حنان حشيش.. قصة سيدة لم تُرزق بأولاد فأبدلها الله بـ"شلة بنات" (فيديو وصور)
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
-
عرض 9 صورة
كتبت- رنا الجميعي وشروق غنيم:
تصوير- حازم جودة:
داخل جمعية "دُنيتنا" في منطقة رشيد بالإسكندرية، تتعدد الأنشطة المُخصصة للمكفوفين، لكن المكان لم يقتصر على كونه جمعية خيرية تُقدم مساعدات مادية واجتماعية، أصبح "بيت" يربط كل من فيه بعلاقة أسرية مع رئيسة مجلس الإدارة، حتى أصبحت تُنادى بـ"أم المكفوفين".
قبل 15 عام عرفت حنان حشيش صاحبة الجمعية طريق التطوّع، ذهبت إلى إحدى الكيانات الخيرية الكُبرى فقدموا لها استمارة تحوي خانات لأنشطة مختلفة، بدون أي سابق خبرة أشارت إلى خانة المكفوفين "كإن هما اللي اختاروني"، لذا منذ عام أسست بنفسها جمعية "دُنيتنا" لمكفوفي الإسكندرية.
تفتّح قلب حنان للمكفوفين، أدركت بالتدريج كيفية التعامل معهم، علمت ما يُزعجهم فابتعدت عنه "مبيحبوش اللي بيبالغ معاهم في المعاملة ويحسسهم بإنهم مختلفين"، كُل ذلك جعل للسيدة الأربعينية مكانة خاصة، وسكنت قلوب الفتيات اللاتي أصبحن أساس جمعية "دنيتنا".
للسيدة فلسفة خاصة حين دخلت دُنيا المكفوفين "العمل العام مش تقديم مساعدات مادية بس، التبرعات لازم تكون إنسانية بمشاعرنا، نقربلهم ونحس بيهم وده اللي عملته حاولت أشوف كل واحدة عندها موهبة إيه وانميها".
عام 2006 قدمت سارة إلى الإسكندرية للدراسة من محافظة البحيرة، رغم أن الفتاة ضعيفة البصر لكنها لم تستسلم، اتخذت قرارها بألا يُوقف مسيرتها شيء، غير أن والدها أصرّ على الاطمئنان عليها برفقة أحد، كانت حنان أوّل شخص تحدثت إليه سارة من المدينة، حينها كانت مُتطوعة لدى إحدى الجمعيات، "قالت لبابا إنها في رقبتي".
منذ ذلك الحين لزمت سارة رُفقة السيدة، غير أنها لم تكن علاقة عادية بين فتاة ضعيفة البصر ومُعاونة لها "أنا لو جالي دور برد وكلمتها الساعة 11 كانت تيجي جري". تمكّنت سارة من السعي خطوات نحو مستقبل مُبشّر، درست سارة بجامعة الإسكندرية ثُم حصلت على دبلومة تخاطب وإعاقات، كانت الكفيفة الأولى على مستوى الشرق الأوسط.
يرجع الفضل في ذلك لحنان كما تقول سارة "كنت بحب أشتغل مع الأطفال وهي لاحظت ده"، عكفت السيدة على الاستفسار عمّا يمكن أن تدرسه الفتاة "وقعدت مع رئيس القسم تقنعه بيا"، شغلت حنان أهمية كبرى بالنسبة لسارة، كذلك كان دعم والدها له الذي تعلّقت به كثيرًا، بعد وفاة الأب صارت حنان هي عِماد حياتها.
حين تزوجت حنان علمت قدرها "مليش نصيب أجيب أولاد"، لم يمسسها الحُزن، تستنكر كيف تتناول السينما ذلك "إن الواحدة تعيط كل ما تشوف طفلة عشان مبتخلفش ده مش حقيقي"، آمنت صاحبة دُنيتنا بقدرها "لما بترضى ربنا بيرزقك ومبتحسش إن فيه حاجة ناقصاك"، لذا كان العوض بالنسبة لها فتيات الجمعية "إحساس الأمومة مش مرتبط بالأطفال بس، لكن الكبير برضه محتاج عناية، والبنات بقوا ولادي".
ذات مرة حكت إحداهن لحنان أن هناك فتاة يتيمة الأب والأم في مدرسة، لم تتردد السيدة وذهبت إليها "خدتها في حُضني قولتلها اعتبريني مامتك وباباكي وأي حاجة تعوزيها قولي لي"، من هنا عرفت أُذن حنان كلمة "ماما" لأول مرة، زلزلت مشاعرها، غمرتها السعادة "كنت حباها منها وحساها قوي".
دون ترتيب وجدت روان أشرف كلمة ماما على لسانها، تذوقت معناها أولًا مع حنان، تقولها دون أية غرابة منذ 10 أعوام، وجدت من السيدة دعمًا هائلًا منها " كنت بكره التدريس بس هي نمّت فيا الحتة دي، رغم إني مكنتش شايفاها"، وتعمل روان الآن مُدرسة للمادة الإنجليزية داخل "دنيتنا".
لا تذكر روان سوى أن حنان بجوارها طيلة الوقت، لم تُواجه الفتاة العشرينية أية أزمة صحية أو مشكلة من دونها "أول حد بيكون جنبي"، تصف رانيا علاقتها بها "زي أي أم وبنتها"، في المنزل حينما ترفع سماعة الهاتف تقول "أيوا يا ماما"، ولا تجد والدتها أية غضاضة في ذلك "هما الاتنين صحاب بتجيلنا البيت وبنروح لها".
في "دُنيتنا" ترنّ كلمة "ماما" أكثر مما يُلفظ أي لقب آخر، "احنا مش مجبورين نقولها"، تقول روان. داخل الكيان تقوم حنان على تنمية مواهب المكفوفيين، كوّنت مركزا للتدخل المُبكر لمتعددي الإعاقة، ورش للحرف اليدوية، معمل كمبيوتر وفريق كورال مكوّن من مكفوفين "نفسي أي كفيف ميبقاش قاعد في بيته، ويختفي من جواهم إحساس إنهم ميقدروش يعملوا حاجة"، تحكي حنان حشيش عن هدفها من تأسيس الجمعية.
رغم استقلالية سارة، تلك الميزة التي اكتسبتها مع الوقت حيث تعيش بمفردها بالإسكندرية منذ 12 عام، غير أن حنان أصبحت الرفيقة الأولى لها في كل ما تحتاج إليه، هي جزء من روتينها اليومي، صار لسارة أُمّان، في البحيرة تسكن الوالدة التي ترعى أربع أخوات آخريات بالإضافة إلى سارة "هي ست بيت متعودتش تخرج، بتدعمني من مكانها، لكن أنا محتاجة حد جنبي هنا".
أصبحت سارة مسئولة عن مركز التدخل المبكر بجمعية "دنيتنا"، بالإضافة إلى دراستها للماجستير، الجمعية هي الكيان الذي جمّع بنات السيدة، والذي لم يكن ليوجد سوى بشعور حنان أن معاونة المكفوفين ليس عمل بحت "هو لو كان شغل مكنش نجح ولا وصلت لأي حاجة".
طالما تعاملت سارة مع أناس يُقدّمون الخير، حيث يراها كثيرون كواحدة من أصحاب الإعاقة، إلا أن تعامل حنان معها مختلف، لا ترى في سلوكها ما يدّل على "إني صعبانة عليها"، بل تشعر كثيرًا أن عطاء حنان دليل على احتياجها هي الأخرى للحب "بحس إن وجودي معاها بيفرحها".
في كل مرة تقترب حنان من عالم الفتيات أكثر، مثلما منحتهن من مشاعرها ووقتها تعلّمت منهن "زمان كنت أخاف من الضلمة جدًا، دلوقتي لما النور بيقطع بقوم وأتحرك في البيت، بفكّر إن ده العالم اللي هما عايشين فيه، فالضلمة مبقتش مجهول بالنسبة لي، وبحّس وقتها إني شبههم".
لا يتوقف هاتف حنان عن الرنين، في أي وقت تستعد إلى مكالمة من بناتها إذا احتجن إلى مساعدة، أو حتى ذهابهن إلى منزلها في أي وقت، تمتن حنان لزوجها بذلك "عمره ما اضايق إن وقتي كله للجمعية، بالعكس دايمًا يساندني في ده لإن بالنسبة له هما كمان ولاده".
بجانب الجمعية التي تضم الفتيات وحنان، يظلّ بيت السيدة مفتوح طيلة الوقت لهن "لو متضايقة بالليل تقولي باتي معايا"، لم تتحمل مسئولية روان أو سارة فقط، بل إنها المسئولة عن رانيا محمد كفيفة البصر مسئولية كاملة، تقول إنها لا تربطها بأسرتها سوى صلة الرحم فقط، لكن تُمثّل حنان المُتحملة كافة شئونها.
"أم المكفوفين".. هو اللقب الذي منحته الفتيات لحنان، يرون أنها بالفعل اسمًا على مسمى "عشان هي بتخدم بقلب"، ومع كل عيد أم يحرصن على الحضور "اللي بيفرحها إننا نبقى حواليها"، تتجمع الفتيات في ذلك اليوم "وكل حد بيجيب هدية عشان هي أم لكل واحدة فينا".
اقرأ ايضا:
تسلم الإيد اللي ربّت (قصة مصورة)
"أم أمل" وبناتها العشر.. 37 سنة "كفاح وأمومة"
"المهمة المستحيلة".. حكاية رحلة نعيمة مع أبنائها الـ8 بعد وفاة زوجها
فيديو قد يعجبك: