لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من باريس.. كيف عايش مغتربون مصريون "انتفاضة السترات الصفراء"؟

04:54 م الأحد 09 ديسمبر 2018

احتجاجات فرنسا

كتبت - نانيس البيلي:

صباح أمس؛ كان الشاب المصري "أحمد عبد العزيز" في طريقه إلى مقر عمله بإحدى ضواحي باريس، التي تشهد احتجاجات متصاعدة من أصحاب "السترات الصفراء".

استقل صاحب الـ30 ربيعًا، القطار المحلي بالمدينة، وبعدها قصد محطة المترو: "لقيتها مقفولة، فرجعت تاني وخدت طريق أطول عشان أوصل مكان شغلي"، وهو ما تسبب في تأخير تجاوز الساعة؛ لكن في العمل "كان معايا مبرر لأنهم عارفين بالمظاهرات قبلها وتوقعنا ده".

1

وشهدت باريس، أمس السبت احتجاجات واسعة النطاق لـ"السترات الصفراء" تنديداً بارتفاع الضرائب وتراجع القدرة الشرائية، شارك فيها حوالي 136 ألف شخص، بحسب وزارة الداخلية الفرنسية، وتخللتها صدامات عنيفة وأحداث شغب وحرائق.

وأغلقت قوات الشرطة، أمس 20 محطة مترو لمنع وصول المحتجين إلى أماكن التجمع، يقول أحمد: "قفلوا بعض المحطات في مترو واحد، ومترو 9 بالكامل، ومحطة قطار RER A"، والشرطة فتشت الجميع في المداخل المؤدية للشانزيلزيه وأماكن التظاهرات عشان يضمنوا إن مفيش حد معه آلة حادة أو حاجات ممنوعة". هذه الإجراءات أدت بحسب "أحمد" إلى غلق خطوط مترو بأكملها وتوقف مواصلات عامة أخرى، وزيادة الزحام المروري بشوارع العاصمة باريس.

2

غَضب كبير شعر به "أحمد" - الذي يعيش بفرنسا منذ 10 سنوات - عندما أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون قبل أسابيع عدة قرارات تتعلق بالسياسة الضريبية والاجتماعية الجديدة منها رفع ضريبة الوقود والضرائب، "الزيادة هتأثر عليا في أسعار السلع لأن كل حاجة بتزيد مع زيادة الوقود زي ما حصل في مصر"، فيما يؤيد - الأب لطفل - التظاهرات "صراحة أنا مبسوط لأن الغلاء على الكل فرنسي وأجنبي، وهما بيطالبوا بحاجات ليا وليهم".

وأعلنت السلطات الفرنسية توقيف 1723 شخصاً في جميع أنحاء فرنسا خلال تظاهرات السبت. فيما تم نشر 89 ألف شرطي وعنصر درك وآليات مصفحة لتفكيك الحواجز في جميع أنحاء فرنسا.

3

ضرر كبير سيصيب المغتربون حال تطبيق تلك القرارات الاقتصادية؛ غير أنها غير كارثية بالشكل الذي يدفع أحمد للمشاركة بالتظاهرات: "طالما مفيش فيها عداء للأجانب ومطالبة بترحيلهم تبقى مش مهمة أوي، يعني فرنسا مش زي اليمين المتطرف في حكومة إيطاليا اللي بيعادي الأجانب وعاوز يرحلهم أو دول الخليج اللي بدأت تفَنّش الوافدين"، لذلك يقول إنه مع عدم الزيادة وخفض الضرائب لكنه يرفض المطالبات بإجراء استفتاء ورحيل ماكرون "لأن ده هيخلي حزب لوبان يظهر على الساحة، وده عنصري ضد الأجانب".

منذ اندلاع التظاهرات قبل نحو شهر؛ تغيرت حياة "أحمد" - الذي يعمل في المجال المعماري -، أصبح يكيف ظروفه لتجنب مناطق الاحتجاجات قدر إمكانه "الخروج في باريس حاليا للضرورة بس، ولغيت أي مشوار بعد الشغل، وبحاول أتجنب مناطق المظاهرات في المواصلات عشان أبعد عن الزحمة والمشاكل والتفتيش"؛ وبالنسبة لما ستؤول إليه الأمور يستبعد الشاب المصري رحيل ماكرون أو تراجعه عن زيادة الرواتب وخفض الضريبة "فرنسا معروفة بالضرايب العالية".

وأمام ضغط الاحتجاجات، اضطر الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته إلى تقديم تنازلات بإلغاء زيادة ضريبة الوقود، غير أن الحركة الاحتجاجية تطالب بتنازلات أكثر بما في ذلك خفض الضرائب وزيادة الرواتب وخفض تكاليف الطاقة وحتى استقالة ماكرون.

4

مشادات بالمترو

شاب يرتدي سترة صفراء (زي المحتجين) ذو بشرة سمراء، يجلس داخل القطار المتجه إلى باريس، بعدها يتجه إليه رجل فرنسي بالحديث "انتوا ليه بتعملوا كده؟ ليه بتخربوا وبتعملوا شغب؟"؛ قبل أن ينهال عليه الشاب الأسمر بالسباب والشتائم والألفاظ.. كان ذلك المشهد هو ما حدث أمام الشاب المصري "كريم مجدي" خلال عودته من عمله في ضاحية باريزو إلى مسكنه في باريس؛ فيما يقول إن من تدخل من الركاب للفصل بين الشاب والرجل طاله هجوم الشاب المتظاهر.

كان الرئيس إيمانويل ماكرون كسر صمته بتغريدة على تويتر، اليوم الأحد، أشاد فيها بقوات الشرطة في أول تعليق له على الأزمة؛ وقال: "إلى جميع قوى النظام المعبأة اليوم، أشكركم على الشجاعة والمهنية الاستثنائية التي أظهرتموها".

5

حذر

أوضاع صعبة عاشها، أمس، المقيمون في فرنسا ومن بينهم المصريين، حسب ما يقول لمصراوي "عبد الحميد نقريش" أمين عام اتحاد الجالية المصرية في فرنسا، حيث توقفت المواصلات والقطارات بين المحافظات والمدن الكبرى وأغلقت المحال التجارية، وأحرقت سيارات في الشوارع؛ لذلك لم يذهب الكثير إلى عملهم بسبب التظاهرات التي اجتاحت شوارع باريس "فرنسا عاشت حالة من الشلل الكامل".

ونصح مسؤولو الجاليات المصرية المقيمين بفرنسا بالابتعاد عن مناطق الكر والفر بين الشرطة والمتظاهرين حفظًا على سلامتهم، بحسب ما يقول محمد الحوفي، رئيس الجالية المصرية في مارسيليا بجنوب فرنسا "عشنا الأحداث أمس بحذر شديد".

وأغلقت السلطات، أمس، برج إيفل ومتحفي اللوفر وأورسي ومركز بومبيدو والمتاجر الكبرى ومسرح الأوبرا، وألغيت عدد من مباريات كرة القدم. وقام أصحاب المتاجر بحماية واجهات محلاتهم. وأوصت سفارات عدد من الدول رعاياها بالتزام الحذر عند تنقلهم داخل العاصمة أو إرجاء سفرهم.

يعمل "كريم" - الذي تجاوز الـ30 من عمره - في إحدى المهن الحرة، يستغرق ساعتين للوصول إلى مكان عمله؛ يستقل خلالها المواصلات العامة كالقطار والمترو والترام، لذلك مسّته القرارات خاصة ما تتعلق بأسعار المحروقات والأجور والرواتب وقانون العمل "القرارات أثارت غضب ناس كتير سواء مواطنين أو وافدين".

6

يؤيد كريم حق المتظاهرين في الاحتجاج طالما كان في نطاق حرية التعبير عن الرأي، لكنه يرفض ما حدث خلال احتجاجات، أمس، من تسلل لصوص بغرض السرقة وتكسير المحلات لسرقتها "كان في ناس ملهاش علاقة بالمظاهرات ودي شغلتها تعمل شغب وعنف"، فيما يقول "أحمد" إن انتشار الأمن سيطر على الأحداث بعض الشيء "الشرطة كانت بتوقف أي حد بتشتبه فيه وده منع حاجات كتير".

وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير إن "الأسابيع الثلاثة الأخيرة شهدت ولادة وحش خرج عن سيطرة مبتكريه"، في إشارة إلى حركة "السترات الصفراء" التي بدأها فرنسيون من الطبقات المتواضعة تنديداً بسياسة الحكومة الضريبية والاجتماعية، لكن باتت ترفع فيها شتى المطالب والاحتجاجات وآخر المنضمين إليها طلاب المدارس الثانوية.

وبحسب "كريم" - الذي يعيش بفرنسا منذ 5 سنوات – فإن الحياة كانت شبه متوقفة في مناطق الاشتباكات "مكانش حد يعرف يعدي منها لأن كل المواصلات قافلينها"، وفيما عدا مناطق الاحتجاجات كالشانزليزيه وشارل ديجول وباستيل وچورچ سانك وفرانكلين د.روزفلت؛ كانت الأمور تسير بصورة طبيعية، فهو يشبه البلدة الأوربية "فرنسا كانت متقسمة لبلدين إمبارح، كان فيه وجهين مختلفين تماما في فرنسا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان