صُنع في "بيت الصورة".. فنانو مهرجان الجونة بعيون هيمن وريم

كتبت- شروق غنيم:
تصوير- أحمد هيمن:

كانت الأمور تسير بشكل اعتيادي، الكاميرات تلتقط فنانين يرتدون ملابس أنيقة وحُلى برّاقة تم حياكتها مُخصصًا لحضور مهرجان الجونة السينمائي، غير أن رؤية مختلفة حملها كل من المصور الشاب أحمد هيمن وزوجته ريم أسامة، شكّلت تصورًا دراميًا للفنانين المشاركين.
الفكرة اختمرت بعقل المصور الشاب وزوجته مع كل متابعة للمهرجانات العالمية "بعيدًا عن الريد كاربت بيكون في مصور مختص يصور المشاهير في أجواء مختلفة تمامًا وده مش موجود في مصر وكان نفسنا نعمله هنا" يحكي هيمن لمصراوي، فوقع الاختيار على مهرجان الجونة الذي انطلق في 20 سبتمبر وانتهى في الـ30 من الشهر نفسه.

عرض هيمن وريم الفكرة على إدارة مهرجان الجونة، على أن يتعاون الأخير مع مشروعهم بيت الصورة- وهو المكان الذي أقامه الثنائي ليكون مجتمع لمصورين ويتواجد مقره في منطقة المعادي "كان في ترحيب ودعم كبير وخدنا أوضة صغيرة بقت ستوديو لينا" ومن هنا بدأت الحكاية.
داخل الاستوديو لم تكن الأجواء عادية؛ موسيقى هادئة وإضاءة خافتة كانت أدوات هيمن وريم لمنح الفنانين السلام النفسي أما الصورة فلم تكن مجرد ضغطة زر والسلام. أعّد الثنائي أسئلة "وكنا بنشوف الشخص اللي جاي موده عامل إزاي وشغله وساعتها بنقرر أنهي نوع أسئلة نطرحها عليه وأي نوع مزيكا نشغلها".



في الأجواء التي خلقها الثنائي، تلّبست كل فنان حالة مختلفة؛ بين القوة، الصبر، الحكمة، الحنين، الألم والطموح، بات أقرب إلى ذاته، يتأمل مشهدًا في خياله فتبدو أمارات على وجهه تُشكل معنى ما فتلتقطه عدسة هيمن "صور مختلفة ما بين الهادية والحادة، لكن المهم إن كلها صور ومشاعر حقيقية طلعت من الأسئلة اللي جاوب عليها المشاهير".
حرص هيمن على أن تبدو الصورة طبيعية تمامًا، طلب بشكل ودي من الفنانين "إن الألوان تكون هادية أو غامقة ولو في مكياج يبقى بسيط"، فيما كان يبث الراحة في نفوس كل شخص قبل التقاط الصورة "إن جسمه يبقى مرتاح تمامًا، وإن أقوى حاجة بتتكلم في الصورة هي العينين، حتى الفنانين اللي قفلوا عينهم، كان مشهد بيحكي عن حاجة بتحسها مجرد ما تشوف الصورة".

اقترب هيمن وريم من الحلم الذي ذهبا من أجله إلى مهرجان الجونة "إننا نبيّن المشاهير على طبيعتهم، إن عندهم حاجات بيحبوها وحاجات بيتضايقوا منها، وإن بالتأكيد حياتهم مش زي كل الصور اللي بتطلع الجانب اللي بيلمع في حياتهم وبس".
غمرت المحبة هيمن وريم حينما وجدوا ردود الفعل من قِبل المتابعين، إشادة وانتشار كبير للصور على منصات التواصل الاجتماعي بينما كان للفنانين رد الفعل ذاته " كنت مبسوط لأن كذا حد قالي إنه قربت من نفسي قوي في الأوضة دي".

ذلك ما شعر به الممثل محمد فراج، حين أخذ يُلقي الثنائي الأسئلة عليه؛ انفلتت الدموع بعفوية من عينه "وقفت تصوير وبصيتله قالي كمّل، مكنش عنده مكسوف إنه يتصور وهو بيعيط، بالعكس قالي إنها من أهم الصور اللي اتصورتله في حياته، لأنها بتعبّر عنه، عن فراج، وعشان كدة هي أثرت ووصلت لمشاعر الناس". يقول المصور الشاب.
شغف تملّك نفس هيمن في تجربة التصوير الشخصي "بورتريه" خاضها منذ ترك العمل كمصور صحفي قبل سنوات، جاب العالم، وثقت عدسته ملامح مختلفة، غير أن طريقة ثابتة يتبعها مع الجميع "بحب اتكلم معاهم قبل ما أصور، احترام وثقة متبادلة بينا، سواء فنان أو مسئول أو أيًا كان اللي هيقف قدام كاميرتي".

من خمس دقائق إلى نصف ساعة تأرجحت المدة التي يمضيها الفنان داخل استوديو بيت الصورة في مهرجان الجونة، لكن الممثل العالمي أوين ويلسون استغرق دقيقتين فقط "مكنش عنده وقت كبير وجدوله كان ضيق، فكان أسرع واحد صورته" في حين مكث المخرج الحائز على الأوسكار بول هاغيس في المكان خمس دقائق فقط.



مشاهد عديدة انطبعت في نفس هيمن وريم خلال تجربتهما سويًا في المهرجان، يحكي المصور الشاب عن تأثره بعدما انتهى من تصوير المخرج الكبير داوود عبد السيد وإذ بادر المصور الشاب باطلاعه على ما التقطه "مرضاش يشوف الصور، قالي مادام وافقت إنك تصورني يبقى أنا واثق فيك واللي يعجبك وهتختاره هيعجبني، أنا واثق فيك". يقول هيمن "رغم إن مفيش أي معرفة سابقة ما بينا".

لم تخلُ تجربة بيت الصورة من المواقف الطريفة، إذ تواجدت الشخصية الكارتونية أبلة فاهيتا في المشروع المصور "أنا وهي صحاب، صورتها زمان قبل ما تظهر في التلفزيون، وهي كانت مرحبة بالموضوع وكانت مرتاحة في التصوير وحاضنة نفسها ومغمضة عينيها ومرتاحة"، يسرد هيمن بينما يضحك.

كما أثرت التجربة في الفنانين، كان لهيمن وريم نصيبًا من ذلك، تجربة جديدة يخوضها الشريكان معًا فتُثري رحلتهما في عالم التصوير، تمنحهم شغف أكبر تجاه المجال الذي أسر قلبهما "اتبسطنا إن الصور وصلت لأعمار مختلفة لأن التصوير بيوصل وبيقرب، وإن شخص يكون بيحب فنان بس أول مرة يشوفله صورة مختلفة دي شيء مهم عندي"، فيما يُدرك بأن "صور الريد كاربت مهمة والمشروع مش غرضه التقليل منها، لكن أنا وريم حبينا نعمل حاجة شبه شخصيتنا إحنا".