لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الكشف المبكر ينزع الخوف.. مكافحة سرطان الثدي تبدأ باكتشافه

06:07 م الأربعاء 24 أكتوبر 2018

حملة كشف مبكر لسرطان الثدي

كتابة وتصوير- شروق غنيم:

في المنزل باتت نجلاء سعد تضع غطاء على رأسها، تحاول إخفاء ما فعله العلاج الكيماوي بشعرها عن عيون زوجها وأولادها، غير أن أسرتها عارضت الأمر، حتى ابنها الصغير طالبها معهم بنزع القماش عنها "بقوا يقولوا لي إحنا بنحبك وإنتي كدة متتكسفيش"، فيما كانو يتفاقزون سعادة حين تخطت تلك المرحلة وأخذ شعرها ينبت "كل يوم يلاحظوا ويقولي بصي في واحدة طلعت هنا".

أمام جمع من النساء؛ وقفت الأم الأربعينية، التي تعافت من سرطان الثدي، تحكي رحلتها مع المرض، في فاعلية نظمتها المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي بالتعاون مع شركة التجميل "Avon".

1

لمدة عشرين عامًا كان الحماس يدّب في نفس نجلاء، تدرجت في العمل داخل شركة التجميل، يعرفها أصدقاؤها بالخِفة والمرح، غير أن حالها تبدّل حين هاجمها المرض منذ عام "اكتشفته وهو في المرحلة التانية، انهرت ساعتها ودخلت في حالة اكتئاب، بس بعدها فوقت لنفسي وقولت أنا لازم أخوض تجربة العلاج وأنجح فيها". وهو ما حدث معها.

في الفعالية التي نظمتها المؤسسة داخل مقر شركة التجميل، أصّرت نجلاء أن تكون بين الحاضرات، قطعت إجازتها وجاءت إلى المكان بمنطقة شبرا، أرادت أن تسرد تجربتها علّها تُنجي سيدات أخريات، تخبرهن عن أن الكشف المبكر ضروري "للأسف إحنا دايمًا بنحط أولويات غير صحتنا وده غلط"، تشجعهن على اتخاذ الخطوة وسؤالها في أي وقت عن التجربة "أنا مبعتبرش إنها صفحة ولازم تتقفل، بالعكس بحب أحكي عنها عشان أساعد اللي حواليا".

2

قرابة ستين سيدة يعملن لدى شركة "Avon"، استقرن على المقاعد، تركن أعباء المهام المنزلية، اصطحبن صغارهن معهن، ولأول مرة كانوا يستمعن إلى حديث دكتور شيرين خليل، أخصائية طب مجتمع وبيئة، إذ تشرح لهن أعراض سرطان الثدي، كيف يمكن أن يفحصن أنفسهن ذاتيًا، ومتى يصبح عليهن الذهاب إلى طبيب، وكيف يتعاملن إذا ما اكتشفت إحداهن أنها مُصابة بالمرض، وما إن تُنهي حديثها، تُقبل عليها السيدات في غرفة منفصلة من أجل الكشف عليهن بعد ملأ استمارة تشمل تفاصيل أحوالهم الصحية.

قبل ستة أعوام بدأت الطبيبة في العمل لدى المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي، ومعها انطلقت جولاتها ضمن قوافل الكشف المُبكر على السيدات بشكل مجاني. طافت خليل في مدن الجنوب، إسنا، بني سويف، المنيا وأسيوط، فيما كان لمدن الدلتا نصيبًا من ذلك، من إسكندرية، إلى دمنهور ودمياط، فيما لا تقتصر زيارة المكان على مرة واحدة بل تعود له مجددًا بعد مرور وقت.

3

كانت الدهشة تصاحب خليل، لأول مرة تجلس أمامها سيدات وقد تجاوزن الأربعين من أعمارهن، ولم تحاول إحداهن من قبل الكشف على صحة ثدييها. وكأسلوب مُتبع، تعطيهن الطبيبة محاضرة توعية بالمرض، ثم تشرع في الاطمئنان عليهن "وبعلمهم بعدها إزاي يقدروا يكشفوا بنفسهم وامتى يحسوا إن في مشكلة ولازم يروحوا لدكتور يطمنوا".

داخل مقر شركة التجميل، تعيد الطبيبة ما تقوله في جميع جولاتها دون تعب، تعرض صورًا توضح أعراض المرض، والتغييرات التي تصيب الثدي في حالة وجود ورم، مثل خشونة وزيادة سمك طبقة الجلد، بثور، تشقق حول حلمة الثدي أو وجود إفرازات، أو تغير في الشكل والحجم، أو وجود تورم، بينما تنصح سيدات ما قبل الأربعين عامًا بإجراء أشعة تلفزيونية على الثدي كل عامين، أما من تعدت الأربعين فعليها بـ"الماموجرام"-أحد أشكال الأشعة السينية للكشف عن الأورام، والذي تقدمه المؤسسة مُدعمًا للسيدات نظرًا لارتفاع تكلفة إجرائه.

4

الفقر، عدم وجود رعاية صحية، تضعهم خليل على رأس الأمور التي لا تجعل التوعية بالمرض تصل إلى أماكن كثيرة في مصر "روحت مناطق قبل كدة مشافوش دكتور في حياتهم"، رغم ذلك فإن الأماكن النائية بالنسبة لها أكثر تفاعلًا مع قافلات الكشف المُبكر "ما بيصدقوا حد يروحلهم وبيبقوا مهتمين إنهم ييجوا عكس القاهرة مثلًا".

لم تكن الطبيبة تعلم أن الأمر يصل إلى هذا الحد، ذات مرة كانت في منطقة بسيطة بالقناطر، أخذت تكشف على سيدة سبعينية، ذُهلِت إذ امتلأ ثدييها بأكمله بالورم "والست وقتها كانت بتقولي دي حاجة عادية بتروق ساعات وبترجع"، حفزها ذاك الموقف على محاولاتها للوصول إلى أكبر عدد ممكن النساء حتى يتثقفن بمعلومات صحية "مش عاوزة أشوف حد تاني في مرحلة متأخرة من المرض، ده معناه إنها خلاص في أيامها الأخيرة، عشان كدة طول الوقت بقول إن الفحص الذاتي مهم جدًا يتعمل ومهم كل ست تعرف عنه مادام عدت العشرين سنة".

5

في صفوف السيدات كانت تجلس ريم متوجسة، أمارات القلق بادية على وجهها خلال محاضرة الطبيبة، ليس لأنها تمر بأحد أعراض المرض "بنت خالتي قالتلي بلاش تروحي كدة هتفولي على نفسك"، تقول صاحبة الخمسة وأربعين عامًا أن ذلك يمنعها كثيرًا حتى من إجراء فحصًا ذاتيًا "بخاف اكتشف حاجة"، فيما تبدّل رأيها حين أنهت خليل حديثها وتشجعت لملأ استمارة الكشف.

لدى أماني فوزي، مساعدة رئيس مجلس الإدارة، ومسئولة التواصل في مصر مع شركة "Avon" العالمية، اهتمام خاص بقضية سرطان الثدي، تحكي أنهم لا يعتبرون الشركة أنها للتجميل وحسب "شعورها الداخلي كمان مهم بالنسبة لنا، إنها متتأذيش في صحتها، وعشان إحنا منملكش معلومات طبية فبنسّق مع مؤسسات متخصصة".

6

وحين بدأ شهر أكتوبر، حيث خصصته منظمة الصحة العالمية للتوعية بسرطان الثدي، وقالت إنه يتصدر لائحة الأمراض السرطانية لدى السيدات، نظمت أماني مع المؤسسة المصرية لمكافحة المرض حملات كشف مبكر ومحاضرات توعية بشكل مجاني لكافة العاملات بأربعة فروع تمتلكهم شركة التجميل في مصر، فضلًا عن قوافل مجانية تطوف الشوارع ترعاها "Avon"، فيما أطلقت صفحة الشركة سلسلة مقاطع فيديو للتوعية بالمرض "مش عاوزين ست تموت عشان معندهاش وعي كافية".

7

تجاوزت ماريان الستين من عمرها، تخطو بتمهل في المكان، لا تشعر بالخطر إزاء نفسها "جيت النهاردة عشان بنتي مش عشاني". قبل ثلاثة أعوام أصيبت ابنتها الكُبرى بسرطان الثدي، أخفت الفتاة عن والدتها الأمر طيلة أشهر حتى حان موعد إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم "ساعتها بس عرفت، مكنتش مصدقة ودخلت في حالة انهيار، اتمنيت إنها كانت جت فيا أنا، على الأقل أنا خلصت رسالتي في الدنيا لكن هي لسه قدامها حياة مع ولادها التلاتة".

لم تكف الأم الستينية عن البكاء، غير أن فتاتها كانت تتحلى بالصبر "كان عندها سلام عجيب، وبقت هي اللي تصبرني وتقولي أنا هاخد بركة من المرض"، أنهت ابنتها صاحبة الواحد وأربعين عامًا حينها العملية، ثم شرعت في العلاج الكيماوي، مرّت بأيام صعبة لكنها تمكنت من تجاوزها بكل رضا.

8

تتذكر ماريان ذلك بينما تجلس باهتمام في محاضرة الطبيبة تطرح عليها أسئلة مختصة لكيفية التعامل بعد الشفاء من المرض، رغم أن ابنتها أصبحت تعلم كل كبيرة وصغيرة متعلقة بالمرض، تعكف على صفحات الإنترنت تقرأ عنه، تناقش طبيبها الخاص "فاهمة أكتر مني كتير، لكن أنا حبيت أعرف برضو عشان لو عرفت حاجة جديدة أقولهالها وأساعدها، أو أساعد أي حد حواليا بمعلومة عن المرض".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان