقولتله والله أنا مش ظابط أنا طالب"، لكن نفي "إدريس" عن نفسه هذه التهمة-من وجهة نظر هؤلاء الملثمون- لم تثنيهم عن اصطحابه هو وصديقه مسعد إبراهيم وإنزالهما من الأتوبيس، ليعرضهما على المُلثم الأخر الذي أخذ في نهرهما كما لو اقترفا جريمة كبرى لم يعلما أبعادها.

"كنت حاسس أني هقطع النفس من كتر الخوف والقلق"، يصف "إدريس" ضاحكًا شعوره أثناء وقوفه أمام المُلثمين "قولت أنا كدا ميت ميت الناس دي مابتهزرش"، زاد من قناعته هذه حينما رأي بأم عينه جثتين يخترقهما الرصاص على جانبي الطريق "مش قادر أنسى شكل الجثث دي لحد دلوقتي.. طول عمري بسمع عنهم لكن أول مرة أتعرض للموقف دا".

كان التنظيم أرفق مع بيانه هذا، مجموعة من الصور لبعض المدنيين الذين قتلهم أثناء نصبهم لهذا الكمين، فيما لم يعلن عن هوية هؤلاء القتلى حتى الآن.

بينما كان الطالبان يحاولان تفادي مصيرًا مجهولًا يرسمه هؤلاء لأي من يقع تحت أيدهم، شرع بهجت في تهدئة السيدة الأربعينية وطفلتها التي تملك الخوف منها تمامًا "بقيت أقولها مش هيحصل حاجة يا ماما.. مكنتش عارف بصبرها ولا بصبر نفسي"، ليتوقف عن ذلك فجأة حين كان يصرخ المُلثم في وجه الطالبين اللذين كانا لم يحملا سوى بطاقتهما الشخصية "كسر بطاقتي نصين ورماها في وشي لمّا اتأكد أني مش ظابط"، بحسب إدريس.

صعد الطالبان على متن الأتوبيس مرة أخرى، يزجر أحد المُلثمين السائق بصوتٍ مرتفعٍ "قاله عقد عقد.. يعني أمشي بلهجة عرب سينا"، لينطلقوا في طريقهم مرة أخرى؛ حيث بدأ البعض في الهمهمة لتحليل ما حدث، فيما لاذ البعض الآخر بالصمت مكتفين بضجيج عقولهم "افتكرت زمايلي اللي ماتوا في الروضة وأني كان ممكن أحصلهم"، وفقًا لـ"إبراهيم"، الذي فقد اثنين من أقرب أصدقائه في حادث الروضة.

تختلف ظروف الشبان الثلاثة الأسرية؛ الأمر الذي جعل "إبراهيم" يخفي عن والدته ما حدث معه في طريق العودة "أنا الولد الوحيد على 3 بنات وأبويا ميت، ولو قولت لأمي يبقى أنسي التعليم تانى خالص عشان مش هتودينى أكمل وأنا في آخر سنة"، لكنهم يتفقون حول استمرار تواجدهم في محافظة سيناء رغم فداحة ما يحدُث "إللي يعيش في سيناء ميقدرش يعيش برة عنها.. نروح للبهدلة والزحمة ليه".

اقرأ أيضا:

استشهاد 3 أفراد شرطة ومدني برصاص تكفيريين بالعريش

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان