السوريون في عيد العمال.. الشقاء يوحد اللهجات
كتبت- مها صلاح الدين:
في أحد شوارع منطقة المهندسين، تنتشر سلسلة محلات ينتهي اسمها بـ "السوري"، تحوي عشرات العمال المصريين والسوريين على حد سواء، لم يحصلوا على أجازة في عيدهم، وفضلوا رفع شعار "العمل عبادة".
هكذا مر عيد العمال على العمال المصريين ومعهم العمالة السورية في مصر، "مصراوي" أمضي بينهم ساعات يستمع منهم، ويرصد حالهم في هذا التقرير.
على ناصية أحد الشوارع المتفرعة من شارع سوريا، تعرفهم من ظهورهم، يرتدون قميصا أبيض، وأمامهم أسياخ الشاورما الشهية، تعلوها لافتة معدنية كبيرة تحمل اسم المطعم الذي ذاع سيطه منذ سنوات، أمامه وبداخله ينتشرون، لا تستطيع أن تفرق بين المصريين والسوريين منهم، سوى من بقايا اللكنة الشامية التي تعلق بألسنتهم.
يقول "زياد" الذي يرتدي زي المطعم الموحد الفلكلوري الطابع، إنه يحب التعامل مع المصريين، ومن زبائنه من أصبح ضمن أصدقائه بعد عامين من العمل بالمطعم، يأتون لاسمه، يلاطفهم بالمزيد من أصابع البطاطس المقلية التي يضيفها إلى طلبهم بكرم ومحبة، فيأتون مرة أخرى ويصافحونه.
بينما "خالد" الذي يحمل الجنسية المصرية يقول إن "المصريين أكتر هنا"، فمنذ أن افتتح المطعم حرصت إدارته على تشغيل الجنسيتين المصرية والسورية على حد سواء، بينما كان ينتشر العمال كخلية النحل في يوم عيدهم داخل المطعم، كان مالكه وإدارته يمضون إجازتهم الرسمية، يثقون أن من بالمطعم من عمال قادرون على تحمل للمسؤولية وأهل للثقة.
في شارع شهاب الموازي، وقف "إياد" وحيدا بين صفوف المفروشات الشامية الطابع داخل محل صغير، يخطو للتو خطواته الأولى في العشرينيات من عمره، بدأ العمل في مسقط رأسه دمشق في الخامسة عشرة من عمره، في الوظيفة نفسها، بائع لدى تجار المفروشات، وحينما أعلنت الحرب عن نفسها، انتقل هو وأسرته إلى مصر، 6 سنوات تنتقل خلالها الشاب الأشقر من عمل لآخر داخل المحروسة، بعد 6 شهور لم يستطع أن يحصل خلالها على عمل.
"أول ما جينا كانت فترة صعبة، لابين (لحين) ما أخدنا عالوضع واتعرفنا عالناس"، يحكي إياد بعبارات اختلطت فيها اللهجتين المصرية والشامية أنه في البداية مكث هو وأسرته في التجمع الأول، حتى تعرفوا على مجموعة من السوريين في مصر، أقنعوهم أن ينتقلوا إلى مدينة السادس من أكتوبر، فانتقلوا إلى هناك، وأخيرا، تمكن من الحصول على عمل، بائع حلوى سورية في شوارع أكتوبر الشاسعة.
وفي طريقه للبحث عن عمل أفضل انتقل إلى محل شهير للملابس يديره مصريون، "كان شغل رائع" هكذا وصف إياد بابتسامة ممتنة، استمر في هذا العمل لما يقرب من عامين، ومن ثم انتقل للعمل مع مجموعة من السوريين كانوا يملكون محلا كبيرا للقهوة، وبعد 6 أشهر فقط، قرروا أن يتركوا مصر ويهاجرون إلى دولة أخرى أوروبية، عرضوا عليه صحبتهم، لم يناسبه ذلك العرض، لم يستطع مغادرة أرض تشبه وطنه، "تقريبا ما في فرق بين مصر وسوريا.. العيش والطبع والعادات والشغل، ما فرق علينا شي".
اللكنة والجو، هو الفارق الوحيد الذي شهده إياد منذ أن جاء إلى مصر، لكنه يعود ليسرد المتشابهات مرة أخرى، فمنذ أن جاء للعمل داخل شارع شهاب، يشعر أنه بحي الصالحية داخل دمشق، منذ 6 أشهر بدأ العمل هنا، لا فرق بين يوم عيد العمال لديه والأيام العادية، "السوريين بيحبوا الشغل" قالها بلهجة مصرية خالصة، واختتم: "لولا إنه صاحب الشغل بيدينا إجازة يوم الجمعة كنا جينا".
جلس زكريا، داخل مقر مطعمه الجديد المتخصص في المأكولات السورية، يتذكر حينما جاء إلى مصر قبل 6 سنوات، كان يعرف ماذا سيفعل جيدا، كان يمتلك سلسلة مطاعم في حلب، ويطمح أن يكمل مسيرته داخل أرض مصر.
بدأ من مطعم صغير في نفس الشارع، ومنذ شهرين فقط، أصبح يمتلك مطعما كبيرا مكونا من طابقين، كتبت عليه كنيته بالخط العريض، لم تقابله فترات عثرة، فقط المشكلات العادية المتعلقة بالروتين والإقامة، أما الآن فالوضع مستقر.
"أغلب إللي شغالين معايا مصريين، السوريين حوالي 5 بس"، يقول "زكريا"، يعمل داخل مطعمه أكثر من 90 مصري، في مقابل 5 سوريين فقط هم رؤساء الأقسام، يبرر ذلك أن أنه لا يوجد وفرة في العمال السوريين بمنطقة المهندسين، ويضيف ضاحكا: "المصري كمان لازم ياكل عيش".
فيديو قد يعجبك: