عودة "الوجبة المدرسية".. أحلام الأطفال على أبواب "الكانتين"
كتب- محمد زكريا:
في مارس 2017، تم إيقاف توزيع الوجبة الغذائية على جميع مدارس الجمهورية، إثر اشتباه في إصابة عدد من تلاميذ محافظة سوهاج بالتسمم، قبل أن تعود في الشهر نفسه لكن بعد عام كامل، إلى المدارس الابتدائية ورياض الأطفال، وسط وعود حكومية بتطبيق برنامج قومي يستهدف تنمية الأطفال وآمال لا تزال مُعلقة.
داخل مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، بحي المطرية في القاهرة، كان محمد الفولي ينتبه إلى حصصه الدراسية، قبل أن يحين موعد توزيع وجبة التغذية، انتظر الطالب بالصف الخامس الابتدائي دوره، لكن لم يأت، فرغت العلبة التي تحوي الفطيرة المحشوة بالعجوة، ولم يحصل هو على نصيبه.
في مكالمة هاتفية، لبرنامج هنا العاصمة، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي، ذكر الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن الموازنة العامة للدولة رٌصدت فيها مبلغ 983 مليون جنيه سنويًا للتغذية المدرسية.
لكن مليار جنيه ليست كافية لتحقيق هدف برنامج التغذية المدرسية في نظر زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور حازم الببلاوي.
والذي قال في مقاله "مرحبا بعودة الوجبة المدرسية.. ولكن «على قديمها»"، المنشور على صفحات جريدة الشروق، مضيفا إن "تطبيق البرنامج القومى للتغذية المدرسية يحتاج إلى عشرين ضعف هذا المبلغ على الأقل. وهو بالمناسبة ليس مبلغًا كبيرًا بالنسبة للعائد الصحي والاجتماعي الذى يجلبه".
كان خبرًا سعيدًا أن تعود الوجبة الغذائية إلى مدرسة "الفولي"، الذي اعتاد منذ شهور على الذهاب إلى حصصه اليومية دون اصطحاب أي غذاء من المنزل، بعد أن ضربت الجلطة جسد والده وحملت أكتاف والدته الأعباء المالية للأسرة.
الوجبة الغذائية التي توجه إلى مدارس رياض الأطفال، عبارة عن عبوة بسكويت، وزنها 50 جرامًا، يحصل عليها الطالب في أيام الدراسة الخمسة. وفي المدارس الابتدائية، يكون نصيب الطالب في اليوم الدراسي الواحد، إما عبوة بسكويت محشوة بالعجوة، وزنها 80 جرامًا، أو فطيرة محشوة بالعجوة، أو عبوة حلاوة طحينية، حسبما أوضح "الوزير" في تصريحاته لبرنامج هنا العاصمة.
تقول زينب نجاح، معلمة الرياضيات بمدرسة الشهيد علي نجم الابتدائية، التي تتبع إدارة المطرية التعليمية، من خلال خبرة كونتها سنوات طويلة في العملية الدراسية، إن هناك أُسر تعتمد على الغذاء المدرسي بديلًا عن وجبة الإفطار، لذلك سبب انقطاعه لعام كامل أزمة لهم، ومن ثم كانت عودته بمثابة الانفراجة.
نفس الأمر تذكره سلوى فاروق، أخصائي الصحة النفسية بمدرسة الإمام علي بن أبي طالب، والتي تشرح الآثر الإيجابي للتغذية المدرسية على نفس الطلاب من أبناء محدودي الدخل.
يتفق بهاء الدين مع ذلك بقوله إن "تطبيق برنامج وطني شامل للتغذية المدرسية على مستوى التعليم الابتدائي هو المشروع القومي العملاق الذى يمكن أن يحدث تغييرًا جذريًا ومستدامًا في صحة الأطفال وتعليمهم كما أنه الأداة الأكثر فاعلية فى منظومة الحماية الاجتماعية".
لكن انتشار أخبار بين حين وآخر، تشير إلى وقوع حالات تسمم جراء تناول الغذاء المدرسي، لا تزال عالقة في أذهان عدد من التلاميذ أو بالأحرى أولياء أمورهم، رغم تأكيد "شوقي" في حديثه مع الحديدي على أن كثيرًا مما أشيع عن حالات التسمم في مارس العام الماضي ليس صحيحًا، واصفًا تلك الأخبار بالمُفتعلة، ومرجعًا سببها إلى كون موعد تجديد عقود شركات التغذية في شهر مارس من كل عام، وهو ما يزيد من التنافس بين الشركات التي تُسند إليها توريد الغذاء.
لا يُنكر وزير التعليم ضعف نظام التغذية المتبع في الوقت الحالي، كما أكد في حديثه على أن إحياء العمل بالنظام الذي اتُبع قديمًا، ما هو إلا أمر مؤقت، حتى ينتهي العام الدراسي الحالي، موضحا أن الوزارة في إطار تثبيط برنامج قومي يُراعي الاختلالات الاجتماعية والصحية في الأعوام القادمة.
على الأرض، كان يجلس زياد عزت، مستندًا بظهره إلى سور مدرسة علي بن أبي طالب، وجهه شاحب، ويده اليسرى تربط على شنطة مدرسية، بينما تمسك يمناه رغيف يحوي الجبن، يلتهم منه مرة تلو الأخرى، بينما يحول نظره بين العابرين في الشارع أمامه، لا يعرف الطالب بالصف الثاني الابتدائي ماهية الإجراءات المتبعة في أروقة الحكومة، ولا حتى جدواها، لكن يحكي ببراءة عن آماله في حياة كريمه له وعائلته، ربما يكون أول الغيث قطرة، وهو أن يحصل على وجبة مدرسية صحية وآمنة.
فيديو قد يعجبك: