بالصور- ترويض الطيور الجارحة في مصر.. الصقور تطير في المنازل والصحراء
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
-
عرض 15 صورة
كتبت- شروق غنيم:
تصوير-كريم أحمد وفريد قطب:
على مدار يومين في صحراء برج العرب؛ تجمّع العشرات من أماكن مختلفة، يحتفون باليوم العالمي للصقارة الموافق السادس عشر من نوفمبر. لكلٍ حكايته الخاصة؛ من داوى جريح ثم استضافه في منزله، ومن تسلل حُبه لهم إلى أبنائه الصِغار، أو من اقتطع من وجباته الخاصة من أجل صقره "أصالة"، أو حتى من قرر أن يبات الصقر الجديد معه في غرفته حتى يكسر شعوره بالغربة في المكان.
للعام الثالث على التوالي؛ تنظم الفعالية، الصحراء وِجهتهم، فيما يُصبح الصقر بأنواعه المتعددة رفيق كل هاوي. قبل ذلك كان سيد السيد، عضو فريق القناص المصري، مُحبًا للطائر الجارح، غير أن شعوره اختلف تمامًا حينما وجد من يهتم بالأمر ذاته، حتى أصبح هُناك نادي باسم الصقّار المصري يجمعهم سويًا.
في النسخة الثالثة للاحتفال باليوم العالمي للصقارة، والتي أقيمت من السادس عشر إلى السابع عشر من نوفمبر الجاري، شارك أربعة فرق مهتمة بتربية الجوارح وتربيتها والاعتناء بها؛ نادي الجوارح المصري، الصقار المصري، الفريق الوكري، القناص المصري، وأكثر من 30 طائر جارح، كانو يجوبون سماء برج العرب بُحرية.
يحكي السيد أن الفريق الخاص به لديه لجنة لإنقاذ وإعادة تأهيل أي طائر به إصابات ويحتاج إلى رعاية طبية رعاية "وبنأهّله نفسيًا، وبعدين يتم إطلاقه في نهاية الموسم عشان يكمل دورة حياته الطبيعية". رغم العدد المهتم بالصقّارة إلا أنها "مش مقننة في مصر، وبسعى إن ده يحصل زي ما تّم مع دول عربية زي الإمارات، واعتمدو الصقّارة في اليونسكو إنه تراث عربي".
لم يخلُ منزل أحمد زكريا يومًا من وجود حيوانًا في منزله؛ اعتاد على ذلك بسبب مهنة والده كمهندس زراعي "من وأنا صغير متعود يبقى عندنا قنفد أو قطط أو سلحفاة". غرس والده في قلبه حُب الحيوانات والطيور بأنواعها الشتّى، صار الأمر أقرب إلى هوس بالنسبة للرجل الأربعيني "جبت مرة تمساح البيت".
لا يغيب عن ذاكرة الرجل الأربعيني، حين دلف المنزل وعلى يده يتكئ عِقاب -نوع من الصقور كبير الحجم، اعتادت أسرته على ذلك، لكن زوجته دُهشت حين اصحطبه إلى غرفتهما الخاصة لكي يبيت ذاك اليوم برفقتهما "عشان ابدأ أعوده عليا".
أسماه "ماجي" تيمنًا باسم زوجته، علّ الضيف الجديد ينال حُبها "هي مبتحبش الحيوانات قوي، لكن بتتعود عليها بسببي". ترويض الطير الجارح يمر على مراحل أهمها ما يسمى التدهيل "عشان تتكسر وحشيته، ويبقى ليّن معانا في المعاملة".
في المقابلة الأولى للصقر "بيكون مرعوب، لأول مرة يقرّب لبني آدم"، يسرد السيد كيفية عملية التدهيل، إذ يتخذ صاحب الطائر الجارح خطوات عدة لكي يقترب أكثر من روحه، ليعاد عليه ولا يهابه. تبدأ بوضع برقع على عينيه كي يهدأ روعه "وبعدين بأكله في ميعاد معين ويكون له اسم خاص به أو صفارة مثلًا، بكررها عشان يتعود إنها مرتبطة بالأكل"، فيما يأتي بعد ذلك أهم خطوة "إن طول الوقت نبقى بنملّس على ريشه عشان يحس بالأمان تجاهنا".
كذلك يحكي السيد أنهم يدربون الطير الجارح على كيفية الصيد برفقة بعضهما، يدربه في منزله بطرق معينة حتى تمسي عملية الصيد مرتبطة بصحابه "لما يصطاد الفريسة ميكلش منها إلا لمّا أنا اللي أدبحهاله وأكله بنفسي".
في نجع بويادم حيث تجري فعاليات المسابقة، دّبت الحركة في المكان، كُسر صمت الصحراء بالوافدين من محافظات شتّى، بينما شعر السكان الأصليين للمكان بالسعادة، لأن هناك من على بعد أميال عدة، أناس يتقاسمون معهم هوايتهم المفضلة حتى وإن قابلوهم مرّة واحدة من كل عام.
هام الأطفال بلباسهم البدوي في الصحراء الفسيحة، التقطوا كرة قدم من أصحاب الفعالية وأخذت تركلها أقدامهم، يرفعون جلابيبهم حتى تصبح حركتهم أسرع، بينما على الجانب الآخر تسابق الصقور الرياح لتصل إلى فريستها.
يزداد وقع الحركة حين تحّل فعالية "الهدد"، يتحلّق جميع المشاركون في دوائر، يتوجه أرباب العقاب، ترفع البراقع عن أعينهم، انتظارًا لاختبار قدراتهم على الصيد. يقبض صاحب الطائر الجارح على فريسته المفضلة "العقاب بيحب الأرانب"، يفلته من بين يديه فيجري بكل ما أوتي من قوة في البرية، بينما يحلق العقاب من أجل اصطياده.
في الحدث تتعالى الأصوات، كل ينادي على طائره الجارح باسم خاص، فيما يبرز من بينهما صوت يشي بصغر عمره ينادي "شيكا"، إذ يعود إلى حازم عبدالله، صاحب الأربعة عشر عامًا.
قبل سنوات قليلة، أغوت الهواية نفس الأب عبدالله النزهي، تملّكه شغف إزاي الطيور الجارحة حين حضر فعالية العام الماضي كمصورٍ هاوٍ. غادر المكان وفي نفسه رغبة في اقتناء صقر، اصطحب ابناؤه في فعاليات مختلفة "حابب يشوفوا ده من وهما صغيرين، أنا قضيت 38 سنة من حياتي معرفش حاجة عن الموضوع".ذات مرة وجد صقرًا جريحًا ملقى على أعتاب شرفة صديقه، سارع به إلى منزله لتطبيبه، وما إن أفاق حتى أطلق عليه اسم "شيكا" وبات صديقًا لأبنائه الصغار، غير أنه لم يصمد طويلًا حتى مات "اشترينا بعدها واحد جديد وسميناه بنفس الاسم" تخليدًا للصقر الراحل.
كان "شيكا" على موعد مع عدد من الفعاليات المختلفة داخل الحدث، تبدأ بالدعوة، وهي وضع الصقر على الدّس-القفاز- ثم يقف صاحبه من على بعد أمتار يناديه باسمه أو الصفارة، ثم يطير تجاهه ليستقر على يده يأكل الطعام "دي بتبقى أحلى لحظة، بنحس إننا صحاب خلاص وهو مآمن لي".
في مدرسة أبناء النزهي، انتابتهم الدهشة "عندك صقر في البيت؟". غير أن تلك الحالة كُسِرت من خلال حكايات الأب الثلاثيني عن الأمر، توعية الأطفال بماهية الطيور الجارحة، فيما أخذ "شيكا" معه خلال رحلة مدرسية لأبنائه، وعلى أعتاب المدرسة حلّق حوله الطلاب من أجل التقاط صورة مع الصقر.
بين جميع الرجال الحاضرين، تبرز من بينهم أمنيه فوزي، في ثاني أيام الفعالية، تحمل على يديها طائر جارح من فصيلة الإناث، تُهدهده، وتترك يديها تتحرك عليه برفق، تتذكر حين رأته أول مرة قبل عام وفزعت منه "مرتبط في دماغنا بإنه مفترس"، غير أن النوع الذي تعاملت معه كان من فصيلة "الشيرياص"، وهو صغير الحجم وسهل ترويضه.
لم يكن لدى أمنية أي اهتمام بالطيور الجارحة، لم تقتنِ حتى أي حيوان من أي نوع داخل منزلها، لكنها تعرفت على ذاك النوع من التربية من خلال صديقها محمد، الذي وقع في غرام الصقور، واشترى أكثر من نوع على مدار عام ونص حتى بات معه أكبرهم حجمًا العقاب.
في كل مرة يشتري محمد نوعًا جديدًا من الصقور يتوّحد معه، يشعر بشئ ما من الطائر الجارح يتسلل إلى نفسه، شئ طيب وليس قاسي كما يظن من يراه هو وصديقته "بيتقالنا إنتو أشرار أو قلبكو ميّت"، لكن الشاب الثلاثيني شعر بالحرية في كل مرة يصاحب طائر جديد، غير أنه وجد شيئًا ساحرًا في الأمر "بقيت أحس إنه شبهي في الشكل، حتى أعرف ناس لما بشوف صورته ع الصقر بحسهم شبه بعض، حتى في الوقفة وهما بيتصوروا."
لم تكن أمنية الأولى كفتاة داخل الحدث، سبقتها مجموعة من الفتيات الصغار في أول أيام الفعالية، كانت الفتيات مأخوذة بشكل المكان، لأول مرة تُصبح رحلتهم داخل الصحراء، فيما يبصرون الصقور التي يرونها مطبوعة في كتبهم المدرسية، لكن هذه المرة يستطعن الاقتراب منهم، ومصادقتهم.
من بينهن كانت فريدة السيد، لم يكن مشهد الصقور غريبًا عليها، بدأ والدها في اقتناؤهم عام 2016، غير أن تواجد عدد كبير من الطيور الجارحة المصطفة فضلًا عن مكان الحدث، أخذ انتباه صاحبة العشرة أعوام، سعدت بفطرتها لأنها رأت "أصحاب للصقر اللي في البيت"، وباتت "الخروجة" لها وللصقر الخاص بهما.
في الفعالية يتنقّل البدو، يطمئنون على الصقور المتراصة، يسهبون في الحديث عنه، عن بيئته الطبيعية، يمنحون النصائح لمن يحتاج، فيما يعتبرون الصقور وأصحابها ضيوفًا واجب إكرامهم، فلا يبرحون مكانهم هم وأطفالهم خلال الحدث "إحنا بنستناه كل سنة، بنتونس بوجود الناس دي".
لكل طائر جارح داخل المسابقة حكاية، كذلك صاحبه، لا ينسى مصطفى ماندو حين توقف عن العمل قبل أشهر "ومكنش معايا فلوس أجيب أكل لأصالة"، فلم يجد بُدًا من أن تتقاسمه وجبة غذاؤه "قولت لماما تسيب الجزء بتاعي نّي عشانها"، يتذكر ارتباطه بأصالة إلى الدرجة التي لم يستطع النوم حين باغتها المرض "فضلت سهران أديلها دواء لحد ما تاني يوم فاقت شوية وبقت أحسن".
بالنسبة للسيد، عضو نادي القناص المصري، والذي لديه لجنة للاعتناء بالصقور المريض فإن مسألة الأدوية صعبة بعض الشئ "مفيش هنا في مصر أدوسة للصقور وكمان الدكاترة البيطرية المتخصصة في ده مش موجودة هنا"، فيقرر بدلًا عن ذلك اليحث عن علاج يداوي المرض الذي يداهم الصقر "أحيانًا بيكون بشري أو بطري".
مع انتهاء المسابقة لملم المتسابقون أغراضهم، نزعوا الخيم المنصوبة، اطمئنو على طيورهم بينما يحمد السيد أنه لم يضيع أحد منهما، يتذكر المسابقة في نسختها العام الماضي حين اشتدت درجة الرياح فضاع اثنين من الصقور دون عودة "كنا بنعمل فعالية الهدد، لما جه دوري طيرت الصقر بتاعي ورا الفريسة، من شدة الرياح طار بعيد بس جابها، اضطريت ساعتها أجري كيلو عشان أروحله أديحاله ويبدأ ياكل".
ارتبط هواة الصقّارة بعلاقة نفسية مع طيورهم الجارحة، رغم الانتقادات اللاذعة التي يتلقونها من دوائرهم المقربة "بيتقالنا إنتو مجانين"، غير أن بأحمد زكريا حيلة في ذلك، لا يذهب إلى عمله دون "ماجي"، يضعها داخل مكتبه الخاص "كسرت خوف الموظفين عندي تجاهها، بقوا يدخلو يتصوروا معاها وحبوها"، فيما ينسى ماندو الانتقادات الموجهة له "لمّا أرجع البيت وأول ما تشوفني تفرد أصالة جناحها وتبدأ تزقزق"، فيما يتمنى جميع الحاضرون أن تصل فكرتهم إلى الناس "دي هواية من التراث العربي، وكل شخص له اهتماماته مينفعش نقلل منها."
فيديو قد يعجبك: