اكتشفت أقدم مخزن خمور .. قصة باحثة فرنسية عاشت في مصر
كتبت- دعاء الفولي ورنا الجميعي:
تصوير- علاء أحمد:
منذ عامين، كانت بيرنجير رودون، الباحثة الأثرية، تقوم بعملها الاعتيادي في منطقة قريبة من البحر الأحمر، حينما بدأت في استكشاف شيء مختلف؛ رويدًا اتضحت لها الرؤية، لمعت عيناها حينما أدركت أن يديها وقعت على أقدم مخزن للخمور في مصر.
قبل 15 عاما وصلت رودون إلى مصر من فرنسا. انضمت إلى المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، شاركت عدة بعثات استكشافية للآثار القديمة في مناطق مختلفة، ولأن شغفها ارتبط دائمًا بدراسة الآثار اليونانية والإسكندر الأكبر، فقد وجدت ضالتها في مصر.
ثلاث سنوات قضتها الباحثة الفرنسية داخل المعهد الفرنسي، قبل أن تنطلق لرحاب الاستكشافات. كان لديها تخوفات "أهمها عدم مقدرتي على التواصل مع الأثريين المصريين أو العمال في مواقع البحث"، لكنها تغلبت على أزمة التواصل مع الوقت، كما فعلت مع مشكلة اللغة "كان يجب عليّ التأقلم مع الأوضاع المختلفة، والحقيقة أنني وجدت الآخرين لطفاء تجاهي وهو ما سهّل عملي جدا" حسبما تقول رودون.
حينما وصلت الباحثة الفرنسية لمصر، بدأت العمل تحت قيادة "ماري فرانسواز"، وهي إحدى باحثات المعهد في مصر. تنقّلت رودون بين مناطق أثرية مختلفة؛ زارت مدينة إدفو -شمال أسوان- وهناك اكتشفت عدة قصور أثرية ربطت قديمًا بين نهر النيل والبحر الأحمر "كان ذلك تحديدًا في عمق الصحراء، بين مرسى علم وإدفو"، لكن ما أخذ بعقلها حقًا كان موقع "تابوزيريس"، وهي منطقة واقعة قريبًا من البحر المتوسط وقريبًا من بحيرة الماريوت، وتُسمى حاليا "أبوصير".
"تابو زيريس" هي مدينة بُنيت على الطراز اليوناني، لكن الأسرة 26 من المصريين القدماء استولوا عليها فيما بعد. ما زالت رودون تتذكر حالة السعادة التي تعتريها كلما تذهب للموقع الأثري "كل فترة كنا نكتشف شيئًا جديدًا، كان الأمر مثيرًا بشكل كبير"، لم تتأفف السيدة الفرنسية من صعوبة العمل "هذا عملنا ونحن نحبه ونعرف أنه مرهق".
بعثة "تابوزيريس" مدعومة بشكل مباشر من وزارة الخارجية الفرنسية، حسبما تقول الباحثة، فيما توضح أن العمل يواجه صعوبات كالتي يقابلها أي موقع أثري آخر في العالم، لكن ذلك لا ينفي أوقاتًا طيبة تقضيها رودون "خاصة في الطريق إلى المكان الذي يقع على بعد 45 كيلو مترا من الإسكندرية".
سنوات عمل رودون في مصر كانت ثرية. لم تتعلم فيها أشياء مختلفة عن تخصصها فقط "قابلت ثقافات جديدة واستطاعت الاندماج معهم". أما على مستوى العمل، فقد استفادت الباحثة بطبيعة الطقس هُنا "لأن الجو الجاف يجعل الآثار أقل تضررًا، وبالتالي كنا أحيانًا نجد قطعًا كاملة لم تتأثر"، تتذكر رودون حين اكتشفت خندقًا يحوي مخزنًا للخمور "وجدنا المخزن سليمًا تماما، من الأرض وحتى السقف بسبب الطقس"، تقول الباحثة إن تلك الميزة لا تتوافر في بلاد كثيرة.
حُلم رودون كبير. صارت الآن رئيس البعثة المسئولة عن تابوزيريس، لكن المنصب ليس ما تسعى له، إذ تتمنى اكتشاف باقي المدينة بالكامل "حتى الآن وجدنا شُرفة وأجزاء من البيوت"، فيما تطمح أن يُسمح للجمهور يومًا ما برؤية تلك المنطقة الفريدة.
فيديو قد يعجبك: