إعلان

مؤسسة تُعلّم الأطفال المكفوفين وأمهاتهم.. النور مكانه في "صناع مستقبل مصر"

08:55 م الأحد 18 فبراير 2018

كتبت-شروق غنيم ودعاء الفولي:

تصوير-جلال المسري:

كان حلم شهد سيد دائما تعلم القرآن الكريم، لذا حين سمعت الفتاة الكفيفة عن مؤسسة قريبة من المنزل تُقدم خدمات تعليمية للأطفال ذهبت بصحبة أمها؛ استقبلها آل الجمعية بالترحاب، على أن تجلس في فصل يضم أطفال مُبصرين، لكن والدتها اقترحت على صاحبة الجمعية إحضار بعض أصدقاء الفتاة ممن هم مثلها وتدشين مجموعة خاصة بهم. بدأت الفكرة بسيطة، ثم أصبح المكان قِبلة حوالي 35 طفل كفيف، يتعلمون داخله المواد الدراسية، ويتدربون على المهارات الحياتية.

قبل رمضان الماضي فتحت "صناع مستقبل مصر" أبوابها للأطفال المكفوفين، بعدما كانت متاحة للحالات الأخرى "كنا متخوفين من الموضوع ده في الأول بس استعنّا بمتخصصين" حسبما تقول شيرين عبدالقادر، رئيس الجمعية. 

1

فوز ابنها ببطولة في لعبة التايكوندو منذ خمس سنوات، كان نواة إنشاء المؤسسة بيد الأستاذة ورئيس القسم بمعهد البحوث والإلكترونيات. في البدء درّب نجلها أطفال الحي على الرياضة لكنها اكتشفت أنهم لا يتعلمون بسبب أحوالهم الاقتصادية، فجاء دور "صناع مستقبل مصر".

2

لم يكن الطريق ممهدا لإنشاء المؤسسة، خاصة أن شيرين كانت تخوض أولى تجاربها في ذلك المجال، لكن ما أن تيسرت الظروف حتى فتحت الأبواب أمام أبناء منطقة فيصل والهرم لتعليم الصغار وكفالة الأسرة.

هناك استراتيجية واضحة لمديرة الجمعية "الكفالة مش بس مساعدة مادية للأسرة"، صنعت مع الأهالي علاقات ودية فباتوا عائلة كبيرة تساند بعضها بعضا "لو محتاجين مشورة، علاج، أو طرق لتربية الولاد صح".

تعليم الأولاد أحد أهداف الجمعية الأساسية أيضا، يستقبل المعلمون الطلاب حتى المرحلة الابتدائية على مدار يومين في الأسبوع، والأمر نفسه مع المكفوفين حتى المرحلة الثانوية.

حين وافقت مديرة الجمعية على اقتراح والدة شهد، لم تكذب الأخيرة خبرا "جبت لها تقريبا 30 اسم" حسب قول الأم. طافت على أمهات أصدقاء ابنتها في مدرسة النور للمكفوفين "كان أهم حاجة بالنسبة لنا يبقوا قريبين من الجمعية عشان ميتعبوش في المواصلات"، وجدت السيدة أخريات رحبوا بالفكرة، صار المكان عامرا بالصغار والأمهات.

4

كان حُلم شهد صاحبة الـ11 عاما بسيطا، ومع الوقت "اتعلمت كتير جوة المؤسسة.. عندنا مزيكا ورياضة كمان". بات لديها مادة دراسية مُفضلة، وهي اللغة الإنجليزية "عشان بحب ميس هالة اللي بتديهالي"، تتمنّى الطالبة أن تُصبح مُدرسة لنفس اللغة، تضحك قائلة "بجيب انا واختي العرايس نرصّها جنب بعض ونعمل كأننا مدرسين".

5

من الثالثة عصرا وحتى السابعة تنتظر الأمهات أبنائهم لحين انتهاء الدروس، لذلك أرادت شيرين استغلال تلك الفترة لإدماجهن في العملية التعليمية، من خلال محو الأمية بعائد مادي لتحفيزهن "كنت شايفة إن تغيير الولاد لازم يكون من الجذور ويحصل تغيير في الأسرة كلها".

6

لاقت الفكرة ترحابا، وصار التعليم خطوة أولى يليها إقامة مشاريع يدوية بسيطة مثل الخياطة وصناعة الخبز. كما تم تخصيص دورس لتعلم الإنجليزي والحاسب آلي لصغار السن من الأهالي، ليستطعن تقديم الأفضل للأبناء.

7

تخطّى المكان كونه مؤسسة خيرية؛ أصبح مجتمعا جديدا للأطفال وأهاليهم "الأمهات قالو لي إحنا حسينا إن في أمل فينا"، مع هذه العبارات تشعر صاحبة الشهادة في إدارة الأعمال والتنمية البشرية أنها حققت هدفها في منح حياة أفضل لتلك الأسر.

8

في رحلة شيرين مع "صناع مستقبل مصر" كانت هي أيضا تتعلم "يمكن الرؤية مكنتش واضحة من الأول بس بناء على احتياجات الناس بحسن من الأداء"، لذا أدركت احتياج الأطفال لتنمية مهاراتهم، لتيسير دمجهم في الحياة العادية، وذلك بدءً بالمهارات البسيطة وحتى ممارستهم لأشياء أخرى يفعلها المبصرون، كالرياضة.

منذ 3 شهور التحقت إيناس أبو الدهب بـ"صناع مستقبل مصر". تتخصص الشابة في تنمية مهارات التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، تحديدا المصابين بأكثر من إعاقة. 

9

عمل إيناس ليس يسير "مفيش برامج كتير في العالم لأصحاب أكتر من إعاقة واحدة"، تُحاول دمج عدة وتطويع أهدافها للأطفال المكفوفين، فيما لا تساعدها الأدوات، فخلال عملها مع ذوي الاحتياجات المبصرين تعتمد على أشكال مُلونة لجذب انتباههم "بس الأدوات دي مبتقومش بدورها مع المكفوفين"، ما يفرض على الشابة إدخال بعض التعديلات لتناسب أبناء الجمعية "يعني مثلا أخلي الولاد يلمسوها.. يحددوا بإيدهم شكل الدايرة والمربع".

10

تدرّس إيناس لعشرة أطفال من الجمعية؛ يجمعهم كف البصر وتُفرّقهم الإعاقات؛ بين التوحد، تأخر دراسي، وصعوبات في التعلم. تُركز أخصائية تنمية المهارات على التفاصيل الحياتية "أكتر شيء بيرهق الأهالي إن ابنهم ميبقاش عارف يساعد نفسه"، تبدأ بأشياء بسيطة "إزاي يغسل وشه أو يلبس هدومه"، ثم تنتقل لمهارات أكثر تعقيدا كاللغة والتواصل مع الآخرين.

11

أحيانا يصبح عمل إيناس مُزدوجا، تشرح للأمهات طبيعة عملها، تُعطيهم أوراقا مكتوب فيها خطوات الجلسة وما تم فيها "لو الأم ممشيتش على الخطوات كأني معملتش حاجة". رغم الصعوبات، تشعر الإخصائية بالانتصار "لما أحس إن طفل حالته مُعقدة اتعلم"، تتذكر فتاة مصابة بكف البصر، إعاقة في قدمها، وتأخر عقلي طفيف "عشان بس أخليها تقعد قدامي على الكرسي تتلقى الجلسة فضلت معاها ست شهور".

لا تزال أحلام شيرين كبيرة إزاء الأسر، يقف الدعم المادي سدا أمامها "قلة الفلوس مش بتخلينا نعمل كل اللي في نفسنا، والموظفين عندي شبه متطوعين حتى مبقدرش أديلهم مرتب كافي".

12

تحاول صاحبة المكان الحصول على مساعدات مختلفة "وللأسف الدعم المادي بيروح للجمعيات الكبيرة فقط"، واجهت مؤخرا مشكلة عدم وجود كتب مدرسية المكفوفين فحاولت شراء ماكينة طباعة برايل غير أنها لم تستطع بسبب ارتفاع سعرها "بس في حد تطوع واتبرع بيها للمؤسسة". توقن أن زيادة الميزانية سيفتح لها آفاقا أخرى "بدل ما أجيب الولاد يومين هجيبهم أكتر، هنقدر نروح أماكن أبعد من محيط منطقتنا نعلم فيها الولاد ونساعد أي أسرة تلجأ لنا".

صديقان في الدراسة والخير.. أحمد وعبد الرحمن كفيفان يعلمان الأطفال

"سوبر ماما".. أطفال مكفوفون يواجهون الظلام ببصيرة أمهاتهم

بالفيديو- فسحة طفولية في حديقة الأورمان.. "من حق الكفيف يتبسط"

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان