إنها حقًا عائلة سعيدة.. أميرة وعمرو قررا الاكتفاء بـ"آدم"
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتبت-رنا الجميعي:
تصوير- شروق غنيم:
في إحدى الشوارع الجانبية بمنطقة المطرية، داخل منزل أميرة أحمد راحت تنظر إلى الغرفة المخصصة للأطفال والتي تحتوي على سريرين، تذكرت كيف كانت تعتقد قبل الزواج أنها ستملأ المنزل عن آخره بالأبناء؟، غير أنها رفعت نظرها لطفلها آدم ذو الستة أعوام الذي يقفز من سرير لآخر، ليملأ عيناها نظرة رضا تجاه القرار التي اتخذته برفقة شريك حياتها، عمرو مغاوري، وهو الاكتفاء بطفل وحيد.
جاء عمرو وأميرة من أسر مصرية متوسطة العدد، لدى الشابين شقيقين آخرين، غير أنهما رأيا كيف استُهلكت والدتيهما جسديًا ونفسيًا "مكنتش حابب إن دا يحصل مع مراتي كمان"، يقول عمرو، كما أن أميرة كانت ترى أن والدتها لم تعطها الاهتمام الكافي بفعل تعدد الأبناء، لكن حتى تلك الأفكار المسبقة لم تؤثر على أحلام أميرة قبل الزواج "كنت عايزة أخلف تلاتة ولا أربعة".
لكن مع مجيئ آدم تغيّرت أفكارها، أنجبت أميرة في عُمر العشرين عام، وخلال الشهور الأولى من وجود صغيرها "لقيت نفسي أدام شئ مش عارفة أتعامل معاه إزاي"،أيقنت الشابة أنها بحاجة لإدراك أسلوب للتربية "مع الوقت عرفت إن الطفل محتاج صحة ومجهود، ومش بربي بني آدم عشان يطلع يعقّد ناس تانية.. أنا هتحاسب أدام ربنا على سعيي كأم"، هنا بدأت تُفكر جديًا برفقة شريك حياتها في الاكتفاء بطفل واحد.
بعد تمام عامين من عُمر آدم، بدأ الأهل في السؤال عن احتمالية الإنجاب مرة ثانية، تتذّكر أميرة ذلك ضاحكة "أي أهل بينتظر الأم تفطم ابنها ويبدأوا في السؤال، عشان المتعارف عليه في المجتمع المصري إن كل ابن يبقى بينه وبين أخوه تلات سنين"، حينها وجد الزوجان أنفسهما أمام سؤال حقيقي وجاد "هل إحنا عايزين نخلف تاني ولا لأ؟".
مع الوقت أدركت أميرة أن آدم بحاجة إلى وقت ومجهود كبير "محدش بيقولي ده لما بتجوز طبعًا، بالعكس بيتقالي خلفي تاني وتالت، عشان العيل بييجي برزقه"، كما أن عمرو يقضي 12 ساعة خارج المنزل، حيث يعمل في منطقة السادس من أكتوبر، شعر الشاب أن ضغط العمل لن يسعه قضاء مزيدا من الوقت مع أكثر من طفل واحد، خاصة مع إيقاع الحياة السريع "عشان كدا حبيت إن لو فيه ساعة واحدة بس في وقتي، تبقى لآدم، متبقاش متقسمة على اتنين"، علاوة على الأسعار الجنونية لكل شئ من احتياجات طفله، أراد عمرو تلبيتها كلها، دون تقصير منه في شئ.
في البداية كانت حُجّة أميرة وعمرو بانشغال الزوجة في الدراسة، حيث ما إن انتهت من التخرج من كلية آداب، حتى دفعتها تربية آدم لدراسة منهج المنتسوري، وأسلوب التربية الإيجابية، لكن الزمن لم يُمكنّهما من الاستمرار في تلك الحُجة كثيرًا، أنهت الشابة الدراسة بعد 3 سنوات، وبات عليهما البحث عن حُجّة جديدة، فأصبح الرد بعبارة مكررة "ربنا يسهل إن شاء الله".
مع وصول عُمر آدم لثلاث سنوات، اتفق الزوجان على الاكتفاء به فقط، وجدا أن ذلك أنسب قرار للتمكن من تربية آدم بأفضل شكل ممكن، تقول أميرة إنه لم يكن هناك خلافات بينهما حول قرارهما ذلك، كما حاولا التأكد على أن الاكتفاء بطفل ليس به شُبهة حُرمانية، استفتيا شيوخ الدين " قالوا إن المنع بعمليات زي ناس تشيل المبيض أو الرحم، دا اللي حرام، بس أي حاجة تانية كنوع من التأجيل، ربنا لما يريد إننا نخلف هيبقى مش بإيدينا حاجة".
حين سأم الأهل من ناحية الأب أو الأم من السؤال، بدأوا في استعطاف آدم، حيث تسأله إحدى جداته "ايه يا آدم مش في نفسك في أخ تاني؟"، غير أن الصغير يرد بكل تلقائية "لا يا تيتة، أنا عايز قطة"، تلك الإجابة التي يسمعها عمرو أو أميرة خارجة من فمه تُريحهما قليلًا، من شعور بالذنب يُراوحهما أحيانًا "أوقات بنفكر إنه هيفضل عايش لوحده من غير أخ".
يحاول الأبوين تعويض صغيرهما بكل الطرق الممكنة، تُخصص أميرة معظم وقتها لآدم، سواء داخل المنزل أو خارجه، حيث تجمعه بصديقاتها اللاتي لديهن نفس أفكارها الخاصة بالتربية "بنقابلهم بشكل مستمر، بسيبه مع الولاد اللي في نفس سنه يتخانقوا ويتصالحوا مع نفسهم، عشان آدم يقدر يتعلم مهارات اجتماعية جديدة"، ومن جانب عمرو يُحاول جاهدًا قضاء وقته المتبقي بعد عمله برفقة آدم "بنتعامل إن إحنا صُحاب ونلعب سوا".
من ضمن ما اتفق عليه الزوجان هو اتباع أسلوب التربية الإيجابية التي درسته أميرة، ترى الشابة أن مُحيط المدرسة غير مساعد في تنشئة طفلها اجتماعيًا، لذا تُبقيه أطول مدة ممكنة داخل البيت، تُخطط أوقاته بنفسها "بنحاول منجيش عليه، ممكن نيجي على حاجة خاصة بيا أنا أو عمرو، بحيث إن آدم يشترك في كورس أو تمرين تاني".
على باب غُرفة آدم صور مُتناثرة تُشير لأوقات سعيدة قضيها الطفل برفقة أسرته، واحدة منها كان آدم يقف على كُرسي يغسل الأطباق "احنا هنا لينا نفس الحقوق والواجبات، ونفس درجة الاحترام"، الآن بلغ عمر آدم الخامسة ونصف، يقضي وقته بين المنزل ومساحات اجتماعية كالعائلة ومحيط أصدقاء أميرة وعمرو، حيث يُحاول الزوجان إبعاده عن محيط المدرسة اللذان يريان أنه غير مُساعد على تنشئة آدم اجتماعيًا "ممكن نشوف بعد كدا مدرسة تجريبي تكون بتقبل من سن سبعة".
إلى الآن مازال الزوجان يتحايلا على الإجابة على سؤال "هتخلفوا تاني امتى"، وتحديدًا في محيط أهلهما، لكن بين الأصدقاء يتمكّن الزوجان من قول رأيها، حتى وإن بدا بعض الاستغراب على الوجوه "بيقولولي متخافش من الرزق"، فيُوضّح لهم عمرو وجهة نظره قائلًا "أنا مش خايف من الرزق، ربنا يعلم إن قبل ما ييجي آدم بشهور كنت سبت شغل، وبعدها ربنا كرمني بشغل أحسن بكتير".
أحيانًا تمرّ أوقات تشعر فيها أميرة تحديدًا بالتردد والخوف، تُفسّر ضاحكة "عاطفة الأمومة بقى"، حينها يُهدأ من روعها عمرو، هو الزوج هادئ الطباع الذي يتحدث بالمنطق، يُذكّرها بما اتفقا عليه سويًا، كذلك يُسئ عمرو ما يراه خلال تجمعات الأقارب، حيث يأتي إليه آدم أحيانًا ليسأله عن السبب الذي يجعله يلعب وحيدًا في المنزل "لما بيشوف ولاد أعمامه اتنين وتلاتة بيلعبوا سوا". يُحاول الوالدان طيلة الوقت ضمان ألا يشعر صغيرهما بالوحدة "بنحاول نعوض النقص ده"، فيُكرسّان كل الأوقات الممكنة في صُحبة آدم.
فيديو قد يعجبك: